وصية الرسول.. أقل ما يصح في عدد ركعات صلاة الضحى
صلاة الضحى هي من النَّوافل، التي تؤدي بعد ارتفاع الشمس مقدار ميل؛ وتعرف كذلك صلاة الضحى باسم صلاة الإشراق أو الشروق، وسمِّيت بذلك لأنَّها تؤدّى بعد شروق الشمس أي بعد طلوعها، ومن الفقهاء من اعتبر صَلاة الإشراق مُختلفةً عن صلاة الضحى، لكن جمهور العلماء أجمعوا على أنَّ صلاة الإشراق هي ذاتها صلاة الضُّحى مستندين في ذلك على قول الله تعالى: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ).
وأُثر عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه لم يكن يدري ما المراد بالإشراق، فسأل أم هانئ عنها، فأخبرته أنَّ النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قدم إليها فتوضأ ثمَّ صلى صلاة الضحى وقال لأم هانئ إنَّ هذه صلاة الإشراق، كما في الرواية التي أوردها القرطبي عن ابن عباس أنَّه قال: (كُنْتُ أَمُرُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ:" بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ" وَلَا أَدْرِي مَا هِيَ، حَتَّى حَدَّثَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى، وَقَالَ:" يَا أُمَّ هَانِئٍ هَذِهِ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ)،
صلاة الضحى
وأجمع العلماء على أنّ أقلّ ما يَصِحُّ في صلاة الضّحى ركعتان، أمّا أكثرها فقد اختلفوا فيه؛ وفيما يأتي بيان ذلك:
وذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ أقلّ صلاة الضّحى ركعتان وأكملُها ثمانية، لما رُوِي من حديث أم هانىء رضي الله عنها: (أنّه لما كان عام الفتح، أتت رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه والْتَحَفَ به، ثم صلّى ثمانيَ ركعاتٍ سُبْحَةَ الضّحى؛ أي صلاة الضّحى) فإن زاد على ذلك عامدًا عالمًا بنيّة الضّحى لم ينعقد ما زاد على الثّمان، فإن كان ناسيًا أو جاهلًا انعقد نَفلًا مُطلقًا عند الشافعيّة، والحنابلة، وخالف أبو البقاء الدميريّ من الشافعيّة فقال: (أكثرها اثنتا عشرة ركعة لقوله عليه الصّلاة والسّلام لأبي ذر: (إن صليّت الضّحى ركعتين لم تُكتب من الغافلين، وإن صلّيتها أربعًا كُتِبتَ من المُحسنين، وإن صلّيتها ستًّا كُتِبتَ من القانتين، وإن صلّيتها ثمانيًا كُتبتَ من الفائزين، وإن صلّيتها عشرًا لم يُكتب عليك ذلك اليوم ذنب، وإن صلّيتها اثنتي عشرة ركعة بَنى الله لك بيتًا في الجنّة))
عدد ركعات صلاة الضحى
وذهب الحنفيّة إلى أنّ أكثرها ستّ عشرة ركعة، وأمّا إذا زاد على ذلك فإمّا أن يكون قد نواها كلّها بتسليمةٍ واحدةٍ، وفي هذه الحالة يُجزّئ ما صلّاه بنيّة الضّحى وينعقد الزّائد نفلًا مُطلقًا، إلا أنّه يُكره له أن يُصلّي في نفل النّهار زيادةً على أربع ركعات بتسليمةٍ واحدةٍ، وإمّا أن يُصلّيها مُفصّلةً اثنتين اثنتين، أو أربعًا، وفي هذه الحالة لا كراهة في الزّائد مُطلقًا.
ركعات صلاة الضحى
وذهب أبو جعفر الطبريّ والمليميّ والرويانيّ من الشافعيّة وغيرهم إلى أنّه لا حدّ لأكثرها، وقال العراقيّ في شرح الترمذيّ: (لم أرَ عن أحدٍ من الصّحابة والتّابعين أنّه حصرها في اثنتي عشرة ركعة)، وكذلك قال السيوطيّ، وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنّه سُئِل: (هل كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُصلّونها؟ فقال: نعم، كان منهم من يُصلّي ركعتين، ومنهم من يُصلّي أربعًا، ومنهم من يمدّ إلى نصف النّهار)، وعن إبراهيم النخعيّ أنّ رجلًا سأل الأسود بن يزيد: (كم أُصلّي الضّحى؟ قال: كما شئت).