هل يوقظ حادث الطفل ريان ضمير العالم؟
وتعيشي يا مصر يا ست الكل، بعيدا عن الجرائم الجنائية.. بينما "فشلت" دولة المغرب من تحرير جثة ابنها "ريان" الملقي ببئر بالصحراء إلا بعد خمسة أيام كاملة.. نجحت مصر في تحرير الحاوية " إيفر جيفن" التي علقت عمدا في قناة السويس لتعطيل الملاحة بعد ستة أيام وسط ذهول كبير من العالم لنجاح المجهودات العملاقة المصرية بهذه السرعة.. بينما الشيء الوحيد الذي نجحت فيه دولة المغرب هو " البروباغاندا الفيسبوكية" لجذب أنظار العالم نحو طفل سقط في البئر في منطقة تستوجب التوقف أمامها وطرح الكثير من علامات الاستفهام حول سبب وجود طفل في منطقة خطرة ونائية كما شاهدنا، وعليه يجب حساب أمه وأبيه تحت بند الاهمال أو الاجابة عن سبب تواجد طفل بتلك المنطقة لأن وجوده في حد ذاته مريب.. بروباجندا مفتعلة ربما تكون للتغطية على حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية المقامة في العاصمة الصينية "بكين".. ولكن لا مثار للتعجب، فهذا هو حال مواقع التواصل الاجتماعي ومستخدميه.
وبينما تتعلق أنظار العالم بالطفل المغربي "ريان" والذي خرج تقرير حول كونه كان متوفيا وتم التعتيم اعلاميا، فهناك طفل آخر سوري الجنسية مازال على قيد الحياة ولكنه مخطوف من قبل عصابة خطيرة ببلدة درعا وهو الطفل " فواز قطيفان" والذي انتشر تسجيلا له وهو يجلد عاريًا على يد مختطفيه بطريقة وحشية، كفيلة بتحريك كل المشاعر الإنسانية التي شاهدناها في حادثة ريان ومع ذلك لم يلتفت من أجله أحد واقتصرت النداءات على "تبرعوا لانقاذ فواز قطيفان" وهنا تساءلت أين رجال الأعمال والفنانين السوريين ؟! أين الدولة السورية ؟! فهل يتم استغلال حادث الاختطاف لجمع المزيد التبرعات بينما يعاني الطفل المسكين ؟ هذا الأداء الصامت ذكرني بأداء الشرطة المصرية والتي تنجح عادة في مثل تلك الحوادث، وآخرها كانت حادث طفل الغربية والتي سحلت والدته وهي تحاول إنقاذه كما سجلت الكاميرات ومن قبله الطفل "سامي" والذي يعرف إعلاميا بطفل الشروق.. هذه هي دولة المؤسسات والتي حاول التنظيم الإرهابي اسقاطها في ٢٥ يناير ٢٠١١ وجاءت ثورة ٣٠ يوليو ٢٠١٣ لتكتب شهادة وفاة لكل عميل وصاحب أجندة، بينما مازال أطفال سوريا وليبيا والعراق واليمن يعانون ثورات الخريف العربي.
من يظن أن حادث ريان كفيل بايقاظ ضمير العالم، فهو واهم ؛ فعلى سبيل المثال فقد سجلت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ما بين مارس 2011 ومارس 2021 بلغ عدد القتلى من الأطفال 27126 طفلا سوريًا، بينما يموت أربعة أطفال بشكل يومي في اليمن والتي تعيش أسوأ كارثة إنسانية.. فهل ألتفتت أنظار العالم لهؤلاء ؟! لم يحدث !! ولنا في أطفال فلسطين والذين يغتالهم رصاص الاحتلال مثال قوى على أن حادث "ريان" ما هو إلا فقاعة فيسبوكية لتخدير الوعي العام أو مجرد اختبار لقياس درجة هذا الوعي، لدرجة أن بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي طالبت المنتخب المصري بعدم الاحتفال حال فوزه.. ولكنها لم تتضامن مع الأطفال في المخيمات والذين يحصدهم الموت بردًا وجوعًا وعلى يد التنظيمات الإرهابية!
مات ريان وحقيقة موته يصاحبها الريبة وهناك كثيرون مثله قد ماتوا من قبل وهناك أيضا آخرون ينتظرهم الموت، فهل تستيقظ الانسانية الغائبة ويكون الطفل ريان جرس إنذار لاستنفار تلك المشاعر ؟!! هل يتحرك العالم من أجل باقي الأطفال المعذبين؟! أعتقد أن الإجابة تكمن في اسم الطفل "محمد الدرة" وفي مصير الطفل الغريق "آلان كردي" صاحب الثلاث سنوات.. فلم يكن هناك فارق بين الدرة وآلان .. ولكنها إنسانية العالم الافتراضي، إنسانية مؤقتة وستذهب لحالها بعد حين أو حينما يتجدد حادث آخر.