الجورنالجي ينفي عن نفسه فكرة الصحفي الأوحد
من الاتهامات التى وجهت لـ محمد حسنين هيكل أنه كان الصحفي الأوحد لدى السلطة وذلك لقربه من صناع القرار بحكم صداقته للرئيس جمال عبد الناصر، وحاول الأستاذ الجورنالجيـ كما كان يلقب ـ أن ينفس عن نفسه هذا الاتهام بكلمات كثيرة قالها ومقالات كتبها منها ما كتب:
عرفت جمال عبد الناصر.. نعم، وتشرفت بصداقته نعم.. صداقة طبيعية بين رجل تاريخي نادر وبين صحفي وكاتب عاش في عصره.. هي ظاهرة حدثت وتحدث في الدنيا كلها، وهناك اكذوبة تقول إني الصحفي الأوحد، هي أكذوبة لأني وانا في العشرينات من عمري وقبل عبد الناصر كنت أحد رؤساء التحرير في صحف أخبار اليوم.
تذكرون أني لم أصنع سجلي الصحفي بالجلوس على المكاتب أو الوقوف على أبواب الوزارات إنما صنعته بالبحث عن المتاعب في كل ميادين القتال والحروب وبالقرب من وهج الحريق والثورات.
وأضاف الجورنالجي محمد حسنين هيكل: تذكرون أني قبل الثورة حصلت على جائزة فاروق الأول للصحفيين الشبان ثلاث سنوات متعاقبة عن مجموعة تحقيقات عن وباء الكوليرا في مصر، ثم عن حرب فلسطين، والثالثة عن الحرب الأهلية في اليونان.
مستشار الرئيس
تركت مكاني في الأهرام بعد 17 عاما رئيسا لتحريره في الأول من فبراير عام 1974 بقرار من السادات كنت أتقاضى خمسة آلاف جنيه في السنة، ولم يزد هذا المبلغ مليما حتى خرجت بل انتقصت منه الضرائب واستقطاعات المعاش، واعتذرت عن منصب مستشار الأمن القومي ونائب رئيس الوزراء بعد أن عرضهما السادات علي والعمل كمستشار للرئيس.
اتهام مباشر
بعد سنوات أعلن السادات أمام كاميرات التليفزيون عام 1981 ووجه اتهاما مباشرا لى بأنى لم أعد صحفيا بل أصبحت سياسيا وعلي أن أترك الصحافة إلى السياسة، وليس من حقى كصحفى أن أناقض القرار السياسي، فتلك مسئولية الرئاسة، لم يكتف السادات بذلك بل تم وضعى في السجن ضمن اعتقالات سبتمبر 1981 التي طالت الكثير من المعارضين.
رفضت وقلت: إنني استعملت حقي في التعبير عن رأيي، ثم أن الرئيس أنور السادات استعمل سلطته، وسلطة الرئيس قد تخول له أن يقول لى اترك الأهرام، لكن هذه السلطة لا تخول له أن يحدد أين أذهب بعد ذلك؟ القرار الأول يملكه هو وحده، والقرار الثانى أملكه أنا وحدي.
عداء السادات
أنا حتى هذه اللحظة لا أعرف لماذا ضاق بى السادات إلى هذا الحد.. هذا سر ما زلت أحاول تقصيه، ويمكن أن أقول أن أكبر فشل صحفى في حياتى هو عدم معرفتي بهذا السر، أنا أعتبر نفسى صحفيا مش بطال، لكن باعتبر نفسى مخبرا صحفيا قبل أي شيء آخر..لكن هذه القصة لم أستطع استجلاء غوامضها حتى هذه اللحظة.
جربت حظي في نشر الكتب فأصدرت كتاب (وثائق القاهرة ) بعيدا عن مصر ونشره لي اللورد هارتويل صاحب مجموعة صحف التلجراف وبيع لــ21 ناشرا في العالم وتوالت الكتب، فالكتاب الثاني عن حرب 1967 والثالث عن الطريق إلى رمضان، ثم أبو الهول والقوميسير، ثم كتاب الثورة الإيرانية الذي كتبته من طهران، ثم خريف الغضب وهكذا..
فى النهاية أقول بتواضع وبخجل حقيقي من نفسي ومن الناس.. إنها تجربة حياة.. إنها حياة صحفي بدأ قبل عبد الناصر واستمر بعد عبد الناصر وبالتالي فترة حكم عبد الناصر لم تكن فيها استثناءات إنما كانت خط سير طبيعيا بين ما كان قبله وما جاء بعده.
الصحفي الحقيقي
وأخيرا.. فالصحفي ليس سياسيا لكنه قوة سياسية مؤثرة.. الصحفي لا ينفصل عن صانع القرار، ولكن المهم ألا يكون أداة في يده، صاحب الحوار الحقيقى هو صاحب السؤال وليس صاحب الجواب.