رئيس التحرير
عصام كامل

فيلم American Murder: The Family Next Door.. حكاية إنسان تحول لوحش قاتل

فيلم American Murder
فيلم American Murder

يصعب على كل من شاهد فيلم American Murder: The Family Next Door الذي لا يزال متاحًا على منصة NETFLIX العالمية أن يتمكن من السيطرة على دموعه، فقصة هذا الفيلم الوثائقي أغرب من الخيال، بل تكاد تكون أكثر جموحًا من خيال أي مؤلف سينمائي، فالفيلم يجسد حكاية إنسان وأب وزوج تحول فجأة وبدون أي مقدمات إلى وحش بشري خال من أي مشاعر إنسانية، شيطان أناني متبلد المشاعر.

في البداية لابد من ذكر أن هذا الفيلم من إنتاج عام 2020 وتبلغ مدته ساعة و23 دقيقة، وهو من إخراج Jenny Popplewell وأبطال الفيلم هم الأشخاص ذاتهم أبطال الحكاية الحقيقية، وهو فيلم وثائقي يقدم حكاية جريمة وقعت في ولاية كولورادو الأمريكية، حيث يبحث هذا الوثائقي في حادثة اختفاء “شانان واتس” وطفلتيها والأحداث الصادمة التي وقعت بعدها.

القصة

يحكي فيلم American Murder: The Family Next Door قصة شانان واتس أم وزوجة سعيدة تعيش مع أسرتها الصغيرة في ولاية كولورادو الأمريكية حياة تبدو مستقرة وسعيدة ويُثبت ذلك الفيديوهات التي تحرص شانان على التقاطها دومًا لأسرتها وبناتها، وتزداد شانان سعادة بعد أن اكتشفت أنها حامل في ابنها الثالث من زوجها الذي تبدو أنها تعشقه وأنهما على وفاق تام، وإلى جانب حياتها الأسرية المستقرة تبدو شانان ناجحة أيضًا في عملها، فهي تعمل من المنزل إلى جانب رعايتها لأسرتها.

وفي وقت من عام 2018 تقرر شانان السفر إلى أسرتها وأسرة زوجها على أن يلحق بها زوجها كريس واتس بعد ذلك، وبالفعل تسافر شانان وابنتيها ولكن تحدث مشكلة بين شانان ووالدة كريس، وتشعر شانان أن زوجها يبتعد عنها شيئًا فشيئًا وأنه لم يعد مهتمًا بهما كما كان ولكنه ينفي كل هذه المشاعر التي تتسلل إلى قلب شانان ويذهب إليها هي وأسرتها ولكن سلوكياته تشير إلى أن ثمة شيئًا خاطئًا يحدث وأن زوجها المحب لم يعد يحبها كما كان من قبل.

وفي إحدى الليالي وبعد عودة شانان من رحلة عمل، شعرت خلالها أن زوجها سلوكياته غير معتادة، اعترف كريس لشانان أنه يريد الانفصال عنها، ويقرر أن يقتلها ليتخلص منها، ثم قتل ابنتيه بدم بارد، وقرر إخفاء أجسادهم في موقع من مواقع عمله، فدفن الزوجة في الأرض وابنتيه في أحد أنابيب النفط في موقع عمله. 

واكتشفت نيكول صديقة شانان غياب صديقتها وهاتفت الشرطة التي بدأت التحقيق في الأمر وكثفت جهودها للكشف عن أي خيط يفيدهم في الكشف عن سر غياب شانان وبناتها، حاولت الضغط على كريس بشتى الطرق ليعترف في الأخير أنه هو القاتل وحاول في البداية الترويج لفكرة أن شانان قتلت البنتين بعد إعلان رغبته في الانفصال عنها لذلك قرر هو قتلها انتقامًا من جريمتها في حق ابنتيها، ولكن الشرطة واصلت الضغط عليه وفي الأخير اعترف كريس أنه هو القاتل للأم وبناتها وذلك حتى يتزوج من صديقته الجديدة التي وقع في حبها وعاش معها قصة حب ملتهبة أثناء فترة سفر زوجته، بل وأن هذه الصديقة أصبحت حاملا من كريس خلال هذه الفترة.

ولم يتوقف هذا الأب الذي تحول إلى وحش كاسر عند جريمته كثيرًا بل هرع للتخطيط لمستقبله مع حبيبته الجديدة بالرغم من ارتكابه جريمة يندى لها الجبين، وبحث عن بيع منزله، وكان ينظر إلى الأمام وكأن شيئًا لم يكن وكأن زوجته وابنتيه مجرد قمامة ألقاها دون الشعور بأي ندم لكي يبدأ حياة جديدة، وبعد الكشف عن جريمته كانت الصدمة هي الشعور الأساسي الذي شعر به الجميع، ولقد حكم القاضي على هذا القاتل بالسجن مدى الحياة بعد الكشف عن كافة تفاصيل جريمته التي شغلت الرأي العام العالمي.

الإبداع

وبعيدًا عن قصة هذا الفيلم المؤسفة التي تخطت في بشاعتها كل التوقعات، كان هناك إبداع في تقديم الحكاية من قبل مخرجة الفيلم، جيني بوبلويل، التي اعتمدت في سردها لقصة الفيلم على أسلوب شيق يجعلك غير قادر على التحرك قيد أنملة، فالمشاهد يصبح متابعًا بكل شغف لكل التفاصيل التي تظهر على الشاشة، وكأنه تمامًا يشاهد فيلمًا روائيًا.

ولقد ساعد المخرجة على تقديم فيلمها الوثائقي بهذا الإبداع الثراء في المواد الخاصة بهذه العائلة، فالضحية شانان كانت تحرص على تسجيل كل لحظات حياتها على مواقع التواصل الاجتماعي وهذه المواد كانت هي أساس الفيلم والتي ساعدت على سرد الأحداث في صورة قصة متكاملة فلم تعتمد المخرجة كعادة الأفلام الوثائقية على اللقاءات الحوارية بل بدا الفيلم كقصة فيلم أبطالها هم الأبطال الحقيقيون بمشاعرهم الحقيقية وهذا ما جعل الصدمة مضاعفة والمشاعر التي يشعر بها المشاهد أصعب.

وإلى جانب فيديوهات الضحية فإن كل الفيديوهات التي استعانت بها المخرجة حقيقية وهي مشاهد ملتقطة من قبل قوات الشرطة وتحقيقاتها مع المجرم وكافة الأطراف المرتبطة بالحادث أو كاميرات مراقبة منازل الجيران، واستخدمت المخرجة في التعبير عن محادثات تمت بين الزوج وزوجته طريقة جعلت المحادثة كأنها حية وتحدث الآن وهو ما يزيد من الشعور بالتشويق والارتباط أكثر بالأحداث.

وكانت المشاعر الحقيقية للقاتل وتوتره، ومشاعر أسرة شانان وصديقتها والدموع الصادقة التي كانت المخرجة تستعرضها دون الحاجة إلى التحدث معهم كفيلة في التعبير عن فداحة الخسارة وكانت أبلغ من الكلمات، والفيلم في مجمله متقن بالرغم من بشاعة الجرم الذي يستعرضه.

الجريدة الرسمية