الأزهر يحتفل باليوم العالمي للإخوة الإنسانية.. وفعاليات خاصة في معرض الكتاب
احتفل الأزهر الشريف اليوم الجمعة باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، وذلك بمشاركة كافة قياداتة وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والقطاعات التابعة للمشيخة، وذلك بالتزامن مع احتفالات العالم اليوم والقادة الدينيون والشخصيات العالمية والناس في كل مكان، باليوم الدولي للأخوة الإنسانية في نسخته الثانية.
حيث يوافق اليوم الذكرى الثالثة لتوقيع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية في أبو ظبي في الرابع من فبراير عام 2019م، وأقام الأزهر أنشطة وفعاليات متنوعة في معرض القاهرة الدولي للكتاب احتفالًا بهذه المناسبة وتعريفًا بالوثيقة وتنفيذًا لبنودها.
وكيل الأزهر
ومن جانبه قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، لقد مرت ثلاثة أعوام على توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» تلك الوثيقة التي وضعت العالم أجمع أمام ماضيه وحاضره ومستقبله؛ ليكون صاحب قرار في تبني ما جاءت به الأديان السماوية، وما يقره العقلاء والحكماء، وما تنطق به الأعراف والمواثيق الدولية، وخلال هذه الأعوام الثلاثة عملت اللجنة العليا للإخوة الإنسانية على التواصل الفعال مع من استطاعت من العالم: منظماته ومؤسساته ومفكريه وعقلائه لعرض الوثيقة وأهدافها؛ لتلتف البشرية حول معنى جامع، يأخذ بأيديها إلى السلام، ويقطع على المنحرفين مخططاتهم.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بمهرجان الأخوة الإنسانية بدولة الإمارات العربية المتحدة بالحلقة النقاشية" حول أبعاد الأخوة الإنسانية في التحالف العالمي للتسامح"، أن ديننا وأمتنا وبلادنا بلاد التسامح، وثقافة التسامح التي يحيا بها الناس في مصر وفي الإمارات وفي غيرها من البلاد هي فضيلة إسلامية إنسانية بامتياز، حث عليها وحي السماء، وغرسها في نفوس البشر وضمائرهم؛ من أجل التخلي عن الأمراض الاجتماعية والنفسية والثقافية كالكراهية والحقد والعنف وغيرها من الأمراض التي تترك آثارًا هدامة في حياة الأفراد والمجتمعات.
قيمة التسامح في الشرائع السماوية
وبيَّن الدكتور الضويني أن الشرائع السماوية تتفق على قيمة التسامح، وتخصها بقسط وافر من النصوص، ولو أن أتباع الوحي تلقوا نصوصه بعيدًا عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، لأمن كل إنسان على نفسه في أي مكان وأي زمان، وقد جاء الإسلام بجملة من المبادئ الأخلاقية والقيم الحضارية التي تعصم النفوس، وتحفظ الأرواح، وتضبط حركة الحياة والأحياء، فلا فرق في الإسلام بين بني الإنسان بسبب اللون، أو الجنس، أو اللسان، فهم جميعا من أصل واحد: أب واحد، وأم واحدة.
وشدد وكيل الأزهر أن نفس الإنسان في الإسلام مصونة معصومة أيا كان هذا الإنسان، وإزهاق نفس واحدة في أحكام الإسلام كقتل البشرية كلها، وإحياء نفس في أحكام الإسلام كإحياء البشرية كلها؛ ولقد استطاع سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرعى مبادئ الخير والحب والسلام، حتى أثمرت أخوة وتسامحا في مكة، ووثيقة تنظم العلاقات في المدينة المنورة، وترك هذه المبادئ في الأمة سنة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تستطيع بها الأمة أن تتعايش مع الكون كله، وقد أثبت التاريخ صدق ذلك وواقعيته.
الأزهر الشريف
وأوضح فضيلته أن الأزهر الشريف قد ورث من النبوة آثارها وأنوارها، وحين أدرك الأزهر بحسه الديني، وواجبه الإنساني، ودوره العالمي حاجة البشرية إلى هذا النور الذي يبدد ظلمات العنف والتطرف، ويكشف التيارات المنحرفة استنبت من هذه البذور النبوية الطيبة نبتًا جديدًا معاصرا أثمر وثيقتين: جاءت أولاهما عام 2017، تحت عنوان: «إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك»، وجاءت الثانية عام 2019، تحت عنوان: «وثيقة الأخوة الإنسانية».
وأكد الدكتور الضويني أن الأزهر في الوثيقة الأولى شدد على أن «المواطنة» مصطلح أصيل في الإسلام، ترجمة الصحابة إلى واقع عملي، ظهرت ثمراته في حياتهم مع غيرهم، وأن «المواطنة الحقيقية» لا إقصاء معها، ولا تفرقة فيها، وإنما تقبل التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية، وأن «المواطنة الصادقة» تستلزم بالضرورة إدانة كل التصرفات والممارسات التي تفرق بين الناس بسبب من الأسباب، ويترتب عليها ازدراء أو تهميش أو حرمان من الحقوق، فضلًا عن الملاحقة والتضييق والتهجير والقتل، وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام.
وثيقة الأخوة الإنسانية
وأضاف وكيل الأزهر أن «وثيقة الأخوة الإنسانية» ولدت من فكر أزهري مستنير، واحتضنتها أرض الإمارات؛ لتكون موجهة إلى العالم كله، بدءا بقادة العالم وصناع السياسات الدولية والاقتصادية العالمية، من أجل وقف الحروب وسيل الدماء غير المبرر، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، وتقف بما فيها من مبادئ في وجه هذا الانحدار الثقافي والأخلاقي الذي يعارض القيم والثوابت.
وأوضح فضيلته أن وثيقة الأخوة الإنسانية تضمنت قيما نبيلة نصت عليها الشرائع السماوية كافة، فأكدت حق الإنسان في الحرية المسؤولة، سواء في العقيدة أو الفكر أو التعبير أو الممارسة، وأرست آداب التعامل في ظل التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة، ونادت بالحوار المبني على التسامح وقبول الآخر، وبإقامة العدل المبني على الرحمة، وبغير ذلك من مبادئ التي تضمن لبني الإنسان مقومات الحياة الكريمة، وتقدر في حال الالتزام باتباعها على تخليص الناس من المنغصات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تفسد عليهم بهجة الحياة.
وأوضح وكيل الأزهر أن العالم ما يزال يشهد توترات غير مبررة، بسبب اعتداءات مباشرة من دول على دول أخرى، أو من جماعات قلقة على دول آمنة، أو بسبب اعتداءات غير مباشرة بتدخل بعض الدول في شئون بعض، أو بسعي بعض الدول في سلب حقوق بعض، أو بعدم جهر الدول بالحق في الموطن الذي يجب، إلى آخر هذه الصور التي تظهر المعادن الأصيلة من الزائفة، وهذه التوترات وأمثالها تؤدي بلا شك إلى ضياع السلام والأمن، وتشيع الدمار والفزع.
وبيَّن الدكتور الضويني أن «الأخوة الإنسانية» تنادي على الناس بقيم التعارف والتعايش، والتواصل والحوار، وإقرار هذه المبادئ لا يعني أبدا التفريط في الحقوق، ولا الاعتداء على الخصوصيات، ولا مسخ الهويات، ولا الإساءة إلى المعتقدات، كما يظن البعض، فالعقيدة ليست مجالا للمساومات ولا المفاوضات، كما أن الإخوة الإنسانية» لا تفرق بين الشعوب، فليس لشعب حق في الحياة دون شعب، ولا تفاضل بين الأمم، فليس لأمة حق في الأمن دون أمة.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن إطلاق التحالف الدولي للتسامح على أرض الإمارات دليل واضح على حصافة قادة الإمارات العربية المتحدة، ونبل مقصدهم في تعزيز التسامح والتعايش في ربوع العالم، وإن اجتماع اليوم ينادي الحاضرين والمتابعين بأن يبذلوا أقصى ما يستطيعون في سبيل ذلك، وإننا نطمح إلى يوم تنتهي فيه الحروب والمناوشات، وتندثر فيه الأكاذيب والشعارات، وينقطع فيه العنف وقهر الضعفاء، واغتصاب أرض الشعوب وسرقة مقدراتهم، وتدخل بعض الدول في شئون بعض، أو صمت بعض الدول حين يجب عليها الكلام، مبينًا أن رسالة الوثيقة ما زالت موجهة إلى الجميع: سياسيين ومفكرين وفلاسفة ورجال دين وفنانين وإعلاميين بضرورة العمل على تفعيل هذه المبادئ المشرقة.
مجمع البحوث الإسلامية
من جانبه قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن العالم شهد خلال الآونة الأخيرة نزاعات وصراعات جعلت العالم يشبه الغابة التي يعتدي فيها القوي على الضعيف والكبير على الصغير، في غياب لقيم الأديان وسماحتها بين الناس، وفي ظل هذه الصراعات كان لا بد من يد رحيمة تأخذ بيد الإنسان إلى فطرته السوية النقية، فجاءت وثيقة الأخوة الإنسانية لتكون دعوة رحيمة تهدف إلى العودة بالإنسان إلى إنسانيته ومَهمَّته التي خلق لها وهي إعمار الأرض والتعامل بالأخوة والرحمة والمودة.
وأضاف خلال حديثه في احتفالية الأزهر باليوم الدولي للأخوة الإنسانية بعنوان: «تعزيز التعايش السلمي من خلال وثيقة الأخوة الإنسانية» في جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب- أن حاجة العالم إلى السلام جعلت هذه الدعوة النبيلة تأتي من رمزين كبيرين هما فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، من خلال وثيقة الأخوة الإنسانية التي تعد امتدادًا لوثيقة المدينة المنورة التي وضعها الرسول ﷺ ليحدد أطر العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان مهما كان الاختلاف بينهما.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ومن هنا جاءت وثيقة الأخوة الإنسانية لتنشر السلام والنور في العالم، وأنه لا يوجد عمل من الأعمال التي ينظر إلى قدرتها على تحقيق السلام ونشر القيم النبيلة إلا وستواجه صعابًا وتحديات، وأولى هذه الصعاب تتمثل في الإنسان الذي يعاني من أخيه الإنسان ورفض الإنسان للتغير والتاريخ يشهد على ذلك، والعائق الثاني هو الموقف من الدعوة للتغيير من قبل بعض المؤسسات التربوية والتعليمية والدينية حول العالم، فأحيانا يحدث نوع من الصراع غير المقبول بين أتباع الرسالات يمكنه أن يؤدي إلى مزيد من المشكلات والتحديات رغم أن الله جعل البشر شركاء في الإنسانية.