علي جمعة: من يفكر في معاني الآيات المتشابهات وصورة الله الجسمية “مصيره الهلاك”
قال الدكتور علي جمعة، إن الله تعالى استأثر بعلمه في النصوص المتشابهات، مؤكدًا أن المسلم يجب عليه ألا يفكر في معاني ولوازم النصوص المتشابهة، كما يجب عليه في نفس الوقت أن يفوض علمها لله تعالى، وقد ذم الله تعالى من يتبع المتشابه من النصوص.
التفكير في ذات الله
وأضاف أن التفكر في هذه الأمور يعد من التفكر في ذات الله تعالى، والذي وعد النبي صلى الله عليه وسلم فاعله بالهلاك، ففي قوله تعالي (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) المراد منها أن قدرته وقوته فوقهم ومحيطة بهم، وليس المراد منها الجارحة، والتأويل هنا ليس بمستغرب.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "يجد قارئ القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة أن فيهما بعض النصوص التي يشعر ظاهرها بإثبات الجهة أو الجسمية أو الصورة أو الجوارح لله سبحانه وتعالى".
وقال "وهذه النصوص تعد من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه، ويجب على المسلم في مثل هذه النصوص ألا يفكر في معانيها ولوازمها، كما يجب عليه في نفس الوقت أن يفوض علمها لله تعالى; وقد ذم الله تعالى من يتبع المتشابه من النصوص; حيث قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [آل عمران: 7].
حكم التفكير في صورة الله
وأضاف جمعة "ولم يترك الله تعالى المسلم هكذا بل بيّن له السبيل الواضح الذي ينبغي عليه أن يتبعه إذا مر على مثل هذه المواطن; حيث أمره بأن يلجأ إليه، ولا يفكر فيها حيث قال تعالى بعد الآية السابقة: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8].
وتابع د. علي جمعة "والتفكر في هذه الأمور يعد من التفكر في ذات الله تعالى، والذي وعد النبي صلى الله عليه وسلم فاعله بالهلاك في قوله: (تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله فتهلكوا)، [رواه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة].
وقال "والأدلة السابقة وغيرها تؤكد منهج السلف الثابت المستقر في التعامل مع مثل هذه النصوص، وهو منقول عنهم من علماء الأمة على مر العصور جيلا بعد جيل".
منهج السلف
وأضاف "ومنهج السلف ومن بعدهم من المحققين من العلماء في تلقي النصوص التي يوهم ظاهرها تشبيه الخالق بالخلق أن تؤول، بمعنى: أن تحمل على خلاف الظاهر، أو تفوض، أي: يفوض المراد من النص الموهم إليه تعالى، ويجب مع التأويل أو التفويض قصد التنزيه لله تعالى عما لا يليق به.
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه قائلًا: "ولنضرب مثالا في بيان هذا المنهج حتى يتضح الكلام، فهم يقولون في نحو قوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10]، المراد منها أن قدرته وقوته فوقهم ومحيطة بهم، وليس المراد منها الجارحة، والتأويل هنا ليس بمستغرب؛ فأنت كمخلوق إذا استحال أن تعرف نفسك بكيفية أو مكان، فكيف يليق بعبوديتك أن تصف الله تعالى بـ أين أو كيف، وهو مقدس عن ذلك؟! فالله عز وجل منزه عن الكيفية والكمية والأينية; لأن من لا مثل له لا يمكن أن يقال فيه: كيف هو؟ ومن لا عدد له لا يقال فيه: كم هو؟... ومن لا أول له لا يقال له: ممن كان؟... ومن لا مكان له لا يقال فيه: أين كان؟".