بعد 52 عامًا على عرضه.. لماذا سخرت الصحف من فيلم "يوميات نائب في الأرياف"
في مثل هذا اليوم 24 فبراير عام 1970 عرض الفيلم العربى ( يوميات نائب فى الأرياف ) الذى كتب قصته الأديب توفيق الحكيم، وهو يعتبر المذكرات الحقيقية للأديب توفيق الحكيم أثناء فترة عمله وكيلا للنيابة فى الأرياف، قبل أن يتجه إلى الكتابة الأدبية وتخليه تماما عن وظيفة وكيل النائب العام بعد تخرجه من كلية الحقوق كتجربة حياتية عاشها بنفسها بما فيها من معاناة.
أخرج الفيلم الذى عرض بسينما ريفولى بعنوان "يوميات نائب فى الأرياف" وهو نفس الاسم الذي أصدر به توفيق الحكيم القصة التي صدرت طبعتها الأولى عام 1937، كتب له، السيناريو والحوار الفريد فرج وأخرجه المخرج الواقعي توفيق صالح وساعده فى الإخراج خيرى بشارة ونادر جلال.
قصة النائب فى الارياف
تدور قصة فيلم “يوميات نائب فى الأرياف” فى عام 1930 حيث يصاب الفلاح قمر الدولة بطلق نارى، وينطق باسم ريم أخت زوجته، وذلك قبل أن يلفظ الروح، ريم هى الشاهدة الحقيقية، يلفت جمالها وكيل النيابة، يقبض عليها، يضطر إلى أن يجعلها تبيت فى منزل المأمور من أجل استكمال التحقيق، لكن المأمور يجذبه جمالها، وفى الليل تهرب دون أن يعرف أحد أن الشيخ عصفور هو الذى دفعها إلى الهرب، فينشغل أهل القرية، ورجال الأمن بها بأمور الانتخابات، وعقب انتهاء الانتخابات يتم اكتشاف جثة ريم طافية على سطح مياه الترعة، التى تتكدس فى قاعها صناديق الاقتراعات التى تلقى بها الإدارة التى تمارس التزوير، ينتشل الأهالى الصناديق أثناء انتشال جثة ريم، يجد وكيل النيابة نفسه أمام موقف لا يحسد عليه، يقرر أن يقدم طلب نقل بعد أن قام بتقييد القضية ضد مجهول خوفا من المسئولية.
يفتتح الأديب توفيق الحكيم روايته "يوميات نائب فى الأرياف" بكلمة قال فيها: لماذا أدون حياتي في يوميات؟ ألأنها حياة هنيئة؟ كلا، فإن صاحب الحياة الهنيئة لا يدونها، إنما يحياها ويعيشها، إني أعيش مع الجريمة في أصفاد واحدة، إنها رفيقي وزوجي أطالع وجهها في كل يوم ولا أستطيع أن أحادثها على إنفراد، هنا في هذه اليوميات أملك الكلام عنها وعن نفسي وعن الكائنات جميعا من حولى، أيتها الصفحات التي لن تنشر، ما أنت إلا نافذة مفتوحة أطلق فيها حريتي في ساعات الضيق والسأم.
ايضا اختتم توفيق الحكيم الفيلم بقوله:: وغمست القلم في المداد وتناولت القضية الأولى وهي قضية "قمر الدولة" ثم كتبت في ذيل المحضر الإشارة المعهودة “تحفظ القضية لعدم معرفة الفاعل”.
هجوم ونقد شديد
واجه فيلم يوميات نائب فى الأرياف عند عرضه رفضا من الرقابة على المصنفات التى منعت العرض وطالبت بحذف 16 مشهدا منه لكى تجيز عرضه، كما واجه نقدا وهجوما شديدا من المسئولين فى الدولة، بحجة أنه ينتقد سياسة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وفى لقاء للأديب توفيق الحكيم مع الرئيس الراحل عبد الناصر شكا إليه تعنت الرقابة مع روايته ومنع عرض الفيلم بعد إنتاجه وطلب منه رؤيته أولا، واقتنع الرئيس الراحل عبد الناصر بموضوع الفيلم وأمر بعرضه الفيلم وقال يكفى انه قصة توفيق الحكيم.
وكانت الشركة المنتجة للفيلم قد فكرت جديا عام 1967 في اختيار مخرج إنجليزي لهذا الفيلم يأتى من بلاد الثلج ليخرج فيلما عن الريف المصرى وهو (يوميات نائب فى الأرياف) وكان تعليق الصحف الذي يحمل السخرية أن الشركة العامة للإنتاج المشترك تفهم أن الإنتاج المشترك معناه أن يكون النائب من مصر والريف والفلاح من إنجلترا.
مجموعة مسرحية
غير أن المشروع تجمد ولم ينتج الفيلم إلا عام 1969 وقام ببطولته مجموعة من نجوم المسرح منهم توفيق الدقن فى دور المأمور، وأحمد الجزيري وسيف الله مختار ومحمود كامل وليلى فهمى وحسن مصطفى، وقام بدور النائب الفنان المسرحى أحمد عبد الحليم.