بسبب زيادة غرامة الغياب من المدارس.. البرلمان يواجه وزير التعليم بمشكلات الدراسة
رفض أعضاء مجلس النواب، خلال الجلسة العامة اليوم، مطالب الحكومة بزيادة غرامة غياب الطلاب عن المدارس من 10 جنيه إلى 1000 جنيه، مؤكدين أن الغرامة لن تحل أزمة التسرب من التعليم.
واتفق أعضاء المجلس على أن هناك عجز صارخ في أعداد المدرسين، فضلا عن كثافة التلاميذ في الفصول التي تصل أحيانا لأكثر من 100 طالب في الفصل الواحد.
أكد الدكتور حسام المندوه الحسيني، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن زيادة غرامة الغياب من المدارس فيه مغالاة كبيرة، قائلا: ليس منطقيا أن تزداد الغرامة من 10 جنيه إلى ألف جنيه.
وأشار النائب إلى أن المغالاة في العقوبة بزيادة الغرامة أو الحرمان من المرافق لن يعالج أزمة الغياب من المدارس.
وشدد عضو مجلس النواب، على ضرورة التفريق بين عدم الالتحاق بالمدارس أو التسريب، وكذلك الغياب من المدارس، مشيرا إلى أن مشروع القانون يستهدف مواجهة الغياب.
وقال حسام المندوه الحسيني: زيادة العقوبات ليس حلا، مشددا على الحكومة بضرورة وضع تصور بالتنسيق مع مجلس النواب، لعلاج مشكلات التعليم من الجذور.
وعلى هامش كلمته، توجه الحسيني بالتحية للمنتخب الوطني على الأداء البطولي الذي قدمه خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية، قائلا: أضم صوتي لصوت رئيس المجلس في تهنئة المنتخب على أداءه.
من جانبه قال النائب محمد العماري: نرفض القانون لأنه مخالف للدستور، مشيرا إلى أننا على مشارف الفصل الدراسي الثاني وحتى الآن هناك عجز كبير في أعداد المدرسين، فضلا عن وجود كثافة عالية في الفصول.
وأكدت النائبة ماجدة بكري، أن هناك مغالاة في العقوبات، لاسيما وأن وزير التعليم أمام مجلس النواب في شهر نوفمبر 2021 اعترف بوجود عجز كبير في أعداد المعلمين.
وقال النائب أحمد بهاء شلبي: القانون في ظاهره معالجة التسرب من التعليم، لكن هناك مغالاة كبيرة في العقوبات.
وأكد النائب محمد صلاح أبو هميلة، أن هناك فصول بها كثافة تتجاوز 90 طالبا، فضلا عن وجود عجز كبير في المدرسين، مشيرا إلى أن هناك أزمة أيضا فيما يتعلق بوباء كورونا، والذي يتطلب مراعاة التباعد.
وأكدت النائبة مي أسامة، أن وزارة التعليم تناقض نفسها، قائلة: كيف في وقت سابق تعلن الوزارة أن الحضور اختياري وإتاحة التعليم عن بعد، وبعد ذلك تتقدم بطلب لرفع عقوبة الغياب عن المدارس.
وأشارت إلى أن وزارة التعليم تسعى لتحميل المواطن أعباء جديدة.
وأكد الدكتور أيمن أبو العلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن التسرب من التعليم يمثل أزمة كبيرة، ويؤدي لزيادة الجهل والفقر، قائلا: الأب الذي لا يسجل ابنه عن التعليم 8 سنوات مخطئ، وتسرب الفتيات من أجل الزواج أمر غير مقبول.
وأشار أبو العلا، إلى ن الحكومة تخلط بين التسرب والغياب، قائلا: الحكومة كأنها تشرع لكوكب تاني، لأن هناك مشكلات في العملية التعليمية لابد من حلها أولا قبل تغريم أولياء الأمور بسبب الغياب عن المدارس.
وأكد عضو مجلس النواب، أن العقاب في القانون غير دستوري، مشيرا إلى أن ولي الأمر يحتاج لدعم اقتصادي،.
ودعا أبو العلا، الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع لجنة التعليم بمجلس النواب، بدراسة كافة مشكلات العملية التعليمية، والتأكيد على أهمية تضافر الجهود المختلفة لحل المشكلات بشكل جذري.
واقترح النائب أيمن أبو العلا، أن يكون هناك تركيز على التعليم الفني والمهني بداية من التعليم الإعدادي.
فيما وجهت النائبة فاطمة سليم، عضو مجلس النواب، سؤالا للحكومة: هل قدمت وزارة التعليم بيئة تعليمية جيدة تحفز الطلاب على الحضور للمدرسة؟
وأكدت النائبة في رفضها زيادة الغرامة، أن الحكومة لم تنه مشكلات مثل كثافة الفصول أو عجز أعداد المعلمين، مشيرة إلى أن المعلمين ليسوا مدربين على النحو المطلوب لتحفيز الطلاب على الحضور.
وأشارت النائبة، إلى أن بعض الأسر تسرب أولادها من التعليم من أجل العمل لتوفير حياة مناسبة لأسرهم، مؤكدة أن وزارة التعليم لم تفكر خارج الصندوق، ولكن تفكر بحل غير منطقي لمواجهة التسرب من التعليم.
وشددت فاطة سليم، على الحكومة ضرورة مناقشة كل المشاكل التي تواجه العملية التعليمية قبل تغريم أولياء الأمور.
وقالت عضو مجلس النواب: أغلب الطلاب يستغنوا عن المدرسية بسبب عدم وجود مدرسين، والاستعانة بالدروس الخصوصية.
وعرض الدكتور سامي هاشم، رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب، تقرير اللجنة عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل قانون التعليم، مؤكدا أن مشروع القانون محاط بشبهة عدم الدستورية.
وأكد النائب، أن القانون لا يعالج ظاهرة الغياب من المدرسة، بل قد تؤدي إلى زيادتها، لأن العقوبات الواردة بها (وتكرارها) غير مناسبة ومبالغ فيها، ولا تعالج بصورة فاعلة الأسباب الحقيقية لظاهرة الغياب، وخاصة فيما يتعلق بقطع أو حرمان ولي الأمر من حقه في الاستفادة من المرافق العامة التي هي حق من الحقوق الأساسية للمواطن.
وقال: كما أن الأثر المترتب على هذه العقوبات قد يمتد إلى الأسرة بالكامل ويعوقها عن إشباع الاحتياجات الأساسية للطفل.
وجاءت فلسفة مشروع القانون وفقًا لرؤية الحكومة لرعاية الطفل وحمايته وتوفير التعليم المناسب له كأحد حقوقه الأساسية وللحد من ظاهرة التسرب من التعليم، من خلال استبدال نص جديد للمادة (21) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم (139) لسنة 1981 مفادها "يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه والد الطفل أو المتولى أمره إذا تخلف الطفل أو انقطع دون عذر مقبول عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلم الكتاب المنصوص عليه فى المادة (19) من هذا القانون.
وتتكرر المخالفة وتتعدد العقوبة باستمرار تخلف الطفل عن الحضور أو معاودته التخلف دون عذر مقبول بعد إنذار والده أو المتولى أمره.
ويجوز فضلًا عن ذلك الحكم بتعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهنى التي تقدمها الجهات الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التى تؤدى خدمات مرافق عامة، كلها أو بعضها، بناء على دراسة الحالة؛ حتى عودة الطفل إلى المدرسة.
ويصدر بتحديد تلك الخدمات وقواعد وإجراءات تعليقها وإنهائها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزراء المختصين.
واستندت لجنة التعليم في رفضها لمشروع القانون إلى المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا، بأنه لا يجوز لأي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية مباشرة اختصاصاتها بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها الدستور للحقوق جميعها.
وقال تقرير اللجنة: من المستقر عليه أيضًا قضاءً أن الخدمة المرفقية يتعين أن تكون ميسرة للجميع مهيأة للكافة بشروط رسمها القانون، ويتعين المساواة بين المواطنين إزاء الانتفاع بالمرافق العامة ممن يتساوى في الأحوال والظروف؛ وأن التفرقة بينهما تنطوي على إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين دون تمييز.
كما استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا، على أن النص العقابي وما يقرره من عقوبات يتعين أن تكون متناسبة مع الفعل المجرم، وأن الجزاء الجنائي يتعين يكون بعيدًا عن الغلو أو التفريط بما يفقد القواعد التي تدار العدالة الجنائية على ضوئها فعاليتها. ويتعين بالتالي أن يكون الجزاء الجنائي محيطًا بهذه العوامل جميعها وأن يصاغ على ضوئها.
وباستقراء مشروع القانون تبين الآتي:
- أنه يتضمن حكمًا مفاده تغليظ عقوبة الغرامة المقررة في المادة (21) من قانون التعليم والموقعة على ولي الأمر حال تخلفه أو انقطاعه عن الحضور إلى المدرسة بدون عذر مقبول خلال أسبوع من تسلم كتاب بالإنذار من الغياب، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة خاصة مع تفشي وباء فيروس كورونا، كما تضمن التعديل تعدد العقوبة بتكرار المخالفة.
- تضمن مشروع القانون المعروض حكمًا مفاده جواز تعليق استفادة ولي الأمر من الخدمات المطلوب حصوله عليها بمناسبة ممارسة نشاطه المهني التي تقدمها الجهات الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، كلها أو بعضها، حتى عودة الطفل إلى المدرسة، على أن تحدد هذه الخدمات وقواعد وإجراءات تعليقها وإنهائها بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير التعليم.
وتبين للجنة وفقا لما ورد في تقريرها وجود مغايرة في التنظيم بين الحكم الوارد في نص المادة (293) من قانون العقوبات ا والنص المقترح في مشروع القانون سواء من حيث العلة من النص والهدف المرجو حمايته وتنظيم مسألة التأقيت وغيرها، وبالتالى لا يجوز القياس بين دين النفقة الذى يعد من الديون الممتازة التي أولاها المشرع – وفقًا للمستقر عليه دستوريًا- حماية خاصة وبين الغرامة الواردة فى النص الماثل.
وأبدى أعضاء لجنة التعليم العديد من التحفظات والملاحظات على مشروع القانون على النحو الآتي:
- عدم وضوح فلسفة التعديل المطلوب في ظل الظروف الاجتماعية التي تمر بها البلاد في ظل انتشار جائحة كورونا، خاصة وأنه كانت هناك قرارات وزارية سابقة باعتبار حضور الطلبة للمدارس اختيارى، وأن هناك تصريح أيضًا من السيد وزير التعليم بأن نسبة الحضور بلغت 98% للطلاب بالمدارس.
- أن أركان نظام التعليم الأساسية مدرسة ومعلم وطالب والمادة العلمية تعانى من خلل واضح لأسباب متعددة افصح الوزير عن بعض منها، وبالتالي فمن غير الملائم أن يخرج قانون يستهدف أحد أركان المنظومة دون معالجة حقيقية لباقى المنظومة واهمها حل مشكلة المعلمين وتواجدهم بالمدارس ومعالجة الدروس الخصوصية والسناتر وغيرها من المشاكل.
- ارتأى أعضاء اللجنة وجود شبهة جدية بعدم الدستورية في مشروع القانون من عدة نواحى منها المخالفة للالتزام الدستوري بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز فالنص المقترح يتضمن تعليق أو منع استفادة المحكوم عليه مؤقتًا من خدمات المرافق العامة التي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام المرتبطة بنشاطه المهنى إذ يتعين المساواة بين جميع المواطنين إزاء الانتفاع بالمرافق العامة ممن يتساوى في الأحوال والظروف وأن التفرقة بينهما تنطوي على إخلال بمبدأ المساواة. وأنه لا يجوز لأي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية مباشرة اختصاصاتها التشريعية بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها الدستور للحقوق جميعها. وأنه من ناحية أُخرى لا يجوز للسلطة التشريعية التفويض في اختصاصاتها بمنح وزير العدل بتحديد الخدمات التي يجوز حرمان المحكوم عليه من الاستفادة منها والتي من بينها خدمات المرافق العامة والتي لا يجوز للسلطة التشريعية التفويض فيها وفقًا للمستقر عليه قضاءً على النحو المُشار إليه.
ومن المطاعن التي ارتأتها اللجنة أيضًا تكرار العقوبة ( من 500 جنيه إلى 1000 جنيه) بما يُعد غلوًا في توقيع الجزاء بالمخالفة للمستقر عليه دستوريًا من وجوب التناسب بين الفعل المؤثم والعقوبة، فضلًا عن أن تكرار العقوبة كلما تعدد الانقطاع على النحو المقترح فيه إجحاف لأولياء الأمور، ولا يتحمله ولا يرتضيه المواطن المصري.