انقلاب.. الدنيا الجديدة
لم تكن حركات ما يسمى بالربيع العربى بدءا من إرهاصاتها في عام ٢٠٠٥ حركات سياسية وفقط، بل هى رياح تغيير سياسية واقتصادية واجتماعية وتعبير عن تراكم ضغوط وهموم انسانية واختلالات معيشية عجزت كل إدارات الشعوب وعصا التوجيه الدولية الغاشمة من مقرها فى صندوق النقد والبنك الدولي في إيجاد حلول شافية لمواجهتها.. ورغم أن رياح الرغبة في التغيير كانت عاتية ومحركات التوجيه من القوى الكبرى كانت تحفزها لتحقيق أهداف باطنية مسمومة إلا أن الجميع فشل في تحقيق أهدافه وتوقف فجأة ليعيد حساباته ولكن الساحة لم تعد كما كانت ولا الناس عادت لما كانت وتغير وجه الحياة إلى الأبد.
عالم الفواتير
في بلادنا يتساءل الناس في البيت، والشارع، وفى العمل ماذا حدث؟ كل شيئ تغير، طعم الأشياء بقى مر، لون الاشياء تغير، حتى الوجوه أصبحت باهته بلا معنى، قيمة ووزن كل شيئ أصبح بلا ثمن.. الحديث بين الناس في الهموم والأحلام والطموحات أصبح يقابل بصمت رهيب كما المريض الذى فقد أى فرصة للنجاة والعلاج..
وجه الحياة تغير وتوارت أحلام الناس تحت عجلات التغيير التى انطلقت نحو عالم الفواتير وفكرة "ودعه يعمل، دعه يمر بس يدفع مقدما" إنها يا أصدقاء الدنيا الجديدة وعالم الكونية والقرية الصغيرة التى يديرها الشيطان الأكبر من كرسيه في المكان البعيد ضد الحياة التى كنا نعرفها وباتت الآن خبرا من الماضى.
الناس أصبحت تأنس الحزن والموت، ومن يصحو أو يمسى ولا يجد له قريب مات صباحا أو مساء يستدعى ذكرى عزيز مات من سنين طويلة عله يسمع صوت يحنو أو يد تربت على كتفيه وتذكره أنه ما زال يعيش..
لم تعد الشكوى بين الناس عن ضيق الحال ولا تقطع صلات الأرحام أو سوء الأخلاق في كل التعاملات بينهم إنما كل ذلك والأهم حزن عميق تسرب وسكن في الأعماق لدى الكبار وحبس الأحلام والطموحات لدى الصغار وتغير معه كل شيء فلم يعد نجاح يبهرهم إلا قليلا ولم تعد منحة أو علاوة تجفف آلامهم أو تسد رمق شكواهم ولم يتبقى إلا السؤال، إلى متى يستمر هذا الحال ورهان الصبر سينفذ حتما.. إذا الصرخة المدوية قادمة لا محالة فهل من مدكر..