إيهاب الديك يكتب: أزمة الأطباء تنتهي بوقف زحف الطيور المهاجرة
تعد قضية هجرة وزحف الطبيب المصري للخارج شائكة ومعقدة، وتحتاج إلي دراسة جادة وإرادة حقيقية لمعالجتها بعيدا عن الوعود والوفود، ويجب أن تكون أهم القضايا التي ترفض التأجيل والتسويف باعتبارها قضية أمن قومي يرتبط بالخدمات الصحية المقدمة للمواطن فلا دولة بدون خدمات صحية حقيقية.
بمطالعة الإحصائيات الرسمية الصادرة من نقابة الأطباء المصرية، خلال الفترات الماضية، أوضحت فيه أن عدد الأطباء البشريين الحاصلين على ترخيص مزاولة مهنة والمقيدين بجداولها يتجاوز ٢٥٠ ألف طبيب.. يعمل منهم بوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة حوالي ٨٢ ألف طبيب بنسبة ٣٨٪.. مما يعني وجود ٦٢٪من الأطباء متسربون من المنظومة الطبية؛ إما بسبب السفر أو العمل في الخارج، وربما الاستقالة لتحسين الدخل، وإن كانت هناك إحصائيات غير رسمية تقدر عددهم بـ٣٥٠ ألف طبيب منهم ٢٠٠ ألف على الأقل خارج البلاد.
٩٠ ساعة عمل
وأكدت الإحصائيات ان الطبيب المصري يعمل بواقع ٩٠ ساعة عمل أسبوعيا للطبيب بالمستشفيات الجامعية و٨٠٠ مواطن لكل طبيب في مصر بينما الاحصائيات العالميه ٢٠٠ مواطن لكل طبيب.
تدني أجور الأطباء يعد أحد أهم عوامل الطرد من بيئة العمل في مصر مقابل عوامل جذب أخرى في الدول الاوروبيه والعربيه فالطبيب الشاب لا يستطيع توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة إلا إذا عمل في عدة أماكن في نفس الوقت بجانب عمله الحكومي؛ مما يجد صعوبة في التوفيق بين جهة عمله ودوره في التعليم المستمر والمنتظم، وهو ما تتطلبه ممارسة مهنته.
التعرض المباشر للعدوى
أيضا الطبيب يعاني خلال ساعات عمله الشاقة من الأخطار مثل التعرض المباشر للعدوى والاعتداء المتكرر وتحميله في بعض الأحيان نقص المستلزمات والخدمات المتردية، فضلا عن سوء إقامة الاطباء بالمستشفيات.
إن تزايد حالات الاعتداء على الأطباء مع عدم وجود قوانين رادعة يتطلب تعديلًا تشريعيًّا سريعًا يضمن أداء أعمالهم بكل حيدة وتجرد.
إرهاب الأطباء
لا يعقل أن يتم محاسبة الطبيب على أخطاء طبية بموجب قوانين العقوبات التي قد تغل يد الطبيب في سابقة لم تعمل بها دوله في العالم، بينما تتخذ جميع دول العالم قوانين "المحاسبة الطبية" بعيدا عن إرهاب الأطباء.
ربما خلال العامين الأخيرين رأينا اهتمامًا رئاسيًّا لإنصاف الأطباء من خلال توجيه رئيس الجمهوريه بتوفير درجات مالية لتعيينات المعيدين الأطباء بالمستشفيات الجامعية والتعليمية وزياده بدل العدوى واخيرا زيادة مرتبات أطباء الامتياز وأعضاء هيئة التدريس إلا أن الطريق مازال طويلا.
إرادة حقيقية
الخلاصة أن الحفاظ على ثروتنا من الأطباء المصريين يحتاج إلى إرادة حقيقية في دولة جديدة تشجع العلم والعلماء وتقدر الأطباء.. إقرار المزيد من الحوافز التشجيعية، وزيادة المرتبات وبدل العدوى والنوبتجيات وتحقيق الاستقرار المادي وإضافة المزيد من القوانين التي تضمن الحماية اللازمة أثناء ممارستهم لأعمالهم والمحاسبة، وفق قانون "المسؤولية الطبية"، وليس قانون العقوبات والعمل حتى قبل الحصول على الماجستير الذي ربما يستغرق سنوات مع مزيد من التعليم المستمر، ربما تكون بداية توطين الطبيب المصري.
رسالة أمل
رسالة أمل لرئيس الجمهورية بالنظر لملف هجرة الأطباء والدعوة لدراسة الأسباب والحلول، لعلنا نجد أمامنا حلولا واقعية تساعد على عودة الطيور المهاجرة لحضن الوطن الذي يحتاج لجهودهم، أو على الأقل وقف زحف بقية طيور الجنة نحو الهجرة خارج الوطن، ونعلم أنها ستلقى العناية اللازمة.