رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل اجتماع وزراء الأوقاف العرب.. جمعة: الجهل والمغالطة أضرا بالخطاب الديني.. وآل الشيخ: يجب نشر الإسلام الوسطي المعتدل

وزراء الأوقاف العرب
وزراء الأوقاف العرب

عقدت وزارة الأوقاف، مساء اليوم الإثنين مؤتمر المجلس التنفيذي لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بدول العالم الإسلامي، حيث ناقش المجلس أهميةَ استحداث لوائحَ وبرامجَ لتحصين المنابر من خطابات الكراهية، والتطرف والإرهاب، والقيم الإنسانية المشتركة: قيمتا التعايش والتسامح، ووسائل التواصل الحديثة ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في الاستفادة منها، وضوابط الحديث في الشأن العام.


صناعة الفتوى والحديث في الشأن العام

وأكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف أن اجتماع المجلس التنفيذي لوزراء شئون العالم الإسلامي يناقش في كل اجتماع من اجتماعاته عددًا من القضايا الهامة التي تشغل عامة المسلمين، وقدمت وزارة الأوقاف المصرية لهذا الاجتماع بحثين هامين: الأول: صناعة الفتوى وضوابط الإفتاء والثاني: ضوابط الحديث في الشأن العام.

وأوضح وزير الأوقاف أن الشأن العام هو ما يتجاوز شواغل الفرد واهتماماته الشخصية إلى شواغل المجتمع واهتماماته وقضاياه العامة، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية، أم ثقافية، أم أخلاقية وقيمية، أم اجتماعية، أم رياضية، مما يتصل بقضايا الوطن الكبرى أو الأمة.

وأضاف: الشأن العام الإسلامي يعني القضايا ذات الاهتمام المشترك بين جملة المسلمين أو عمومهم أو غالبيتهم أو شريحة واسعة منهم، وكلما زاد الوعي بينهم بقيمة الشأن العام وخطورته زاد التعاون والتكاتف والترابط بينهم من أجل الحفاظ على أوطانهم وثوابت دينهم، فتتحققُ لهم قوة البنيان الواحد، وشعور الجسد الواحد الذي حثنا عليه نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، حيث قال: "المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، وشَبّك بين أَصابعه"، وقال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".

 

الحديث في الشأن العام

واستطرد قائلا: على أنَّ من يتصدى للحديث في الشأن العام عالمًا كان، أو مفتيًا، أو سياسيًّا، أو اقتصاديًّا، أو إعلاميًّا، لا بد أن يكون واسع الأفق ثقافيًّا ومعرفيًّا فيما يتعرض له أو يتحدث عنه، وأن أي إجراء فقهي أو إفتائي أو فكري أو دعوي أو إعلامي لا بد أن يضع في اعتباره كل الملابسات المجتمعية والوطنية والإقليمية والدولية المتصلة بالأمر الذي يتحدث فيه أو عنه، حتى لا تصدرَ بعض الآراء الفردية المتسرعة في الشأن العام دون دراسة وافية، أو دون دراسة أصلًا، بما يصادم الواقع أو يتصادم مع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، مما قد يسبب ضررًا بالغًا لوطنه ودولته وربما صورة دينه وأمته، سواء أكان ذلك عن قصد وسوء طوية أم عن تسرع وقِصَر نظر.

 

الفقية المجتهد

وتابع: إذا كان أهل العلم والفقه على أن العالم الفقيه المجتهد أهلَ الاجتهاد والنظر المعتبر شرعًا إن اجتهد فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران، فإن مفهوم المخالفة يقتضي أنَّ من اجتهد أو أفتى من غير أهل العلم والاختصاص فيما لا علم ولا دراية له به فأصاب فعليه وزر لجرأته على الفتوى أو إقحام نفسه فيما ليس له بأهل، فإن اجتهد فأخطأ فعليه وزران، وزر لخطئه ووزر لجرأته على ما أقدم عليه أو قام به بغير علم، كالطبيب المختص الذي يمارس الطب ويجتهد فيه فإن أخطأ خطأ مهنيًّا لا عن قصد ولا إهمال بما يقدره أهل الاختصاص في الطب فلا حرج عليه لا شرعًا ولا قانونًا، أما لو مارس غير المتخصص في الطب عملية التطبيب فهو معاقب قانونًا حتى لو نجح مصادفة فيما قام به، وذلك لحرص الإسلام على احترام الاختصاص، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، كما أن القوانين المنظمة لشئون الناس والحياة مبنية على ذلك فالحديث في الشأن العام دون وعي وإدراك تامّين يمكن أن يعرض أمن الوطن أو الأمة الفكري أو العام للخطر، سواء أكان ذلك عن تعمد وقصد أم عن غفلة أم جهالة أم سبق لسان، لمن لا يملكون أنفسهم ولا ألسنتهم ولا سيما أمام الكاميرات وتحت الأضواء المبهرة.

 

الخطاب الديني

وأشار إلى ان هناك أمران في غاية الخطورة أضرا بالخطاب الثقافي بصفة عامة والديني بصفة خاصة، هما: الجهل والمغالطة، أما الأول فداء يجب مداواته بالعلم، وأما الثاني فداء خطير يحتاج إلى تعرية أصحابه، وكشف ما وراء مغالطتهم من عمالة، أو متاجرة بالدين ولا شك أن الحديث في الشأن العام الديني يتطلب بالضرورة إدراك المتحدث لمفهوم المصلحة العامة وتقدّمها على المصلحة الخاصة، بل تقدُّم المصلحة الأعم نفعًا على الأخص، وإدراك الموازنة والترجيح بين دفع المفاسد وجلب المصالح، وأن دفع المفسدة العامة مقدم على جلب المصلحة العامة، وأنه قد تُحتَمل المفسدة الأخف تحققًا للمصلحة الأهم والأعم، ونحو ذلك مما لا يدركه سوى أهل الخبرة والاختصاص في كل علم وفن ومؤسسة ممن تتوافر لهم كامل المعلومات المعينة على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.

 

ترسيخ القيم الوطنية

قدم  الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد ورئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشئون الإسلامية لدول العالم الإسلامي الشكر لجمهورية مصر العربية رئيسًا وحكومة وشعبًا بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي (حفظه الله) على استضافتها لاجتماع المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بدول العالم الإسلامي في دورته الثالثة عشرة وبالرعاية الكريمة للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، كما قدم الشكر للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن الإعداد لهذه الدورة، مشيرا إلى أن الأبحاث المقدمة  ستسهم في تعزيز الوعي الوسطي وترسيخ القيم الوطنية ومعالجة ما يعانيه عالمنا الإسلامي من مشكلات وظواهر، وفي مقدمتها ظواهر التطرف والغلو والإرهاب والعنصرية التي تشكل خطرًا على العالم وتهدد الأمن والسلام الدوليين ومصالح الأفراد والأوطان والتعدي على مقدراتها وإمكاناتها.
 

نشر الإسلام الوسطي المعتدل

وأكد  أن وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية تضطلع بمهمات ومسئوليات جسيمة يتعين عليها توجيه جهودها لنشر الإسلام الوسطي المعتدل ومواجهة تلك التحديات التي تحيط بها وتهددنا في أمننا الفكري والعقدي وتكيد لمجتمعاتنا في ثوابتها وقيمها ومبادئها، وبتضافر جهودنا قادرون على صيانة أوطاننا ومحاربة الأفكار الدخيلة الضالة التي تحاول الولوج إلى مجتمعاتنا، ودرء أخطار وأضرار عظيمة لا يعلمها إلا الله (عز وجل) عن الأوطان والمواطنين وجميع البشر على هذه الأرض التي خلقها الله (تبارك وتعالى) للجميع، والوقوف ضد كل من يحاول النيل من ثوابتنا وقيمنا ومبادئنا، وأن نعيد للإسلام صورته الحقيقية ووسطيته وسماحته، والتي هي من أهم عوامل قوته وأسباب انتشاره، فبالتعاون المشترك بين الجميع لتحصين المنابر من خطابات الكراهية والغلو وضبط الفتوى وعدم السماح لغير أهل التخصص بالتصدر للإفتاء، وتوظيف وسائل التواصل الحديثة في النافع المفيد وتبادل الخبرات والتجارب في مجال عمارة المساجد وصيانتها وتدريب الأئمة والخطباء والدعاة وتطويرها، وتطوير قدراتهم، وبيان منزلة الوقف في الحضارة الإسلامية والتنمية المستدامة والناتج المحلي للوقف، فتعاوننا في هذه القضايا يحقق التكامل المنشود بيننا ويثمر المزيد من النتائج الإيجابية، مكررًا الشكر للجميع على دعم أعمال المجلس والشكر لأمانة المجلس على الإعداد والتنظيم والتواصل مع الدول الأعضاء.

 

إصلاح الخطاب الديني

وقال الدكتور نور الحق قادري الوزير الاتحادي للشئون الدينية والتحالف بين الأديان بباكستان أن العالم يعيش أزمة أخلاقية وتربوية وتعليمية، وما يشهده العالم من تطرف وطائفية وإرهاب وفساد تجاوز جميع الحدود مما عجز عن معالجته جميع وسائل التربية والتعليم ومن هنا يأتي دور وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية الهام في جميع دول العالم، ودور أصحاب المنابر لإصلاح الخطاب الديني ومعالجة القضايا الضرورية للمجتمع بمنهج سديد يوافق عقول هذا الجيل وتطلعاتهم الفكرية بعيدًا عن الخلافات التي لا قيمة لها، فدور وزارات الأوقاف في العالم هو الإعداد الجيد للدعاة والأئمة والخطباء لتلبية حاجات الشعوب ونشر قيم التسامح والسلام والأمان، والتواصل مع رجال الدولة وأولي الأمر لبناء جسور تواصل لضبط المجتمع.

الجريدة الرسمية