رئيس التحرير
عصام كامل

ميونخ العصر.. ساويرس يتوقع تكرار صفقة «تشامبرلين وهتلر» في أوكرانيا

اتفاقية ميونخ
اتفاقية ميونخ

توقع رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس، تكرار «صفقة الترضية» التي وقعت بين رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، نيفيل تشامبرلين، والزعيم الألماني أدولف هتلر، في الأزمة القائمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا.

 

صفقة تشامبرلين وهتلر

جاء توقع بتكرار تشامبرلين وهتلر، في سياق تعليقه على خبر نشرته وكالة «رويترز» مفاده تراجع أوكرانيا عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» كتنازل للجانب الروسي بهدف إبعاد شبح الحرب، وقال نجيب ساويرس في تعليقه على تلك الأنباء: «هذا ما حاول تشامبرلين فعله مع هتلر في تشيكوسلوفاكيا ولم يمنع هتلر من الغزو.. للأسف لا أرى أي حل آخر.. على أي حال مع الموقف الأمريكي المعلن حول عدم القتال من أجل أوكرانيا، وتبنيها العقوبات! فما الفائدة أن تكون عضوًا في الناتو؟

 

ورغم تبني الإعلام الغربي الحرب الوشيكة وتحديد موعد الغزو بسذاجة، بدأت ملامح صفقة ترضية تتكشف بهدف نزع فتيل الأزمة، ويبدو أن العواصم الغربية باتت راضية وقانعة بها خشية دخول معركة طاحنة غير محمودة العواقب لبلاد واقعة على الطرف الشرقى للقارة، وتخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن المساندة وظهر جليًّا رغبة واشنطن، في ترك ساحة الحرب بين أطراف الأزمة واختارات البقاء في وضيعة المراقب.

 

روسيا وأوكرانيا

والأزمة القائمة حاليًّا بين موسكو والعواصم الغربية حول كييف، شبيهة لحد كبير بما حدث قبل حوالي 9 عقود وتحديدًا عام 1938 عندما وقعت اتفاقية أو كما تعرف معاهدة ميونخ، بين ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا.. وكانت بمثابة تسوية تسمح بضم ألمانيا النازية لمنطقة «السوديت» التابعة لـ تشيكوسلوفاكيا والتي يعيش فيها مواطنون ناطقون بالألمانية في محاولة لاحتواء هتلر وتجنب اندلاع حرب عالمية أخرى.

قادة أوروبا مع هتلر خلال توقيع اتفاقية ميونخ

وقتها وقع رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين في ميونيخ على وثيقة سمحت لألمانيا باقتطاع قسم ضخم من تشيكوسلوفاكيا. وفي وقت لاحق اعتُـبِرت "اتفاقية ميونيخ" هذه بمنزلة خيانة للبلد الذي وصفه تشامبرلين: "بالبلد البعيد الذي لا نعرف عنه إلا القليل". بيد أن هذا لم يكن رأي العديد من الناس في ذلك الوقت.

 

الحرب خيار زائد 

ويرى الكاتب الهولندي، إيان بوروما، في مقال سابق له نشر عام 2008، تحت عنوان « ميونيخ والدرس الخطـأ» أن بلدان أوروبا الغربية خرجت من الحرب العالمية الثانية باستنتاجات كانت أقرب إلى فِكر تشامبرلين في العام 1938 منها إلى فِكر تشرشل. فبعد حربين مأساويتين قرر الأوروبيون إنشاء المؤسسات القادرة على تحويل خيار الحرب إلى خيار زائد عن الحاجة ولا ضرورة له. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الدبلوماسية والتسوية والسيادة المشتركة تشكل القاعدة، أما النـزعة القومية الرومانسية القائمة على القدرة العسكرية الفائقة فقد تحولت إلى شيء من الماضي.

حالة تأهب فى أوكرانيا

ملامح الصفقة بدأت تتكشف بعد حديث هاتفي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، عقبه حركات من قادة بريطانيا وألمانيا، وجاءت المفاجأة اليوم، في إعلان مجلس الدوما الروسي، أن المجلس سيبحث غدًا مشروعي قرارين بشأن التوجه للرئيس فلاديمير بوتين بطلب الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.

 

وشدد رئيس مجلس الدوما الروسي وفق ما نقلت شبكة «روسيا اليوم»، على أن هذه القضية في غاية الخطورة والأهمية، مشيرا إلى أن قيام واشنطن بتصعيد التوتر وتزويد أوكرانيا بالأسلحة بالتعاون مع الدول الأوروبية، إضافة إلى استمرار كييف في عدم الامتثال لاتفاقيات مينسك، كل هذا يشكل تهديدات ومخاطر على حياة مواطنينا القاطنين في جمهورية دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.

وكانت مقاطعتا دونيتسك ولوغانسك الأوكرانية أعلنتا استقلالهما في 2014 على خلفية رفض سكانهما نتائج الانقلاب الذي نفذته القوى القومية المتشددة في كييف في فبراير من نفس العام.

 

والأسبوع الماضي، اعتبرت الرئاسة الأوكرانية، أن فرص إيجاد "حل دبلوماسي" للأزمة مع روسيا أكبر بكثير من التصعيد العسكري.

بايدن وبوتين

لم تتوقف إدارة بايدن في الأسابيع الماضية عن تسريب تقديراتها الاستخباراتية المتعلقة بالأزمة الأوكرانية للعديد من وسائل الإعلام الأمريكية؛ بهدف زيادة تحذير أوكرانيا ودول أوروبا الشرقية من الخطر الذي تمثله روسيا، سواء عبر الكشف عن عمليات حشد القوات على حدود أوكرانيا أو الزعم بأن موسكو ستقوم بهجوم مزيف على قواتها لكي تبرر غزو جارتها.

 

في المقابل ينفي الروس النية لغزو أوكرانيا، وربما فارق الآلة الإعلامية المتفوقة لصالح واشنطن نجحت في فرض نظرية الحرب، بينما خيار الحرب يعد مستبعدًا لحد بعيد من ذهنية الكرملين، فلعبة التهديد والتلويح بالقوة يجيدها بوتين لحين الوصول لتسوية سياسية تحقق له مطالبه وبعدها يعيد القوات بدون قطرة دم إلى المعسكرات.

الجريدة الرسمية