رئيس التحرير
عصام كامل

الدستور الإسلامى الدين لله والوطن لكل المصريين.. إنشاء مجلس أعلى للجهاد يختص بشئون الحرب والسلام دون تطرق لميزانية الجيش.. للمظلوم أخذ حقه بيده والدولة مسئولة عن صيانة الحريات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

في كتابه «بشائر فجر جديد»، عرض المفكر والفقيه الإسلامي المستشار الدكتور على جريشة إعلانا دستوريا إسلاميا، يتضمن ثلاثة نماذج دستورية إسلامية وضعها كل من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في أكتوبر 1977 تطبيقا لتوصية المؤتمر الثامن لمجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الإسلامي العالمي في 10 ديسمبر1983 بإسلام آباد، ونموذج الدكتور مصطفى كمال وصفى نائب رئيس مجلس الدولة في مارس 1980، واتفقت الدساتير الثلاثة على أسس المجتمع ومقومات الحكم وأسس الحريات العامة، فمن ذلك نصهم على أن المسلمين أمة واحدة، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع والإسلام دين الدولة واللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدولة ويذكر التاريخ الهجري في المكاتبات.


كذلك الأسرة أساس المجتمع، وقوامها الدين والأخلاق، وتكفل الدولة دعم الأسرة، وحماية الأمومة، ورعاية الطفولة، وتهيئة الوسائل المحققة لذلك، وأيضا طلب العلم فريضة، والتعليم واجب الدولة والعلماء، والتربية الدينية العملية في جميع الشئون منهاج أساسي في جميع مراحل التعليم.

جريشة، أكد في دستوره الإسلامي أن الحقوق والحريات تكاليف ووظائف اجتماعية تجرى ممارستها وفقا للشريعة الإسلامية، وتراعى فيها أولا خدمة المصالح الشرعية، وعلى المسلمين جميعا إقامة فروض الكفاية، القادر منهم يفعلها وغير القادر بالحض عليها، وتكفل الدولة تمكينهم من إقامتها ولها إجبارهم عليها وإبداء الرأي بما يوافق الشريعة الإسلامية واجب تكفله الدولة وتيسر له كل الوسائل اللازمة ولا التزام برأي الأغلبية فيما يخالف الشريعة الإسلامية.

>>الحرية للجميع

وتكفل الدولة للأفراد كل الحريات التي تسمح بها الشريعة ولا يجوز المساس بها أو تقييدها أو تنظيمها خلافا لما تقتضيه الشريعة وللمظلوم أخذ حقه بيده طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وكل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرية الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات التي تكفلها الشريعة الإسلامية جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية أو المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن يقع علية الاعتداء، وكل ما يخالف الأوامر والنواهي والآداب الإسلامية باطل ومحظور.

وبالنسبة لحرية تكوين الجمعيات، نص الدستور الإسلامي على أنه يحق للمواطنين حق تكوين الجمعيات والنقابات على الوجه المبين في القانون ويحظر منها ما كان نشاطه معاديا لنظام المجتمع أو سريا ذات طابع عسكري أو مخالفا بأى وجه من الوجوه لأحكام الشريعة الإسلامية، هذا بالإضافة إلى أن لغير المسلمين ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية وفى حدودها.

ويقوم الاقتصاد الإسلامي على مبادئ الشريعة الإسلامية، بما يكفل الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ويوجب السعى في الحياة بالفكر والعمل وتحمى الكسب الحلال بالإضافة إلى حرية التجارة والصناعة والزراعة، حيث تضع الدولة خططا للتنمية الاقتصادية حيث تكون جميعها وفقا للشريعة الإسلامية، وينشئ مجلسا يسمى المجلس الاقتصادي الاجتماعي ويشكل من علماء الشريعة وخبراء في المسائل الاقتصادية والاجتماعية ويختص بالمشاركة في اتخاذ القرارات التي تضمن التزام السياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمبادئ التي نص عليها هذا الدستور، بالإضافة إلى تقديم المشورة للحكومة ومجلس الشورى فيما يوضع من خطط اجتماعية واقتصادية وميزانيات، وفى الأمور ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي كما تقاوم الدولة الاحتكار ولا تتدخل في الأسعار إلا للضرورة ويكون واجب الدولة منع السيطرة الاقتصادية الأجنبية.

>>الرئيس والإمام

ويشترط في المرشح لرئاسة الدولة الإسلام والذكورة والبلوغ والعقل والصلاح والعلم بأحكام الشريعة الإسلامية، حيث يلقب «بالإمام» بدلا من رئيس الجمهورية، ويبين القانون طريقة البيعة العامة في اختيار الإمام على أن تتم تحت إشراف القضاء وتكون البيعة بالأغلبية المطلوبة لأصوات المشتركين في البيعة، حيث تكون الإمامة طوال حياة الإمام ما لم يعزل لسبب سائغ شرعا، ويتمتع رئيس الدولة بكل الحقوق التي يتمتع بها المواطنون ويلتزم بما يلتزمون به وتسرى في حقه الأحكام المالية التي يحددها القانون، كما لا تجوز الوصية للإمام أو الوقف عليه أو أقاربه حتى الدرجة الرابعة إلا أن تكون وصية ممن يرثه الإمام، كما لا يجوز له أن يشترى أو يستأجر شيئا من أملاك الدولة أو يبيع أو يؤجر شيئا من أملاكه إليها، بالإضافة إلى مسئولية الإمام عن قيادة جيشه للجهاد وحفظ الثغور وتراب الوطن وإقامة الحدود وعقد المعاهدات بعد إقرارها، حيث تجب له الطاعة وإن خولف في الرأي.

أما القضاء، فهو صاحب الولاية العامة في المنازعات الناشئة عن المعاملات والعقود والضمان وكل ما يتعلق بالملكية والانتفاع والأنكحة وروابط الأسرة والجنايات، سواء بين التجار وغيرهم أو بين السلطة العامة والأفراد ولو في الشئون الدولية والسياسية والحربية وغيرها، ما يعتبر من أعمال الحكم أو السيادة أو من أعمال ملائمة السلطة وتقديرها.

>>القضاء والشريعة

وتصدر الأحكام وتنفذ باسم الله الرحمن الرحيم، ولا يخضع القاضي في قضائه لغير الشريعة الإسلامية، كما تكفل الدولة استقلال القضاء والمساس باستقلاله جريمة ومع ذلك يجوز للإمام أن يجلس للحكم فيما يختص به القضاء، حيث يكون الناس سواسية أمام القضاء ولا يجوز تمييز أحد أو فئة بمحاكم خاصة، ولا يجوز إذلال المحبوس أو إسكاته أو الإساءة إلى كرامته، حيث توقع عقوبات الحدود الشرعية في جرائم القتل والزنا والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة، وتنشأ محكمة دستورية عليا تختص-فضلا عما نص عليه هذا الدستور- بالفصل في مدى مطابقة القوانين واللوائح لأحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الدستور.

ويختار الإمام من يقوم بالشورى والتشريع والرقابة، حيث يكونون من أهل العلم والأمناء ويكون الوزراء والأمراء والولاة من القائمين بالشورى، كما أنه لا يلتزم الإمام باتباع ما يشير به أهل الشورى، ويقوم بأعمال الرقابة على أعمال الإمام والسلطة العامة مجلس يسمى «مجلس الرقابة» حيث تعتمد المحكمة الدستورية أعضاءه، ولا يجوز الجمع بين مجلس الرقابة والشورى أو الوظائف العامة.

وتكون الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة وتتكون الحكومة من رئيس مجلس الوزراء والوزراء ونوابهم، ويشترط أن تحسب أعمارهم بالسنة الهجرية وأن يتمتعوا بالحقوق المدنية والسياسية ولا يجوز للوزير أثناء توليه منصبه أن يزاول مهنة أخرى أو يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو يؤجرها شيئا من أمواله.

>> القسم الرسمي

وتوحدت كلمات القسم التي تؤديها كل من الحكومة ومجلسي الشورى والرقابة أمام الإمام مع اليمين الذي حلفه أعضاء مجلس الشعب الذي يسيطر عليه التيار الإسلامي ليكون »أقسم بالله العظيم على طاعة الله ورسوله وأن أحافظ مخلصا على سلامة الوطن وترابه وعلى النظام الدستورى وأن أرعى مصالح الأمة وأحترم الدستور والقانون وأن أعلى أحكام الشريعة الإسلامية وذلك كله في صدق وشرف وإيمان». 

وتطرق الدستور الإسلامي الذي أقره المجلس الإسلامي العالمي فيما يخص بولاية الجهاد إلى بناء القوات المسلحة وإعدادها، حيث تكون قادرة عددا وعدة على تلبية مطالب الجهاد التي تكون غايته الوحيدة إعلاء كلمة الله في الأرض وذلك من خلال إنشاء «مجلس أعلى للجهاد» يتولى وضع استراتيجية الحرب والسلام وينظم القانون والأحكام ويكون الإمام هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولكن لم يتطرق هذا الدستور إلى شكل الميزانية الخاصة به.
الجريدة الرسمية