رئيس التحرير
عصام كامل

بطعم الحرب الباردة.. زيارة بوتين لبكين تفتح آمال عودة العملاق الشيوعي لمواجهة الغرب

روسيا والصين وأمريكا
روسيا والصين وأمريكا

تتصاعد حدة التوتر والصراع بين الشرق والغرب على المستوى العسكري على خلفية أزمة العزو الروسي لأوكرانيا ما تسبب في حالة من التصعيد خاصة مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نقل أكثر من 2000 جندي من قواتها إلى أوروبا ووضع أكثر من 8500 جندي على أهبة الاستعداد على الصعيد العسكري.

بينما على الناحية الأخرى تتخذ واشنطن حزمة من الإجراءات العقابية التي هددت أن تطال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا والنخبة الحاكمة في موسكو في خطوة لردع العملاق الروسي الذي لم يقف مكتوف الأيدي.

موسكو تتحرك للصين 

حيث تتخذ موسكو مجموعة من الإجراءات التحصينية ضد النظام الغربي والولايات المتحدة الأمريكية مغلفة بطعم عودة العملاق الشيوعي الشرقي من جديدة في مواجهة الغرب على خلفية زيارة الرئيس الروسي للصين لفتح آفاق جديد للتعاون بين موسكو وبكين.

وفي ذلك الصدد قال السفير الروسي في الصين، أندريه دينيسوف، إن زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الصين في 4 فبراير الجاري، لها أهمية مبدئية بالنسبة للعالم كله.

وأضاف دينيسوف في بث قناة "سولوفيوف لايف" على "يوتيوب": بلا شك تعتبر (هذه الزيارة) مهمة مبدئيا بالنسبة لنا وبالنسبة للصين وبالنسبة للعالم كله.

حيث سيتم لقاء زعيمي دولتين كبيرتين لديهما تأثير كبير على السياسة العالمية؛ ويتم هذا اللقاء في وقت متناقض للغاية".

وأشار إلى أن زيارة الرئيس الروسي إلى الصين مهمة للغاية، إذ أنها تخلق فرصة لمحادثات ثقة.

وأضاف: "في الواقع تكتسب المحادثات مثل هذا الطابع الودي بالمعنى الجيد للكلمة؛ وبالدرجة الأولى يدور الحديث عن أجواء مناقشة القضايا المهمة جدا لدولتينا، لأن رئيسنا والرئيس الصيني (شي جين بينج) يدركان المسؤولية تجاه شعوبهما الموكلة إليهما".

وتابع: "لدينا مواقف قريبة أو متطابقة من المشكلات الرئيسية ليس فقط في مجال السياسة الدولية ولكن أيضا حول كيفية تطوير دولتينا في الظروف الصعبة الحالية، وتطويرها في كل المجالات، ليس فقط من حيث الاقتصاد، ولكن أيضا من حيث الحياة الاجتماعية".

15 اتفاقية بين موسكو وبكين 

ومن جانبه قال مستشار الرئيس الروسي للعلاقات الدولية، يوري أوشاكوف، أن زيارة بوتين لبكين من المقرر تبني حزمة واسعة من الوثائق، يتجاوز عددها 15 اتفاقية.

وأضاف أوشاكوف للصحفيين: "من المقرر اعتماد مجموعة واسعة للغاية من الوثائق الثنائية، بما في ذلك الحكومية والتجارية؛ التنسيق لا يزال جاريا، وسننشر القائمة في نهاية المفاوضات".

وأشار أوشاكوف إلى أن هذه الوثائق ستسهم في تطوير التعاون بين روسيا والصين في مختلف المجالات: "وأستطيع أن أقول إن لدينا ما يتجاوز 15 اتفاقية في الملف الذي يتم إعداده لهذه الزيارة".

وأكد أوشاكوف للصحفيين: "إن التعزيز المستمر للعلاقات الثنائية يخدم المصالح المباشرة لدولنا؛ هذه العلاقات مبنية على إجماع عام مستقر حول آفاق التعاون ونطاقه وعمقه، ومن المهم ألا تتأثر علاقاتنا بأي دولة أخرى وألا تكون موجهة ضد أحد".

وأضاف أوشاكوف: "من المهم للغاية ألا تقبل دولنا استخدام العقوبات الأحادية الجانب، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول"، مؤكدًا أن موسكو وبكين "لديهما مواقف متشابهة ومتطابقة بشأن جزء كبير من المشاكل الدولية".

وعلى الصعيد الداخلي تتحصن موسكو بنظام مالي خاص بدأ منذ 2014.

التحصين ضد العقوبات

وضعت موسكو خطة تسمى بـ"روسيا الحصينة"، وهي إجراءات مصممة لضمان عدم انهيار الاقتصاد أو النظام المالي الروسي، من جراء فرض عقوبات جديدة، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

ولدى صندوق الثروة السيادي الروسي، أصول بقيمة 182 مليار دولار، أو ما يقرب من 12%من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لوزارة المالية الروسية.

وفضلًا عن عقوبات ضد بوتن ورجاله، قد يلجأ الغرب إلى حظر معاملات البنوك الروسية بالدولار، واستبعاد موسكو مِن نظام "سويفت" المالي العالمي الذي يربط بين البنوك،فضلا عن عرقلة خط "نورد ستريم 2".

لكن روسيا نجت من موجات العقوبات الغربية في أعقاب ضمها شبه جزيرة القرم 2014، على الرغم من تدهور الروبل وتضاؤل الاستثمار الأجنبي.

ومع كل تلك المخاطر تظهر حتمية التقاء طرفي العملاق الشيوعي السابق لتسيير المصالح المشتركة خارج نطاق القوى الغربية والاوروبية في أجواء عالمية ملتهبة تذكر البشرية بحقبة الحرب بين الشرق والغرب عقب انهيار النظام النازي بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وتفتح الاجواء لانتهاج النظرية الشيوعية التي لازال لها رونقها في موسكو وبكين. 

الجريدة الرسمية