خالد سالم يكتب: فاروق شوشة.. فارس الشعر وعاشق العربية.. صاحب العنوان الأشهر "لغتنا الجميلة"
ارتبط الملايين بوقع صوته الرخيم، وهو ينساب كشذرات الذهب، عبر أثير البرنامج العام، قائلا: "لغتنا الجميلة"، عنوان أحد أشهر برامج الإذاعة المصرية التي ارتبطت باسم الشاعر فاروق شوشة.
إنه الإذاعي الكبير، والأديب الراحل، فاروق شوشة، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، وصاحب أشهر البرامج الإذاعية التى تغنت باللغة العربية، منذ بداية ستينيات القرن الماضى، ومقدم البرنامج الإذاعى الشهير "لغتنا الجميلة"، والأمين العام الأسبق لمجمع اللغة العربية في مصر، ورئيس لجنة النصوص بالإذاعة والتلفزيون المصري، وعضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة سابقا.
قرية الشعراء
وُلد شوشة بمحافظة دمياط، وكان له نصيب كبير من اسم قرية مولده.. "قرية الشعراء".. التي تربى وحفظ بها القرآن الكريم كاملا حتى بلغ العاشرة من عمره، تمرس على حب اللغة العربية، وذاق وقعها على القلب، فسخر لها مشروعه الأدبي والمهني، وصار أحد كبار شعرائها وقاماتها على مدار عمره الذي بدأ في 9 يناير 1936.
وأتم دراسته في دمياط وتخرج فى كلية دار العلوم 1956.
حصل على دبلوم كلية التربية بجامعة عين شمس عام 1957.. وعمل بالتدريس عقب تخرجه في مدرسة النقراشي النموذجية عام 1957.
كان شوشة فى أيام رمضان يسمع فى المقاهى لشعراء الربابة والسير الشعبية، وكان هذا هو التأثر الأول، حيث قاده إلى قراءات مبكرة في السير الشعبية، والبحث في أصولها.
وفسر اسم قريته، بالقول: "يرجع اسم القرية إلى الحروب الصليبية، وقتها كانت دمياط مدخلًا رئيسيًا لجيوش الفرنجة، وفي موقع قريته كان يعسكر شعراء الربابة لإثارة حماس الجنود".
كان أول من سن لائحة للأجور المتميزة بالنسبة للإذاعيين في "الإذاعة المصرية".
عمل أستاذا للأدب بالجامعة الأمريكية، وكان عضوا بمجمع اللغة العربية فى مصر، وعضوا بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيسا للجنتى النصوص باتحاد "الإذاعة والتليفزيون".
تتلمذ على يديه عدد كبير من الإذاعيين وقيادات الإذاعة المصرية حاليا.
امتلك شوشة ناصية الشعر، واعتمد على ملكته وبيانه ورهافته لإنجاز دواوين شعرية رائعة، منها: "إلى مسافرة"، 1966، "العيون المحترقة" 1972، "لؤلؤة في القلب" 1973، "في انتظار ما لا يجيء"1979، "الدائرة المحكمة "1983، "الأعمال الشعرية" 1985، "لغة من دم العاشقين" 1986، "يقول الدم العربي"، 1988، "سيدة الماء" 1994، "وقت لاقتناص الوقت"، 1997، "الجميلة تنزل إلى النهر"، 2002.
أمسية ثقافية
وفي عام 1977 قدم أول برنامج تليفزيونى له بعنوان "أمسية ثقافية"، والذي قام فيه بتوثيق السيرة الذاتية لعدد كبير من الشعراء والأدباء في مصر مثل توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، عبد الرحمن الأبنودى، يوسف إدريس، وبرنامجي "دنيا ودين"، "صور شعرية".
حصل برنامجه "لغتنا الجميلة" علي الجائزة الأولي في مهرجان الإذاعة عام 1979، وحصل على جائزة كفافيس العالمية عام 1991، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1997، وكانت آخر هذه الجوائز "جائزة النيل في الآداب" عام 2016.
لغتنا الجميلة
كان الراحل يؤمن أن "اللغة العربية ستظل جميلة، ولن يزيدها توالي القرون، وكذلك التحديات إلا مزيدًا من تعلق أهلها بها، بل واتساع وتيرة انتشارها، بفضل ثرائها وامتلاكها المقومات الحقيقية للجمال"، وظل يقين شوشة رفيقا له حتى رحيله عن عالمنا في 14 أكتوبر تشرين الأول عام 2016 بقرية الشعراء، موطن مولده بمحافظة دمياط، وظل هذا اليقين موصولا في سيرته التي تركها، وفي ذاكرة محبيه وقرائه في العالم العربي، مخلدا اسمه مقرونا بما أحب"اللغة العربية" و"الجمال".