رئيس التحرير
عصام كامل

الترقيع الدستوري...كلاكيت ثاني مرة


المُصيبة في هذا الإعلان الدستوري غير ثوري الفكر أو النزعة الذي أصدره رئيس الجمهورية المؤقت، هو إصرار الحاكمين على مبدأ تعديل بعض نصوص دستور 2012، مُكررين ذات مبدأ الترقيع الدستوري الذي انتهجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في فبراير 2011، وهو ما نبَّهت منه وقتها ولكن لا حياة لمن تُنادي ولا حياء أيضاً! وأعيد التحذير الآن من جراء ذلك على مستقبل البلاد ونجاح ثورتها.


فالحالة الثورية الآنية تقتضي تغييراً شاملاً للدستور بأكمله وليس ترقيعاً في الجسد الدستوري الذي استمات النظام الحاكم ومن والاه من أهله وعشيرته والمُريدون والأنصار من الأحزاب والجماعات، حتى نجحوا في تمريره من هذا الشعب البسيط الطيب باسم الدين.

وحتى لو جاءت الاقتراحات التي ستحددها لجنة الخبراء العشرة المنصوص عليها في المادة (28) من الإعلان مُناسبة من الوجهة الدستورية، فإن بعضها في الأغلب لن يُناسب الفكر الثوري الذي خرجت جموع الشعب على أساسه مُستقلة الشوارع والميادين في أنحاء مصر المحروسة، إذ ستظل مُسيطرة عليها أفكار جيل أرهقته السنون والظنون معاً، تبتعد مسافات عن أحلام أجيال شابة على الضفة الأخرى من المستقبل.

الغريب في الأمر أن السيد الرئيس المؤقت كان عضواً في تشكيل المحكمة الدستورية العليا التي أصدرت حكمها في الثاني من يونيو الماضي في القضية رقم 166 لسنة 34 قضائية دستورية، والذي قضي بعدم دستورية القانون رقم 79 لسنة 2012 الخاص بمعايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية التي أعدَّت دستور، لأن العوار الدستورى الذى لحق به أحاط بالبنيان التشريعى للقانون برمته، لارتباط نصوصه ببعضها البعض ارتباطًا لا يقبل التجزئة، لأنه لا يتصور أن تقوم لبعض هذه النصوص قائمة بغير بعضها الآخر أو إمكان إعمال حكمها فى غيبتها. وبالتالي فهو يُدرك أكثر من غيره ماذا نتج عن هذه الجمعية التأسيسية من مشروع دستور رسمت خطوطه الجماعة الحاكمة، في كنف التيارات المماثلة لها في الحياة المصرية.

لقد وقعنا في وضع يتطلب سرعة إصدار إعلان دستوري مُكمِّل جديد يُوجِّه الطريق الانتقالي نحو دستور جديد بالكامل يبني قواعد مصر الجديدة، تقوم على إعداده جمعية تأسيسية يُشكل أعضاؤها من الخبراء الدستوريين والقانونيين والاقتصاديين والاجتماعيين غير المنتمين لأي فصيل سياسي في الساحة، وعن طريق الانتخاب لا التعيين، حتى نضمن التمثيل الأمثل للفكر الشعبي الثوري الذي افتعل أساساً هذه الموجة الثورية القوية.
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية