مفتي الجمهورية: الرسول أول من وضع أسس التعايش بين أبناء الوطن
أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن حب الوطن من المفاهيم التي يجب أن نهتم بها تأصيلًا وتطبيقًا، وأن عدم وضوح هذا المفهوم في أذهان الناس قد يتسبب في إثارة البلبلة في كثير من البلدان، والتي تروجها الجماعات المتطرفة مدعين أن هناك تعارضًا بين مفهوم المواطنة والعقيدة الإسلامية الصحيحة وكل عقل سليم وفطرة سليم.
جاء ذلك في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الثاني والثلاثين تحت عنوان: "عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي".
واشار المفتي الى أن الحنين للأوطان مجبول في الفطرة الإنسانية السليمة، فقد قال عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) لو قنع الناس بأرزاقهم كما قنعوا بأوطانهم ما اشتكى عبد الرزق، وفي هذا المعنى يقول الحق سبحانه: "وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا"، حيث يشير سبحانه إلى الانتماء الفطري وأن الخروج من الوطن شديد على النفس شاق على الأرواح والقلوب، ولأن الوطن وطن وسكن لكل من نشأ فيه وتربى على ترابه بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه، ومع تطور الإنسانية وتوجهها المستمر نحو تقويم العلاقات الإنسانية وحفظ الحقوق والواجبات، فقد تخرج من هذا المفهوم الإنساني وتولد عنه مفهوم آخر فقهي وقانوني ينظم هذه العلاقة بين الأفراد على اختلافه أطيافهم وبين الدولة حتى تؤتي ثمارها على أكمل وجه يكون فيه نفع البلاد وسلامتها من الدمار والفوضى، وهذا المفهوم القانوني هو ما أطلقنا عليه عقد المواطنة، فمما لا شك فيه أن وجود عقد ينظم هذه العلاقة في شكل قانوني وفقهي يلزم جميع أبناء الوطن ويتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات بغض النظر عن انتمائهم للون أو العرق يعود بثمرات عظيمة النفع على أفراد المجتمع ومؤسساته.
وأضاف المفتي: كما أن المواطنة عقد له ثمرات إيجابية وبناءه من شأنها تعزيز السلم وحفظ الأمن المجتمعي لجميع أفراد ومؤسسات المجتمع، وعلى أساس هذا العقد تتجسد قيم الاحترام المتبادل وتسود قيم التعايش والتسامح بين أفراد المجتمع وتسمو العلاقة بين الجميع، مشيرًا إلى أن عقد المواطنة يقوم على أسس ثابتة لتحقيق العدالة والمساواة بين الأفراد أمام القانون.
وأوضح أن الناظر والمتأمل في سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) يجد أنه أول من وضع اسس التعايش بين أبناء الوطن الواحد على أسس ثابتة من التعاون والتعايش والمحبة والإخاء بغض النظر عن العرق أو اللون أو العقيدة، وذلك من خلال التأمل في بنود صحيفة المدينة المنورة، التي كان من بنودها الخالدة ؛ أن الجميع يد واحدة على من عاداهم، مؤكدًا أنه على الجميع أن يبذلوا أقصى طاقاتهم من أجل بناء هذا الوطن وحمايته من كل عدوان ويتعاونا من أجل تحقيق الرفاهية لأبنائه، وهذه الوثيقة تهدم كل ما تنادي به الجماعات المتطرفة من أفكار هدامة لا تنتمي إلى الفكر الإسلامي أو إلى سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وإلى منهاجه الشريف، ولذلك يجب أن نتمسك بسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأن نطبق سنته الشريفة، وأن نقف صفًا واحدًا خلف قائدنا ورئيسنا وحامي وحدتنا الوطنية، وبناء مصر الحديث التي تظلل الجميع بظلالها الوارفة.