رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريوهات ما بعد كورونا

في سرعة وصمت يتشكل عالم ما بعد كورونا خاصة وأن الدراسات الأولية تشير إلى أن أوميكرون لن يكون فتاكا مقارنة بسلالة دلتا رغم سرعة انتشاره، وذلك بفضل المناعة التي نجمت عن اللقاحات أو العلاجات الحالية لوباء كورونا. وإزاء ذلك، خرج خبراء استراتيجيون  ليؤكدوا أنه في حال ما إذا كانت إصابات أوميكرون أقل فتكا فسوف يسرع هذا الأمر في نهاية المطاف لطي صفحة وباء كورونا الجاثم على صدور العالم منذ عام 2019. وحينما ينهض العالم من أزمته ستراجع البشرية حالتها وتفهم حقيقتها وتدرك هشاشة وجودها وضعف كيانها!

 

بادئ ذي بدء، ستسأل الشعوب حكامها: أنتم المتقهقرون أمام عدو بائس غير منظور، يا من صنعتم عابرات القارات وغواصات البحر وناطحات السحاب.. ولكنكم فشلتم بالتصدي لأصغر مخلوق على الأرض فلم تنفعكم تقنياتكم التي وجهتموها على غير ما يجب ويكون. والأمر المؤكد أن فيروس كورونا غير العالم وسيستمر في تغييره بشكل أعمق في المستقبل، وسيعيد ترتيب أولويات العالم من جديد، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا.

 

عالم ما بعد كورونا، بدأت تتضح معالمه ولا طريق للحاق به سوى بالتعليم الجيد وقيم مثل الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان لم تعد شئون داخلية للدول بل أصبحت قيما عليا للمجتمعات الحديثة مثل حق المأكل والحياة.. عالم جديد يولد يحتاج أدوات ومهارات جديدة وإبداعا، ومن المتوقع تشغيل الإنترنت الفضائي المجاني للعالم كله في نهاية ٢٠٢٣.. حيث سيغطي كل بقاع الكوكب مما يعنى إفلاس شركات النت والمحمول المحلية.. 

التحول الرقمي

 

وانتعاش شركات الاتجار الأونلاين والاقتصاد الرقمي ونهاية الرقابة الحكومية على النت.، هذه المتغيرات توفر فرصة نادرة لصياغة نظام عالمى جديد أكثر عدلا؛ إذا إن التفاوض في هذه الحالة لن يكون بين منتصر ومهزوم، كما كانت الحال عند صياغة النظام العالمى الحالى، بل سيكون بين مهزوم ومهزوم جدا. هذا الوضع يوفر فرصة نادرة للعالم النامى للضغط لصياغة نظام دولى أكثر عدلا من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية.

 

تعليميا ستبدأ الأنظمة التعليمية عبر العالم بتطوير أدواتها، بما يجعل التعليم عن بعد أكثر كفاءة وتطورا، هي اليوم في بداية استجابتها لهذا الأسلوب، ولكن قطعا ستبدأ كل دول العالم بالاستعداد لحالات مشابهة، ولكن هذا الأمر لا يخلو من المخاطر، فهو يعتمد على إستمرار شبكات الانترنيت والطاقة الكهربائية. 

 

الأزمة الراهنة تضع النظام الاقتصادي العالمي على عتبة مرحلة جديدة؛ كونها تدفع نحو تغيير الكثير من ثوابته، وتجبر الدول على تغيير القواعد التي حكمت منظومة علاقاتها الاقتصادية لمدة تزيد على 7 عقود حيث إرتفعت  الديون العالمية لتصل إلى 281 تريليون دولار في نهاية عام الجائحة 2020 بما يمثل نحو 355 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في العالم، كما تسببت جائحة كورونا بأكبر وأسرع تحول رقمي في التاريخ، ناجم عن جائحة كورونا، إذ دفعت إجراءات الإغلاق للحد من تفشي الفيروس إلى اعتماد الدول والأفراد، بشكل غير مسبوق، على التكنولوجيات الرقمية. 

 

 

ومن المتوقع أن تشهد سوق العمل حركات تغيير وتَكَيّف هائلة، وذلك ليس فقط بسبب ضرورة إعادة بناء بعض القطاعات مثل الفنادق وقطاع النقل، ولكن أيضا لأن الانتقال من المدرسة إلى التأهيل المهني أو من الجامعة إلى سوق العمل وكذلك تغيير مكان العمل إلى مكان آخر قد أصبحت كلها أكثر صعوبة وهذا ينطوي على مخاطر ظهور جيل كورونا الذي سوف يلاحظ ويعاني بعد الأزمة من الهزات والانقطاعات التي تعرضت لها مسيرته في التأهيل المهني أو في السيرة المهنية.

الجريدة الرسمية