رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم جمع المال وإدخاره في الإسلام؟

اكتناز الاموال وادخارها
اكتناز الاموال وادخارها

سأل قارئ عن موقف الشريعة من جمع المال وإدخاره بحجة الزمن وهل تبذير جميع الأموال الفائضة عن الحاجة حرام ؟ 

وأجابت دار الإفتاء المصرية ممثلة في الشيخ حسن مأمون مفتي الديار ـ رحمه الله ـ فقال: إن الإسلام لم يحرم جمع المال وإدخاره، بل ندب إلى جمعه من وجوه الحق مع المحافظة على مواساة ومساعدة أرباب الحاجات وإخراج الواجبات والصدقات وتفريج الكروب وإطعام اليتيم، كما أمر بإخراج الزكاة بأخذها الإمام قهرا لينفقها على الفقراء والمحتاجين.

وأن الناظر في القرآن الكريم يجد جميع آياته تدعو فى رفق ولين إلى التراحم والتعاطف فهو تعالى يقول في سورة البقرة ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) ويقول جلت قدرته في سورة المؤمنون (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للصلاة فاعلون )، ويقول لنبيه عليه السلام (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ).

سد حاجة الفقير 

أن الإنسان لو وقف على ما في الزكاة من نظام لتأكد له أن مشروعيتها قد لوحظ فيها عدم تبرم الغنى وسد حاجة الفقير، إذ أن اشراك الفقير في مال الغني محدد مقدر بشروط، من هنا يتبين انه لابد من تفاوت الناس وتفاضلهم فى الرزق، وان جمع المال قد حث عليه الاسلام بشرط ان يكون ذلك من وجوه الحل، وان يكون على وجه لا يقسو به القلب ولا يوجب الطغيان والتجبر والكبرياءوالترفع عن أداء ما وجب فيه من الحقوق والواجبات التي لوحظ فى مشروعيتها الحفاظ على حق الفقير وصاحب المال.

النهي عن التبذير 

وبينما حث الإسلام صاحب المال على أداء الواجبات نهاه عن الاسراف وتبذير المال الى حد يجعله فقيرا ويترك ورثته عالة يتكففون الناس، قال تعالى ( ولا تبذر تبذيرا، ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ). 

وكذلك كان النبى صلى الله عليه وسلم ينهي أصحابه عن تبذير أموالهم ولو كان ذلك فى سبيل الطاعات رعاية لحق ورثتهم فقد روى ان ( سعد ابن ابى وقاص مرض بمكة فعاده الرسول بعد ثلاث، فقال يارسول الله إني لـ أخلف إلا بنتا أفأوصى بجميع مالى، قال:لا، قال: أفأوصى بثلثى مالى ؟، قال:لا، قال: فبنصفه، قال لا،، قال: فبثلثه ؟ قال:الثلث والثلث كثير لأن تدع ورثتك أغنياء خير من ان تدعهم عالة يتكففون الناس ).

وهذا الحديث أفاد احترام جمع المال كما افاد المحافظة عليه وعدم تبذيره وهذا لا يعارض ما ذهب إليه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه من وجوب إنفاق جميع المال الفائض عن الحاجة عملا بظاهر قول الله تعالى في سورة التوبة ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ).


ليس المراد بالكنز فى هذه الاية جمع المال مطلقا بل المراد بالكنز فيها هو المال الذي لم يخرج منه ما وجب إخراجه كالزكاة والكفارات ونفقات الحج والأهل والعيال وما شابه ذلك من الواجبات التي بينها سبحانه وتعالى فى قوله (ولا ينفقونها في سبيل الله ).

شريعة الزكاة 

ويفسر هذا ما أخرجه الطبرانى والبيهقى في سنته عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أدى زكاته فليس بكنز ) أى بكنز أوعد عليه، فغن الوعيد عليه مع عدم الانفاق فيما أمر الله تعالى ان ينفق فيه ن ولعل ابا ذر رضى الله عنه كان قد غلبت عليه فى آخر أيامه نزعة الزهد فى الدنيا وعاطفة الايثار الىحد جعله يذهب الى وجوب إنفاق ما فضل من المال فى سبيل الله رغبة فى الثواب الأخروى، ففى هذا تعطيلا لشرعية الزكاة والمواريث وغير ذلك من الواجبات التى ترمى الى حفظ النظام والابقاء على النوع الانسانى فى الحياة.

مذهب فردي 

إلا أنه مهما يكن من قول فى مذهب أبى ذر الغفارى فإنه مذهب فردى لم يتابعه عليه أحد من المسلمين ولم يستند الى دليل من كتاب الله وسنة رسوله.. والله تعالى اعلم.

الجريدة الرسمية