السوريون في مصر
راجت في الفترة الأخيرة الأخبار عن وجود سوريين في اعتصام رابعة العدوية. وهذا صحيح. وراج أن بعضهم يحمل سلاحا يهاجم به الثوار أو الجيش أو الشرطة. وهذا صحيح. وقد قبض على أحدهم واعترف بأن الإخوان المسلمين أعطوه خمسمائة جنيه وسلاحا ليفعل ذلك. لكن من المهم جدا أن نعرف وضع السوريين في مصر. أقول هذا الكلام لأن البعض بحسن نية راح يهاجمهم وينادي بإخراجهم من مصر أو على الأقل بعدم استقبالهم. ووضع السوريين في مصر هو وضع المضطر. فهؤلاء الناس جميعا لم يكونوا ليتركوا بلادهم لولا التطورات الخطيرة التي لحقت بالثورة.
وهي تطورات لا نعفي النظام السوري منها. فلقد كانت هناك فرصة في البداية أن يستجيب النظام لمطالب الشعب السوري. لكنه تاخر أكثر مما ينبغي خاصة أنه كان يرى الثورات تنتصر حوله. وصار تأخره هذا فرصة للتدخل الخارجي الذي راح يدعم الثوار بالسلاح وبالبشر. ولم يكن مستعدا لهذا الدعم الخارجي أكثر من المتطرفين رافعين شعار الإسلام. وساعد على ذلك ذلك ثأر قديم بين الإخوان المسلمين ونظام البعث، لكن ساعد عليه أكثر انتهاء الربيع العربي إلى الإخوان المسلمين. أخذت الثورة السورية منعطفا خطيرا. وصار التمييز بين الثوار أصحاب الأفكار الإنسانية، الحرية والديمقراطية والمساواة وبين الإرهابيين أمرا صعبا. وانفتحت شهية الإرهابيين إلى سوريا. راح الشعب السوري المسالم ضحية ذلك. وترك أرضه مرغما إلى كثير من البلاد العربية والاحنبية. ملايين تركوا أرضهم وبيوتهم وأعمالهم وتفرقوا في البلاد. ومن ضمن هذه البلاد طبعا مصر التي يربطها بسوريا أكبر تاريخ مشترك بين مصر وغيرها من البلاد العربية. هجرة الشوام إلى مصر تاريخ طويل. في القرن التاسع عشر والعشرين. هاربين من قهر الدولة العثمانية ثم الاستعمار الفرنسي. وكان لهم تأثير عظيم في التجارة والثقافة والفنون وغيرها. وجدوا في مصر بلدا آمنا يحتفي بالغرباء ويفتح لهم الفرص. وبدورهم شاركوا في تعمير هذا البلد مصر وتطويره. لست في حاجة أن أذكر لكم تاريخهم في الثقافة المصرية والعربية. ولا في الصحافة ولا غيرها. لا أحد ينسي أسماء فرح أنطون وشبلي شميل ولا الأخوين تقلا. أما في الفن فحدث ولا حرج عن مئات من الممثلين والمخرجين والموسيقيين والمغنيين الذين أضاءوا بلادنا. والسوريون الذين وفدوا إلينا في محنتهم هذه بينهم قامات كبيرة في الفن والثقافة أيضا وبينهم أغنياء وفقراء. الأغنياء منهم بدءوا في مشروعات تجارية صغيرة وربما هناك أيضا فرصة لمشروعات أكبر إذا استقرت الأمور في مصر. والفقراء منهم يعملون في أعمال تجارية صغيرة. والأكثر فقرا للأسف الشديد لم يجدوا فرصة غير التسول في الشوارع في مشاهد تدمي قلب أي حر. من الطبيعي جدا أن يستطيع الإخوان المسلمين جذب الفقراء إليهم نظير مبالغ تافهة لكنها هي حياتهم إذ لا يمتلكون أي شيء. السوريون الفقراء هؤلاء لا علاقة لهم بالسياسة من قريب أو بعيد لكن الإخوان المسلمين استغلوا فقرهم ليزجوا بهم فيما يحدث في مصر. لا يختلف الأمر عن تجارة العبيد التي يتمني الإخوان المسلمين ومن يساندهم من الإرهابيين إعادتها ليشملوا بها كل الشعوب التي يحكمونها. رأيت أن أكتب هذا الكلام قبل أن يزداد الكلام غير المنصف عن السوريين. وقبل أن تتفشي الدعوات بطردهم أو التخلص منهم. وقبل أن تنتشر الفكرة الضالة التي تقول كيف يتركون بلادهم ليدخلوا عالم السياسة في مصر؟ أيها الناس مهلا ورفقا بالسوريين البسطاء شركاؤنا في التاريخ والمصير على طول التاريخ. روحنا التي ترفرف في الشام. ولا تنسوا جريمة الإخوان المسلمين في استغلال بؤس هذا الشعب الذي كان يعيش جميلا في بلاد جميلة تكالبت عليها كلاب الدنيا. ويا أيها السوريون معذرة عن أي التباس يقع فيه بعض المصريين. فلا يحبكم في الدنيا أحد قدر المصريين الذين نجحوا والحمد لله في إسقاط حكم الطغيان الإخواني وسيكون عملهم هذا إيذانا بسقوط الإخوان في الدنيا كلها بما فيها بلادكم. وستعودون إليها يوما فلا تجدون لا نظاما ديكتاتوريا لحزب البعث ولا ديكتاتورية جديدة يتمني أن يقيمها على أرضكم الإخوان ومن يشاركهم من الإرهابيين.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
نقلا عن جريدة فيتو الأسبوعية
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
نقلا عن جريدة فيتو الأسبوعية