إنجي الحسيني تكتب: ممارسة حرية التعبير سداح مداح
في الفترة الأخيرة أثارت مواقع "السوشيال ميديا" قضية هامة ، وهي "حرية التعبير" وفي ضوء ذلك كانت هناك عدة تساؤلات عديدة منها: هل يمكن لباحث إسلامي إحداث بلبلة ورأي عام ضد شيخ الأزهر؟!
وهل يمكن لمسئول كبير بدولة كبيرة أن يهين فنانا من دولة شقيقة لأن تصريحه لم يكن مقبولا لديه تصريحه ماجاش على مزاجه ؟! وهل يمكن للفنانين تقديم ما يريدون مهما كان باسم الفن وحرية الابداع؟!
أعتقد أن حرية التعبير لها ضوابط وإلا صارت الحياة فوضى بلا قيم أو مبادئ، ومن ضمن تلك الضوابط؛ احترام شخص شيخ الأزهر لأنه رمز كبير حتى لو اعترضنا على رأي أو تصريح له،
فشيخ الأزهر عند المسلمين يقابله شخص البابا عند الأخوة المسيحيين والذين يبجلون رمزهم ولا يقحمونه في فتاوى قد تجعل أي كائن ينال من شخصه، لأن شخصه قيمة ورمز،
وهذا ما أعيبه على الاعلام الذي دأب على استضافة رجال دين وسؤالهم عن أمور لم تعد ذات قيمة مثل نجاسة الكلب، والصلاة أمام باب الحمام، وحكم ضرب الزوجة الناشز، وهو ما يتم تكراره مع الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر،
مما يهدد صورة الأسلام ورجاله بتناول مهاترات الأمور. للأسف فقد اتاح الاعلام بمداخلة الباحث " اسلام بحيري" خلق مشاجرة على مواقع التواصل الاجتماعي، البعض يري أن الناشز تضرب والبعض ضد ذلك،
وما بين الموافق والمعارض هناك من يصفق ونحن نتساءل هل أكرم الاسلام "المرأة" بالفعل وهل لا يكرم المرأة إلا الكريم، ولا يهين المرأة إلا اللئيم؟
وهل الضرب في الآية محل الخلاف معناه الامتناع أم الاعتداء، نفعل ذلك بدون وعي بدون الاهتمام بصورتنا عند الآخر، ونحن نتعجب بسذاجة ما سبب الاسلاموفوبيا؟!!!
أما عن المسئول العربي، فلا أفهم سبب هجومه على الفنان الكبير ولا أفهم موقف الناس أساسا من الفنان؛ فبالأمس كان يتم سبه لأنه صرح بأن الفن السعودي في تقدم،
واليوم يدافع عنه البعض بعدما هاجمه المسئول، ومازال البعض الآخر يصفه بالنفاق والتلون وهو ما يجعلني لا ألوم المسئول؛ فبعض المصريين أهانوا الفنان قبله، لا ألومه
وهناك فنان سجد وقبل أرض المسرح عندما تم تكريمه وهناك فنان آخر تمنى أن يعيش بالسعودية بلد الفن ونسى خير بلده مصر التي كان لها الفضل الكبير عليه، لا ألومه والاعلام لم يدافع عن طليقته،
لا ألومه لأن هناك من يظن أن هناك صراعا على ريادة الفن بمنطقة الشرق الأوسط فتلك مقارنة مفتعلة واهية وإلا ما تم اجتذاب جموع الفنانين المصريين، فمصر ستظل هوليوود الشرق يأتي إليها كل فنان باحث عن الشهرة
وهذا صراع لا يجب الولوج له من الأساس. أما بالنسبة لحرية الابداع، تلك العبارة المقصود منها تكميم حرية المشاهد في إبداء رأيه، وهذا تناقض عجيب، فهل من حرية الابداع لقبلات والمشاهد الساخنة والايحاءات البذئية؟!!
لكن ممنوع على المشاهد أن ينتقد وهو المتلقي الذي يخاطبه صانع العمل؛ لأنه كما يراه عديم الوعي والمشاكل على أرض الواقع أفظع من العمل الفني كما يتم تقييم بعض المشاهدين بأنهم مدعين للتدين والمثالية وأغلبهم يشاهد قنوات اليويتوب الاباحية أو دافع اشتراك المنصة وهو يعلم محتواها !!!
هكذا يقيم أهل الفن والابداع جموع المشاهدين المعارضين لما يقدموه ولسان حالهم يردد عبارتهم الشهيرة " لو مش عاجبك اقلب القناة " لم يكن غريبا حالة التأييد والدفاع عن الفنانة منى زكي من قبل زملائها بسبب مشهد اختلف عليه الجمهور
ففيلمها يعتبر أقل اباحية من أفلام قديمة تذخر بها تاريخ السينما المصرية مثل: حمام الملاطيلي وسيدة الأقمارالسوداء والمذنبون وغيره.. لكن الفارق أن تلك الأفلام كانت لجذب الجمهور لشباك التذاكر من خلال مشاهد ساخنة، بينما فيلم "أصحاب ولا أعز" خطورته في جذب أفكار شاذة وزرعها داخل المجتمع،
فلا أحد ينكر قوة تأثير الفن والقوة الناعمة على المجتمع، تلك القوة التي غيرت القوانين أكثر من مرة. ووسط تلك الخلافات نجد صمت الفنانين تجاه الفنان محمد صبحي رغم أن تصريحه نفسه لم يكن موفقا وكأن من يذهب للترفيه عديم الوطنية!!
ولكن كالعادة لم يلتفت العقلاء أن تراشق التصريحات قد يستثمره المتربصون للوقيعة بين الدول، في حين أن صفحة اسرائيل على " الفيس بوك " تتباهي بمدنها وانجازاتها العلمية والفلكية.. أن تلك السفسطة التي لا تنتهي والمواضيع التي تطرأ من وقت لآخر، يجعلني أتوقف أمام معركة الوعي،
وأستعير شعار (لا للمخدرات)، فتلك القضايا المخدرة لا قيمة لها بينما يمضي الأخرون في خططهم وركب التطوروالتقدم، فمتى نكف عن السفسطة والهلفطة ونهتم بقضايا حقيقية تساعد على بناء الوطن؟
فالالتفاف حول مصر يتطلب شعب واع على قدر كبير من المسئولية تجاه بلده، وهذا هو دور كل مواطن أن يرفع شعار العمل ويكف عن الكلام "السداح مداح"..