السفير الروسى بمصر: لا ننوى مهاجمة أحد.. وفكرة الحرب ضد أوكرانيا مرفوضة تماما ( حوار )

بدء إنتاج اللقاح الروسى "سبوتنيك  بشركة "مينا فارم" المصرية قريبا

بعض الدول الغربية تؤجج الصراع الداخلى فى أوكرانيا عمدًا بهدف تقسيم شعب روسيا وأوكرانيا الموحد تاريخيًا

مستعدون لتقديم المساعدة الفنية لتنفيذ الاتفاقية الخاصة بشروط تشغيل سد النهضة باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية الروسية

الغرب يريد التضحية بأوكرانيا وتحويلها إلى ساحة للصراع من أجل تحقيق طموحاتهم الجيوسياسية

نتوقع أن يؤدى إطلاق "نورد ستريم-2" لانخفاض أسعار الوقود فى السوق الأوروبية

الإرهابيون سيطروا على كثير من مناطق ليبيا بشكل كامل بالتواطؤ وبالدعم المباشر من الدول الغربية 

تحدث السفير الروسى لدى مصر جيورجي بوريسينكو، فى حوار خاص لـ«فيتو»، عن تفاصيل التوترات الروسية الأوكرانية وموقف الناتو من تلك الأزمة، مؤكدا أن بلاده أكدت مرارًا وتكرارًا أنها لا تنوى مهاجمة أحد، ففكرة الحرب مرفوضة تمامًا، خاصة الحرب ضد إخواننا الأوكرانيين، ومع ذلك يعتقد مشرفو كييف الأجانب خلاف ذلك، فهم روجوا للسيناريو الذى يجب بموجبه أن تهاجم روسيا أوكرانيا.

وعن موقف بلاده من أزمة سد النهضة، أوضح السفير الروسي لدي القاهرة أن روسيا تتفهم بشكل جيد الأهمية الإستراتيجية لنهر النيل بالنسبة لمصر التى ليست لديها مصادر أخرى للحصول على المياه العذبة، استعداد لتقديم المساعدة الفنية لتنفيذ الاتفاقية الخاصة بشروط تشغيل سد النهضة باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية الروسية.

كما تحدث عن الأزمة الليبية وقضايا أخرى تتعلق بحلف الناتو، فإلى تفاصيل الحوار:

*ما هى تفاصيل الأزمة الروسية الأوكرانية؟ وهل من الممكن أن نشهد غزوا روسيا لأوكرانيا فى عام 2022؟

لقد أظهرت الأسابيع الماضية بوضوح مقنع أن الصراع الداخلى فى أوكرانيا يتم تأجيجه عمدًا من قِبَل بعض الدول الغربية، بهدف تقسيم شعب روسيا وأوكرانيا الموحد تاريخيًا، فضلًا عن خلق حالة من عدم الاستقرار فى أوروبا وتعقيد العلاقات بين أعضاء الاتحاد الأوروبى وموسكو.

كما أن تلك المشكلة كان من الممكن حلها بمجرد نشأتها فى عام 2014 حال وجود دعم حقيقى من كافة الدول الغربية بمجرد صعود القوميين إلى السلطة فى كييف.

بالنسبة للتصريحات التى تطلقها واشنطن وحلفاؤها مرارًا وتكرارًا بشأن الهجوم الروسى المحتمل على أوكرانيا فهى مجرد تصريحات عبثية حتى من قبل السلطات الأوكرانية نفسها

فالرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى وسكرتير مجلس الأمن القومى والدفاع إليكسي دانيلوف ووزير الدفاع الأوكرانى إليكسي ريزنيكوف طلبوا من حلف الناتو عدم بث الذعر

فالبعض من الغرب يريد إلقاء أوكرانيا في جحيم الأزمة والتضحية بها من أجل تحقيق طموحاتهم الجيوسياسية من خلال تحويلها إلى ساحة للصراع.
 

ومن جانبنا، أكدنا مرارًا وتكرارًا أن دولتنا لا تنوى أن تهاجم أحدًا، ففكرة الحرب مرفوضة تمامًا، خاصة الحرب ضد إخواننا الأوكرانيين، ومع ذلك يعتقد مشرفو كييف الأجانب خلاف ذلك، فهم روجوا للسيناريو الذى يجب بموجبه أن تهاجم روسيا أوكرانيا، ويحاولون تنفيذ هذه الخطة

ونظرًا لأننا لا نستسلم للاستفزازات فإنهم يصعدون الموقف بشكل مصطنع من خلال إصدار أوامر بإجلاء موظفى سفاراتهم من العاصمة الأوكرانية وزيادة إمدادات الأسلحة إلى كييف، حتى أنهم يسمون وقت الهجوم الذى خططوا له بأنفسهم

لذا فأحب التشديد على أن موقف موسكو من الأزمة الأوكرانية كان ولا يزال دون تغيير، فروسيا لا ترى بديلًا لاتفاقيات مينسك، كما أننا ننطلق من الحاجة إلى الامتثال لتدابير تعزيز قرار وقف إطلاق النار المؤرخ فى 22 يوليو 2020، ونأمل أن تظهر السلطات فى كييف الاستقلال، وتفكر فى مصالح دولتها وسكانها، والبحث عن حل سياسي مستدام للأزمة عن طريقة إقامة حوار مباشر مع دونيتسك ولوجانسك

ونأمل أن تتوقف دول الناتو عن تصعيد الموقف والتدخل فى الشئون الداخلية لأوكرانيا، الأمر الذى سيسمح لأطراف النزاع (الذى يدور حصريًا داخل هذا البلد) بحل خلافاتهم خلال حوار مباشر مع بعضهم البعض.

*كيف ترى موسكو دعم الناتو لأوكرانيا؟
يصنف حلف الناتو نفسه رسميًا كحلف دفاعى، ومع ذلك من الصعب تسميته بذلك، نظرًا لتحرك أوكرانيا بالقرب من حدودنا حاليا قرب بولندا ودول البلطيق، وما يقوم به الناتو ليس دفاعًا، ولكنه هجوم واضح

مما دفع الكتلة العسكرية الغربية للاقتراب أيضًا من أوكرانيا رغبة فى الانضمام إليها
رغم أنه من الواضح للجميع أن كييف ليست مستعدة لذلك، ولن تقدم أي مساهمة فى تعزيز أمن الحلف كما يقتضى ميثاقه. 

وفى نفس الوقت سيؤدى ذلك إلى تقويض العلاقات بين الغرب وروسيا فعلا، لأنه سيكون انتهاكًا صارخًا للالتزامات السياسية الرسمية التى تعهدت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها فى عام 1997 وفقا للاتفاقية الأساسية حول العلاقات بين روسيا الاتحادية وحلف شمال الأطلسى.

*ما هو موقف روسيا من الوجود الأمريكى فى المنطقة بما فى ذلك التدريبات البحرية التى تجريها واشنطن؟

تراقب القوات المسلحة الروسية دائمًا باهتمام التحضير وإقامة المناورات التى تشارك فيها قوات الناتو بالقرب من الحدود الروسية، كما تجرى روسيا بنشاط وستواصل إجراء تدريبات مشتركة مع دول أخرى فى مناطق مختلفة من العالم.

*ماذا عن مشروع (نورد ستريم ٢)؟ ولماذا يثير مخاوف بعض الدول؟
مشروع (نورد ستريم 2) من أكبر المشروعات التجارية فى العقد الماضى، كما أن إطلاقه سيساهم بشكل كبير فى ضمان أمن الطاقة فى الاتحاد الأوروبى

وسبق أن قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى 29 ديسمبر الماضى، إن روسيا وشركاءها أكملوا مهمتهم المتمثلة فى مد خط أنابيب الغاز، وأن الكرة موجودة الآن فى ملعب الأوروبيين، فمشروع (نورد ستريم 2) جاهز، وبمجرد اتخاذ قرار فى أوروبا لبدء عمله سيبدأ نقل كميات إضافية كبيرة من "الوقود الأزرق" الروسى عبر خط الأنابيب

ونتوقع أن يؤدى إطلاق "نورد ستريم-2" إلى انخفاض أسعار الوقود فى السوق الأوروبية، الأمر الذى سيشكل إفادة خاصة لألمانيا التى بحاجة ماسة إلى الغاز فى الوقت الحالى، حيث تحاول البلاد التخلى عن الفحم والطاقة النووية

ومع ذلك فإن إجراءات التصديق على خط أنابيب الغاز تتأخر بشكل مصطنع، كما أننا نلاحظ مع الأسف كيف يتم تسييس مشروع مهم ومفيد اقتصاديًا لجميع المشاركين فيه، ومن المؤكد أن يكون لهذا تأثير إيجابى على اقتصاد شركائنا الأوروبيين، لذا نأمل أن يسود المنطق السليم على الرغبة فى إرضاء الموجهين فى الخارج.

*كيف تواجه روسيا أزمة تفشى فيروس كورونا ومتحوراته؟ وكيف ترى الدور المصرى فى مواجهة الجائحة؟
لقد غيرت أزمة جائحة كورونا ومتحوراته التى تزلزل العالم منذ عامين حتى الآن أسلوب حياتنا بشكل كامل سواء فى الحياة الشخصية أو على مستوى الدولة، ومن المستحيل خوض هذه الحرب بمفردنا ولا بد من بذل الجهود المنسقة للمجتمع الدولى.

تم تسجيل لقاح "سبوتنيك V" المطور فى روسيا فى 71 دولة بما فى ذلك مصر، ومن المتوقع أن يبدأ إنتاج اللقاح الروسى فى مصنع شركة "مينا فارم" المصرية فى المستقبل القريب، وسيساهم بشكل كبير فى تحصين المصريين ضد فيروس كورونا المستجد

ونرحب ببدء تجارب أول لقاح مصرى ضد (كوفيد-19) وإذا كلل بالنجاح فذلك سيتيح الفرصة للبلدان النامية خاصة فى القارة الأفريقية للحصول على اللقاحات

وفى هذا السياق نواصل فى اتصالاتنا مع الشركاء الأجانب لشرح الأهمية العملية لمبادرة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين التى طرحها فى قمة مجموعة العشرين فى 30/31 أكتوبر 2021 بشأن الاعتراف المتبادل بشهادات تطعيم للقاحات المختلفة، وقد تم إبرام مثل هذه الاتفاقات مع عدد من البلدان.

*كيف ترى الأزمة الليبية؟ وما هى الحلول المقترحة لضمان سير العملية الانتخابية بأمان؟
نحن ندافع عن استعادة ليبيا التى سيطر الإرهابيون على كثير من مناطقها بشكل كامل بالتواطؤ وحتى بالدعم المباشر من قبل الدول الغربية كدولة واحدة ومستقلة تمامًا، ندعو جميع الأطراف الليبيين إلى حل المشكلات القائمة بالوسائل السلمية بطريقة الحوار العرقى المسئول وواسع النطاق

فذلك هو الطريق الوحيد لتفادى تصعيد جديد للوضع الداخلى، وبالنسبة لنا فليس التقيد الرسمى بموعد نهائى محدد لإجراء الانتخابات من أولوياتنا وندعو إلى الإعداد النوعى لها لتوفير مشاركة ممثلي جميع القوى السياسية الرئيسية فيها

وإلا فإنه سيكون لهؤلاء القادة الليبيين المؤثرين الذين لن يتم قبولهم للمشاركة فى الانتخابات سبب للطعن فى نتائج التصويت واستخدام أساليب أخرى للدفاع عن حقوقهم، وهو أمر محفوف بتفاقم خطير للوضع.

*ما هو موقف روسيا من سد النهضة؟
تفهم روسيا بشكل جيد الأهمية الإستراتيجية لنهر النيل بالنسبة لمصر التى ليست لديها مصادر أخرى للحصول على المياه العذبة لسكانها الذى يبلغ عددهم 103 ملايين نسمة

 لذا دعونا الأطراف الثلاثة علانية وفى إطار الاتصالات الثنائية مرارًا وتكرارًا إلى تسوية النزاع بالوسائل الدبلوماسية مع مراعاة مصالح بعضها البعض وتجنب الإضرار بالجيران، وللوصول إلى ذلك من الضرورى استئناف المفاوضات والبحث عن حلول مقبولة لجميع الأطراف.

فالموقع الجغرافى لدول حوض النيل هو أمر لا يمكن تغييره، ومن المطلوب عدم القيام بالخطوات الأحادية التى تقوض الثقة، بل تبلور الاتفاقات الصادقة التى سيستفيد الجميع منها فى نهاية المطاف، نحن مقتنعون بأن النزاع على النيل يمكن تسويته تحت رعاية الاتحاد الأفريقى

كما أننا على أتم استعداد لتقديم المساعدة الفنية لتنفيذ الاتفاقية الخاصة بشروط تشغيل سد النهضة باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية الروسية، إضافة إلى تقديم خبرائنا المشاركين فى بناء محطات المياه المعقدة فى جميع أنحاء العالم.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"