رئيس التحرير
عصام كامل

خريطة عمالة الصغار في مصر.. عُشر الأطفال اضطرتهم الظروف.. وخدمة القاصرات أسوأ السيناريوهات

عمالة الصغار
عمالة الصغار

لم ترحم الحياة براءتهم، ودهست الحوادث أجسادهم الصغيرة، إنهم الأطفال الصغار الذين جاءوا للحياة ليتحملوا أقدار عائلاتهم فكان قدرهم أن يعملوا ليواجهوا قسوة الحياة بأجساد أضعفها الفقر، وليلقوا مصائرهم فى الحوادث على الطريق.

المسح القومى لظاهرة عمل الأطفال فى مصر الصادر عن المجلس القومى للطفولة والأمومة عام 2018 أكد أن هناك 2.76 مليون طفل عامل فى مصر، يمثلون نحو 26%، أي أكثر من خُمس الأطفال فى الشريحة العمرية من 14 إلى 16 سنة.

وبحسب تقدير منظمة العمل الدولية، يوجد فى مصر نحو 2.8 مليون طفل من الفئة العمرية من 12 حتى 17 عامًا، يعملون فى مجالات مختلفة، ومن أكثر الأعمال شيوعا بين أطفال الزراعة، حيث تصل نسبتها إلى 63% من إجمالى عمالة الأطفال، و19% فى الصناعات التحويلية والتشييد والبناء.

وأظهرت حوادث عمالة الأطفال مدى القسوة التى يتعرضون لها، فقد شهد عام 2006 الكثير من حوادث الطرق الزراعية التى راح ضحيتها عدد غير قليل من الأطفال العاملين فى جنى المحاصيل نتيجة رعونة السائقين. حيث وقع حادث سير لقى 13 طفلًا مصرعهم عندما انقلبت بهم السيارة التى كانت تقلهم عائدين من أحد الحقول.

خدمة القاصرات

كما برزت خدمة الفتيات القاصرات فى المنازل كمثال صارخ على معاناة هذه الشريحة من الأطفال، وأشهر حوادث انتهاك حقوق الخادمات القاصرات ما تعرضت له فتاتان ريفيتان عملتا لدى إحدى الفنانات الشهيرات. وقامت الفنانة بضرب الفتاتين وتشويه جسديهما وحلق شعرهما حتى لا يفصحا عما رأوه، وتم الحكم على الفنانة بالسجن لمدة عام.

وفى أكتوبر 2010، انهار مصنع للملابس فى منطقة محرم بك بالإسكندرية، راح ضحيته 26 أغلبهم من الأطفال، ويُعد أسوأ وأخطر الحوادث التى تؤكد الظروف القاسية التى يعمل بها الأطفال فى مصر، حيث إنهار مصنع للملابس الداخلية فى منطقة محرم بك، حيث تبين أن العديد منهم من الأطفال الذين يعملون لسد احتياجات أسرهم، وكان المصنع يتكون من 6 طوابق، انهارت دفعة واحدة على من فيها وعددهم وصل إلى 50 عاملًا، منهم العديد من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا، وبلغ عدد القتلى جراء انهيار المصنع 13 وإصابة 10 آخرين.

وفى أغسطس عام 2018، شهدت مصر حادثًا أليمًا بانتحار طفل "14 عامًا" شنقًا بسبب سوء معاملة صاحب الورشة التى يعمل بها.

وفى يناير 2019، لقى 3 أطفال مصرعهم وأصيب 16 آخرين فى حادث تصادم بين سيارتين لنقل العمالة الزراعية بالطريق الصحراوى السريع بمنطقة غرب النوبارية بالبحيرة، حيث وقع حادث التصادم عند الكيلو 82، بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى السريع.

العمالة الزراعية

وكانت عجلة قيادة سيارة نقل محملة بالعمالة الزراعية من الأطفال، اختلت فى يد السائق، مما أدى لاصطدامها بسيارة أخرى كانت تسير فى ذات الاتجاه، وأسفر الحادث عن مصرع الأطفال الثلاثة وكانت أعمارهم تتراوح من 10 إلى 13 عامًا، وإصابة 16 من ركاب السيارتين.

أما فى أبريل عام 2020، أصيب 43 طفلًا بقنا، فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل، بجوار كمين الكرنك تجاه سوهاج مركز أبو تشت، بسبب اختلال عجلة القيادة بيد السائق، حيث كان الأطفال فى طريقهم للعمل فى مزرعة لجنى البصل، فى إحدى المناطق الزراعية التابعة لمركز أبو تشت.

أما الأطفال المصابين فى الحادث فكانوا مقيمين بقرية الحلافى بسوهاج، وتتراوح أعمارهم ما بين 7 و19 عامًا، وكانوا ذاهبين للعمل فى المزرعة بين مركزى أبو تشت ونجع حمادى، وفي أثناء استقلال الأطفال سيارة ربع نقل فى طريقهم للعمل فى الزراعات، انقلبت السيارة وأصيب الأطفال.

وفى سبتمبر 2020، وقع حادث بشع لأطفال تراوحت أعمارهم من 12 إلى 18 عامًا، كانوا ينتمون لأسر متوسطة الحال بطهطا محافظة سوهاج، يعملون باليومية، لمساعدة أسرهم على مصاعب الحياة، وكانت وجهتهم إلى مزارع بشرق العوينات، حيث اتفق مقاول أنفار على أن يعملوا فى تلك المزارع براتب يصل إلى 3 آلاف جنيه شهريًا.

ووضع مقاول الأنفار الأطفال فيما يشبه معسكر ينامون فى خيام، وكل طفل يتسلم 3 أرغفة يوميا، وكانت وجبتهم الأساسية لا تخرج عن "جبن وفول"، وغطاؤهم من أجولة البطاطس. يستيقظون قبل طلوع الشمس، وينهون عملهم مع مغيبها، ويقوم تاجر الأنفار بضربهم بخرطوم لحثهم على العمل، كما تعرض الأطفال للكى بالنار، والتعذيب حيث تعرض أحدهم للكسر بالفك، ليتم القبض على المقاول فى قسم شرطة صدفا بأسيوط، وحبسه بعد توجيه تهمة الاتجار بالبشر له، وحرر له محضر برقم 4402 إدارى مركز صدفا.

حوادث الأطفال

فى مايو 2021، شهد طريق الصعيد الصحراوى الغربى حادثًا مروعًا لسيارة ربع نقل راح ضحيته طفلين وأصيب ٢١ طفلًا إصابات مختلفة، وهم فى طريق عودتهم من العمل بإحدى المزارع بالظهير الصحراوى الغربى، ليتم نقل الجثتين والمصابين إلى مستشفى أبو قرقاص.

وفى أغسطس 2021، شهدت منطقة أطفيح حادث مؤلم لطفل وُصف بـ"شهيد لقمة العيش"، حيث عُثر على جثة الطفل مشنوقًا بحبل على يد مجهولين، بعد تغيبه ليوم كامل، وألقوا جثته بالمقابر، وكان الطفل يعمل على توك توك لمساعدة والده المُصاب بالعجز عقب حادث تعرض له، لكن ثلاثة أشخاص قاموا بقتل الطفل للاستيلاء على التوك توك.

وفى ديسمبر 2021، لقى طفلان مصرعهما، وأصيب 24 آخرين بينهم أطفال، فى انقلاب سيارة ربع نقل، بوصلة الدواويس بطريق القصاصين- القاهرة، بنطاق دائرة القصاصين الجديدة بالإسماعيلية، ووقع الحادث أثناء نقل الأطفال لمزرعة لجنى البصل، حيث انقلبت سيارة ربع نقل بوصلة الدواويس، وأسفر الحادث عن مصرع طفل وطفلة 13 عامًا وإصابة 24 آخرين من العمال خلال ذهابهم لمزرعة جنى البصل، بينهم 18 طفلًا فضلًا عن الطفلين المتوفين، وكانت تتراوح أعمار الأطفال من 10 سنوات إلى 15 عام.

أما الحادث الأخير فوقع فى شهر يناير الحالى 2022، حيث سقطت سيارة أقلت 23 طفلًا، 10 فتيات و13 صبيًا، تتراوح أعمارهم من 12 حتى 17 عامًا، كانوا عائدين من مزرعة دواجن يعملون بها لجمع البيض، وأثناء صعود السيارة أعلى المعدية لم يتحكم قائدها فى الفرامل وسقطت من الجهة الأخرى بالمياه.

كانت السيارة تقل الأطفال عبر معدية القطا بمركز منشأة القناطر، التابعة لفرع رشيد، أثناء نقلهم من مقر عملهم كعمال يومية بإحدى مزارع البيض إلى قريتهم، عزبة التفتيش قرية طليا مركز أشمون منوفية، عقب انتهاء عملهم فى مزرعة دواجن فى قرية القطا بالجيزة. وأسفر الحادث عن مصرع 8 أطفال.
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية