مخاوف ما بعد 30 يونيه
في ظل هذه الفرحة الغامرة والعارمة، التي عمت وغمرت كل قلوب المصريين.. علينا أن نتذكر أن هناك من يرون أن ما حدث ليس بالمشروع.. وأنه قد كان انقلاب عسكري علي السلطة وعلي الشرعية.. وأن ذلك الفصيل الذي تحكمه مجموعة من المفاهيم والأفكار الحاكمة لفكره قد تجعل من الصعب إقصاؤه عما يدور في رأسه من أفكار وأنه قد يظل متمسكا بها، إذ أن تغيير الأفكار الأساسية التي تكون ذات خلفية عقائدية تصبح مهمة صعبة إن لم تصل الي حد الاستحالة.
ولعل ذلك هو السبب وراء استمرار عدم دمج ذلك التيار أو الفصيل، وهو الإخوان المسلمين في الحياة السياسية وأنهم قد كانوا دائما في صدام مع كل النظم السياسية فى فترات ومراحل مختلفة، وكان الإقصاء هو الحل الذي لجأت إليه معظم النظم السياسية.. ومع ذلك فلم تكن هناك مصالحة أو هدوء أو تهدئة ومهادنة، فقد كانوا عادة ما يلجأون إلي أعمال العنف كنوع من إثبات الذات حتي ولو كلفهم ذلك الكثير من الاعتقالات وتمضية معظم أوقاتهم في السجون أو خارج البلاد في حياة المنفي.
لذلك، فإن فكرة عدم الإقصاء لهم من قبل المجتمع هي شىء مطلوب وذلك ما يريده المجتمع بالفعل، لأنهم في النهاية فصيل ينتمي لذلك الوطن حتي وإن لم ينتم إليه فكريا.. إذ أن أفكاره لا تعترف بفكرة الوطن إذ أنهم أصحاب مشروع ليس قوميا ولكن مشروع إسلامي، فالانتماء والولاء للوطن والتاريخ وكل الموروثات والعادات والتقاليد التي ترسخت في الوجدان المصري عبر التاريخ والحضارات المختلفة لا وجود لها بل إنها قد تعد من الأمور المغرضة والبدع والمحدثات.
كل ذلك يؤكد أن يوم 30 يونيو هو البداية الصحيحة وهي التي صنعها الشعب واستجاب لها الجيش.. هي معركة خاصة وحاسمة من جانب شعب أراد أن يحافظ علي هويته وموروثه وطابعه، شعب أراد ألا ينسلخ من جلده أو أن يصبح مشوها أو يغرب عن ذاته وعن نفسه.. هي قصة شعب أراد أن يمزق ذلك الثوب الذى أرادوا أن يلبسوه له وهو لا يريده وذلك ببساطة لأنه ليس ثوبه.
وذلك ما حدث، وذلك هو سبب 30 يونيو.. ولكن علينا أن ندرك أنه يمكن أن يكون هناك نوع من الصدمة لاسيما بعد أن ضاع منهم حلم طالما انتظروه 80 عاما وفجأة يضيع وتتحطم معهم كل أحلامهم وذلك بغض النظر عن مدي مشروعية هذه الأحلام ومدي قبولها من عدمه، لذلك وجب أن نترقب بحذر ووعي المرحلة القادمة التي تحتاج إلي جهود كل المصريين لبناء وطن هناك من يحاول أن يهدمه دائما دوأن يدري أو يعي .
Gamil.gorgy@gmail.com