قانوني يوضح الفرق بين جريمة الضرب المفضي إلى الموت والقتل الخطأ
حدد المستشار محمد عبد السلام قاض سابق بمحكمة الجنايات الفرق بين جريمتي الضرب المفضي للموت، والقتل الخطأ، موضحًا أن جريمة الضرب المفضي إلى الموت، يأتى الجاني الفعل الإجرامي ويكون متوفرًا لديه القصد الجنائي أي يقصد الاعتداء على سلامة جسم المجني عليه فقط ولكنه يتجاوز ذلك ومن كثرة ضرب المجنى علية فيؤدي ذلك إلى نتيجة أبعد من ذلك وهي إزهاق روح المجني عليه.
وأشار إلى أن هذه الجريمة تتمثل في وفاة المجنى عليه سواء تحققت الوفاة مباشرة بعد فعل الضرب أو الجرح أو إعطاء المادة الضارة أو العنف أو مخالفة القانون أو تحققت بعد فترة من الزمن، وتكمن أهمية حصول الوفاة في أن هذه الجريمة لا تتحقق وبالتالي لا يمكن مساءلة الجاني عنها وإنما يسأل عن جريمة أخرى إلا وهي الإيذاء، كما أن عدم تحقق الوفاة لا يرتب على الفاعل مسؤولية عن الشروع لأن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت لا يتصور فيها الشروع بسبب أن قصد الجاني كان منصرفا إلى تحقق الأذى بالمجنى عليه وليس إلى تحقق الوفاة.
وأضاف عبد السلام، ان هذه الجريمة تتطلب أن تكون الوفاة قد ترتبت على نشاط الجاني ولو ساهم مع فعله عامل سابق أو معاصر أو لاحق أي أن فعل الجاني هو السبب في تحقيق الوفاة، ولولاه لما حصلت الوفاة، وعليه إذا تبين أن العلاقة السببية متوافرة بين فعل الجاني والأذى الذي أصاب المجنى عليه ولكنها غير متوافرة بين الفعل والوفاة التي تعد أثرًا لازدياد خطورة الأذى الأول.
وأشار عبد السلام إلى أن أوجه الاختلاف بين جريمة الضرب المفضي إلى الموت وجريمة القتل الخطأ في نقاط
1- الاعتداء والعمد في الفعل الجرمي
و هي من أهم أوجه التفريق بين جريمة الضرب المفضي إلى الموت وجريمة القتل الخطأ، فرغم التشابه في وجود الفعل الجرمي (الركن المادي) في كلا الجريمتين كما أوضحنا سابقًا، إلا أنها تتطلب في جريمة الضرب المفضي إلى الموت وجود اعتداء من قبل الفاعل وإن يكون ذلك الاعتداء عمديًا، بمعنى أن الفاعل كان يقصد الضرب أو الجرح أو العنف أو إعطاء المادة الضارة أو أي فعل مخالف للقانون ولم يكن قاصدا أكثر من حصول ذلك، أي لم يكن يقصد النتيجة الجرمية وهي (الموت) وهذا ما هو مقصود بجملة (من اعتدى عمدًا على آخر.. ومثاله قيام شخص بضرب جار له بناء على خلاف سابق ضربًا مبرحًا بواسطة عصا وأفضى ذلك إلى موته).. أما في جريمة القتل الخطأ، فلا يوجد اعتداء مطلقًا من قبل الفاعل، وإنما يوجد فعل صادر عن شخص أدى بناء إلى قتل خطأ أو تسبب في قتله من غير عمد، ومثاله قيام شخص بتنظيف سلاح ناري وكان يجهل وجود إطلاقه فيه فأصيب صديقه الذي كان جالسًا أمامه وأدى ذلك إلى موته.
2- سبق الإصرار
عرفته المادة 33 فقرة 3 من قانون العقوبات بأنه: التفكير المصمم عليه في ارتكاب الجريمة قبل تنفيذها بعيدا عن ثورة الغضب الآني أو الهياج النفسي، وهو أمر متحقق في جريمة الضرب المفضي إلى الموت لوجود الاعتداء والعمد والذي يؤكد وجود تصميم مسبق على ارتكاب الجريمة وهو ما منصوص عليه أيضًا في المادة 410 من قانون العقوبات ... وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشرين سنة إذا ارتكبت مع سبق الإصرار... وهو لا يمكن تصوره مطلقًا في جريمة القتل الخطأ لانتفاء الاعتداء والعمد فيها وكونها قد نشأت عن خطأ آني.
3- المساهمة في الجريمة
تنص المادة 48 من قانون العقوبات على.. يعد شريكًا في الجريمة
أ- من حرض على ارتكابها فوقعت بناء على هذا التحريض.
ب- من أتفق مع غيره على ارتكابها فوقعت بناء على هذا الاتفاق.
ج- من أعطى الفاعل سلاحًا أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعده عمدُا بأي طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها.
وتابع: “من خلال خلال ذلك نرى أنه من الممكن تحققه في جريمة الضرب المفضي إلى الموت لإمكانية توفر سبق الإصرار فيها، ولا يمكن تحققه في جريمة القتل الخطأ لعدم إمكانية حصول سبق الإصرار فيها ولكونها مبنية على خطأ آني غير مقصود، علمًا أن الشريك في جريمة المفضي إلى الموت إذا كان يهدف من فعله النتيجة الجريمة فيحاسب هو على جريمة قتل ويحاسب الفاعل عن جريمة ضرب مفضي إلى الموت والعكس صحيح، وإن ذلك يأتي عملًا بإحكام المادة 54 من قانون العقوبات”.