•الشريعة الإسلامية جعلت منزلة الشهيد تكريما لمن يدافع عن الوطن
•على الإخوان أن يفيقوا ويعطون أولوية للوطن على الجماعة
•الشريعة الإسلامية حاربت كافة الأشكال التخريبية بالوطن
•إعلاء المصلحة العليا للوطن فريضة دينية
•الجماعة كانت تسير بمصر عكس ما يدعو إليه الدين الإسلامي
•ما فعله الجيش في مصلحة مصر
•المعترضون على فتوى جواز الخروج على الحاكم يبحثون عن مصالحهم الشخصية
•موقف الشيخ الطيب يمثل الوسطية الأزهرية وخروجه مع الجيش يحسب له
حاوره:حسن الخطيب
قال الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إن الانتماء للوطن في ظل هذه الظروف التي تحدث في مصر هو أهم من الانتماء لجماعة معينة وأضاف في حوار لـ"فيتو" أن الانتماء لفصيل معين والعمل على تأجيج الفتنة والقتل والتخريب أمر يرفضه الدين الإسلامي.
وأكد أن القتل والتخريب وإراقة الدماء من أجل مصلحة جماعة معينة لا يمت للإسلام بصلة ومن يرى هذا ويقول بجوازه فهو مخالف للعقيدة الإسلامية ولا يعرف عنها شيئا موضحا أن من يتشدقون عن الحكم بالشريعة الإسلامية لابد أن يوفر حد الكفاف للناس قبل الحديث عن تطبيق الحدود والحوار التالى به المزيد.
- بداية في ظل هذا الصراع المخيف في مصر كيف ترى الانتماء للوطن في الإسلام ؟
أولا لابد أن نعرف أن الانتماء للوطن قيمة إسلامية يجب أن نغلبها على أي انتماءات أخرى والانتماء للوطن مثله مثل الانتماء للدين والإسلام حث المسلمين قرآنا وسنة على حب الوطن والاعتزاز به والدفاع عنه بشتى السبل ولذلك جعل المشرع في الإسلام من يموت وهو يدافع عن وطنه شهيدا فقال تعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، كما اهتم الإسلام بحب الوطن وجعله فوق النفس والمال والأهل وأمر الإسلام الإنسان أن يحفظ نفسه ونفس غيره وجعل التعدي على النفس بالأذى جريمة من الكبائر وصان النفس البشرية، فالنفس في الإسلام مصونة ومقدسة والدماء فيها محرمة ومع ذلك إذا تعارضت مع حب الوطن والدفاع عنه يجب على الإنسان أن يبذل نفسه في سبيل الله وفى سبيل الدفاع عن وطنه، وهذا واضح في قوله تعالى "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم"، ولذلك كان واجب الدفاع عن الوطن هو نفسه الدفاع عن الدين، وهو بمثابة فرض عين على كل مسلم ومسلمة بأن يدافع وينتمى لوطنه.
- ما موقف الشريعة الإسلامية ممن يعطى أولوية انتمائه لتيار معين بدلا من انتمائه لوطنه ويسعى للتخريب وإراقة الدماء؟
الإسلام أوصى بعلاقة الإنسان بوطنه فلا حق لأحد يفوق حق الوطن على الإنسان إلا حق ربه والإسلام أمر الإنسان أن يبذل دمه في سبيل الحفاظ على الوطن والانتماء بصفة عامة ينقسم من ناحية وجوبه إلى الانتماء للدين ثم للوالدين أو الأسرة وهو النسب ثم للوطن ومن ناحية الأهمية يأتى الانتساب للوطن، ثم تتسع الدائرة إلى القومية العربية ثم تتسع الدائرة لتشمل كل أبناء العقيدة الإسلامية فلو سئلت عن هويتى أقول أنا مصرى عربى مسلم أو بحسب الديانة فيأتى الانتماء للوطن في المقدمة، وأنا أرى أنه لا يوجد أي تناقض بين الانتماء للوطن والانتماء للإسلام لأن الإسلام يحفظ الانتماء للوطن لأن الوطن مرتكز لقيم الإسلام، وبالتالى المحافظة على الوطن هو نفسه المحافظة على الإسلام، فحب الوطن يأتى أولا كما يأتى العلم قبل العمل وليست الأولوية أولوية أفضلية بل هي سببية فحماية الوطن سبب لحماية مقومات الدين، والشريعة الإسلامية تدعو إلى الحفاظ على الوطن والانتماء إليه ومن هنا فإن تغليب الانتماء للوطن فرض عين على الناس أما تغليب انتمائه لتيار معين ويعطيه أولوية عن مصلحة الوطن ويقوم بالتخريب وإراقة الماء فهذا مناف للشريعة الإسلامية وحتى أن الفطرة الإنسانية تأباها.
- كيف نعرف للناس الذين يعطون أولوية لجماعة عن انتمائهم لوطنهم أن الانتماء للوطن أفضل عند الله من انتمائهم لجماعة؟
حب الوطن والانتماء له ليس فقط من الإيمان، بل من الفطرة السليمة، ولو عرف هؤلاء كيف يحبون وطنهم كما يحبون جماعتهم فسوف يحافظون عليه ويجب عليهم أن يروا ما فيه مصلحة الوطن ولا يفرضون رأيهم على جموع الشعب فهم ليسوا بأكثرية كما في الشعب فلابد أن يغلبوا مصلحة الوطن وأن يفيقوا من غياب عقولهم ويرون ما يقتضيه الإسلام من إعطاء أولوية للوطن على الجماعة فالإسلام بريء كل البراءة من العنف والقتل وإراقة الدماء من أجل مصالح أفراد عن مصالح الجماعة.
- ما دور الأزهر والمؤسسات الدينية في توضيح أن الانتماء للوطن أفضل من الانتماء للجماعة؟
على المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر أن تدعم حب الوطن وحب الانتماء له وتأكيدها وإدراجها للمعنى وتوضيح أن حب الانتماء للوطن والدفاع عنه هو فرض عين إذا تطلب الأمر وواجب دينى ومن هنا يمكن أن يدرك الجيل الجديد أن حب الوطن في الإسلام ليس مجرد شعور إنساني يقتصر على ميل القلب من دون أن يكون هناك سلوك ولو أردنا أن نقيس حب الوطن في الإسلام بمعايير العطاء نجد أنه يتفوق على حب النفس والمال ويتجاوز حب الأهل والولد.
- هناك بعض الدعوات التي تدعو إلى التخريب بالوطن من أجل مصلحة جماعة معينة ما موقف الشريعة الإسلامية منها؟
موقف الشريعة الإسلامية واضح تماما من هؤلاء فلا يوجد أي دين يأمر بهذا ولا يوجد أي عقيدة تأمر بأن يكون التخريب أو القتل أو النهب أو الغصب هو السبيل الذي تنهجه من أجل تحقيق مصلحة، فالشريعة الإسلامية حاربت كافة الأشكال التخريبية وحاربت كافة الأمور التي تدخل في إطار التخريب بالوطن فإعلاء المصلحة العليا للوطن هي فريضة دينية.
- هناك من يرى أن الحل في إصلاح أمر الوطن يتمثل في إمكانية تطبيق الحدود الشرعية في المجتمع فهل يمكن تطبيقها فعليا في الوقت الحالى حتى بعد سقوط حكمهم باسم الدين؟
الواقع الحالى والمجتمع المصرى غير مهيأ تماما لفكرة تطبيق الحدود الشرعية، وإذا ما تم تطبيقها فلابد من تقنينها بأن يتم وضع القوانين التي تنظم تطبيق الحدود الشرعية كحد المحارب وحد السارق والزانى والقاذف وان يتم تطبيقها بناءً على شروطها التي وضعتها الشريعة الإسلامية ولا تترك لأحد يقوم بها، ولابد للقضاء أن يقول كلمته فيها بأن تحل محل الأحكام الحالية بدلا من السجن، لكن أرى أن من يثيرون قضية تطبيق الحدود في الوقت الحالى يستهدفون استدرار منافع سياسية من أجل حشد الناس في صفوفهم، ولابد أن نعرف أن الإسلام والشريعة الإسلامية لم تفرض تلك العقوبات إلا للردع وليس للعقاب بأن تطبق على الناس بدون شروط لأن الإسلام لا يقرر العقوبات بشكل جزافى وللشريعة الإسلامية نظرة تختلف عن أوجه النظر الأخرى في مسألة تطبيق الحدود وعاش فيها المجتمع الإسلامي في عهد الرسول والخلفاء الراشدين والتابعين في ظل هذه الحدود الإسلامية وكانت نسبة الجريمة من سرقه وزنا وشرب خمر قليلة ليست كالوقت الحالى، وعندما يقرر الإسلام تطبيق حد على أحد بسبب جريمة ارتكبها إنما هي للردع ولكنه لا يطبقها إلا بعد أن يتم التأكيد من أنه قام بها بغية الجريمة وإلا لما كان عمر بن الخطاب أوقف حد السرقة في عام الرمادة، وحتى إقامة الحد نفسه فرض فيها حد معين للقطع ولم يترك المشرع في الشريعة الإسلامية تطبيق الحدود بدون شروط طبقا للأهواء وهذا يسير في كافة الحدود الأخرى كحد الزنا والحرابة وغيرها من الحدود، وهناك حديث للرسول الكريم يؤكد على أن الحدود لا تؤتى إلا في نهاية المطاف حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم مخرجا لمسلم فخلوا سبيله فإن الإمام يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"، وفى هذا الحديث تأكيد على أن الحدود لا تطبق إلا في نهاية المطاف ولنا في قصة ماعز الذي زنا وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم وآخره الرسول وتلمس له الأعذار حتى تأكد من ذلك فلا يجب أن تترك هواء للنفوس.
- ماهى الشروط التي وضعتها الشريعة الإسلامية لتطبيق الحدود؟
لكل حد من الحدود وضعت الشريعة الإسلامية شروط له لكنها اتفقت في أولوياتها الهامة بأنها لم تجعلها في يد أحد دون العودة إلى الشريعة نفسها، ففى الزنا مثلا وضعت شروط رحمة بالناس واهمها أن يرى اربعة شهود الزنا رؤية المرود في الكحل وهذا بالطبع يستحيل الا في حالات نادرة جدا كما أن هؤلاء الشهداء لابد أن تتوافر فيهم أيضا شروط، كما أنه جعل عقوبة الزانى مشروطة بكونة محصن أو غير محصن، وفى حد السرقة وضعت الشريعة شروط فلو كان جائعا وسرق مايسد جوعه لايقام عليه الحد، ولذلك اقول أنه قبل المطالبة بتطبيق الحدود لابد من العمل على اعطاء الحقوق كل حق لذى حقه حتى يمكن تحقيق العدل في المجتمع، ولابد بالمعنى الفقهى من سد الذرائع التي تؤدى للجريمة والإسلام لايطبق الشريعة في وقت الضيق أو في الظلم على الناس لابد من أن يعم العدل على الجميع ثم نطبق الحدود ولو نظرنا لتلك الشروط لوجدنا أن كلها شروط يصعب التحقق منها رحمة بالعباد، ولذلك فإن الأحكام التعذيرية الأخرى كالسجن هي الملاذ الوحيد للحاكم في عدم توافر الشروط.
- سياسة الشريعة الإسلامية في تشريع الحدود هي الوقاية للمجتمع فكيف تتم الوقاية في تطبيقها؟
الشريعة الإسلامية نظرت إلى الحدود نظرة ثاقبة ومتكاملة فقبل النظر لتطبيق الحدود لابد النظر للمجتمع وللظروف التي أدت إلى وقوع هذه الجريمة ومن ثم يحدد بعدها مدى تطبيق الحد وجعلت الشريعة الإسلامية الحد يسقط بالشبهة فلو أنكر مثلا السارق السرقة سقط الحد أو وجد مبررا من المبررات أيضا سقط الحد وللحاكم أو القاضى أن يحكم إما بالبراءة أو عقوبة تعزيرية كالسجن ومن أجل معرفة أن الحدود وضعت للوقاية لابد أن نعرف أن حد السرقة على مدى عهد الرسول والخلفاء الراشدين والتابعين لم يتم سوى ست مرات فقط.
- برؤيتك في أي طريق تسير فيه مصر الآن في ظل هذا التصارع المرتدى لعباءة التدين؟
الحقيقة أرى أن مصر تسير في طريق غير معلومة وستنتهى بشكل غير معلوم فلا توجد تجربة سابقة لأى دولة يمكن قياس ما يحدث في مصر عليه، فما تسير فيه مصر هي تجربة غريبة وتستدرج مصر إلى الانشطار والفرقة والكره بين أبنائها مع أن مقصود الدين هو أن يعتصم الناس بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا وأن يتوحدوا، والحقيقة أن مصر لو بقيت على ما كانت فيه لأصبحت في طريقها تسير عكس ما يدعو إليه الدين الإسلامي وما فعله الجيش جاء في مصلحة مصر بكل تأكيد.
- أدان البعض موقف شيخ الأزهر منذ فتواه بجواز الخروج عن الحاكم وحتى بيانه الأخير بعمل مصالحة وطنية فما هي رؤية الأزهر ؟
الحقيقة وبكل أسف من يعترض على فتوى الإمام الأكبر شيخ الأزهر التي أطلقها عن جواز الخروج على الحاكم فهو يبحث عن مصالحه الشخصية فقط وأنا اعتبر أن فتوى الإمام الأكبر هي فتوى تاريخية بكل المقاييس، لأنها تصحح عثرة في الدين لو استقرت في يقين الناس ستؤدى إلى ضياع قيام الدين والحقيقة أن فضيلة الإمام الأكبر وضع الأزهر الشريف على طريق وجادة الصواب بان بين الحكم الشرعى في أمر هام يخص المجتمع ولم يحابى تيارا أو نظاما وهذه هي الوسطية الأزهرية التي ينشدها المجتمع المصرى والإسلامى بصفة عامة ودوره في الثورة وخروجه مع الجيش دور يحسب له، فقد ساند الثورة الشعبية التي خرج فيها جموع الشعب ودوره في المصالحة الوطنية فهذا دور كبير وكل ما قام به هو من صميم اختصاص الأزهر لأنه في النهاية الأزهر مؤسسة وطنية وإسلامية وشيخها عالم جليل وهو رمز للمسلمين والإسلام.