رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس الجمعية الجغرافية: نتعرض للانهيار.. ولجأنا لـ"الآثار" قالت: "معندناش فلوس" | حوار

الدكتور السيد الحسيني
الدكتور السيد الحسيني ومحررة فيتو

أناشد الرئيس السيسي بإنقاذنا.. ووزارة الثقافة كانت ترسل لنا معونات وتوقفت  

البحث العلمى يرسلون لنا إعانة حتى اليوم ويدعمونا كل عام

الجمعية صرح علمى عتيق لا يوازيه المجمع العلمى وتعرض للسرقة والإهمال

ناشد رئيس مجلس إدارة الجمعية الجغرافية المصرية الدكتور السيد الحسيني، الرئيس عبد الفتاح السيسي، من أجل التدخل العاجل، والتوجيه بإصدار أوامره بإنقاذ وترميم الجمعية التي تعرضت في السنوات الأخيرة لحالة من الإهمال.
وكشف "الحسيني" في حوار مع "فيتو" عن التاريخ العريق للجمعية الذي يمتد إلى نحو 145 عامًا، منوهًا إلى أن مياه الأمطار والمياه الجوفية نالت من الجمعية وتهدد بانهيارها، في ظل عدم استجابة وزارة الآثار منذ أكثر من 3 سنوات، فضلًا عن تخلي وزارة الثقافة عن الاضطلاع بمسؤوليتها في حماية الجمعية.. وإلى نص الحوار:


*بداية حدثنا بصورة موجزة عن أهم المقتنيات التي تحتضنها الجمعية الجغرافية المصرية، وخاصة تلك التي تم إهداؤها من الحكام والملوك والشخصيات العامة إلى مصر وقت الإنشاء في عام 1875؟
الجمعية الجغرافية بها ثلاث متاحف أو ثلاث قاعات؛ الأول هو الإثنوجرافى وهو يعكس الحياة في مصر في القرن الـ 18 والـ19 نلاقى فيه صندوق الدنيا وبائع العرقسوس والحرف اليومية المصرية المختلفة، وغرفة أيضا للصناعات التي تواجدت في مصر في تلك الفترة كالزجاح والحدادة وغيرهما وهو المتحف الأكبر والأهم في الجمعية.
ثم تأتي قاعة أخرى أصغر في الحجم وهى قاعة أفريقيا وبها كل الأشياء الخاصة بأفريقيا وكل الأمراء الذي ذهبوا لأفريقيا أحضروا تلك الأشياء ووضعوها في القاعة تمثل الحياة اليومية للأفريقى في القرنين الـ 18 والـ 19 وقبل ذلك أيضا، فضلا عن قاعة قناة السويس التي تم تأسيسها عام 1930، وكان الملك فؤاد هو رئيس الجمعية بها، ولدينا نحو 40 ألف كتاب ومجلد.

*وهل يتم فتح القاعات الثلاثة هذه للزائرين أم تقتصر على الباحثين والمتخصصين فقط؟
بالطبع مفتوحة للزائرين ولكل الناس ولدينا موسم ثقافى ولدينا مجلتان باللغة العربية وواحدة بالإنجليزية و12 ألفا و500 خريطة و600 أطلس وأشياء كثيرة لا توجد في أي مكان آخر، ومن هنا تأتي أهمية الجمعية الجغرافية المصرية.

*منذ فترة ليست بعيدة كنت طالبت بتخصيص صرف وقف راتب باشا بمحافظة الغربية للإنفاق على الجمعية، وحدثت مشكلة حينها بسبب وجود بعض العصابات التي ادعت ملكيتها له، فإلى أين ذهب الأمر الآن؟
الحمد لله بعد جهد ومثابرة وجدال كبير ونشاط مع الأوقاف أخذنا الفلوس الخاصة بالوقف ومازلنا نطالب ببعض الأمور ووصلنا إلى حل في النهاية، وكان الأمر كابوسا وانتهى لأن ضياع الوقف كارثة، فقد ظللنا 81 سنة ننفق من ريع الوقف وتأتي عصابة وتريد أخذه! لذلك ظلنا من 2004 إلى 2016 في المحاكم حتى تم التأكد من أن هؤلاء الأشخاص ما هم إلا عصابة أرادت الحصول على الوقف.

*معنى ذلك أن هناك عصابة في عام 2004 ادعى أفرادها أنهم ورثة راتب باشا للحصول على وقفه الخيري الذي خصصه للجمعية منذ أكثر من 80 عاما؟
نعم، وقاموا بتزوير بعض الأوراق وظلوا حتى عام 2016 مصرين على أنهم ورثة راتب باشا ويجب أن يأخذوا ريع الجمعية حتى بدأ الأمر ينكشف وثبت أنهم مزورون وأنه وقف خيرى لا يورث وأخذوا عقوبة بالسجن ربما ما زالوا به حتى اليوم!

*إذن حدثنا بشيء من التفصيل عن حكاية هذا الوقف ومتى بدأ؟
راتب باشا منذ أكثر من 81 عاما خصص نحو 508 أفدنة لصالح الجمعية الجغرافية المصرية، وهذا الريع يأتى إلينا باستمرار، وناظر الوقف كان وزير الأوقاف وكان يأتى منتظما حتى 2004 حتى ظهرت هذه العصابة وزورت هذه الأوراق في غيبة من الجمعية الجغرافية، حتى صدر الحكم القضائي بعودة الريع.

*ومن المستفيد من زيارة الدارسين والباحثين فقط للجمعية أو أي مواطن يمكنه أن يستفيد بما تحتويه؟
الباحثون والدارسون وفى نفس الوقت هي متاحة للجميع، ولكنها في الأساس جمعية جغرافية للباحثين بالجغرافيا والعلوم الاجتماعية والإنسانية والآثار يمكنهم أن يجدوا ما يفيدهم فيها ؛ فنحن كما سبق وقلت لدينا مكتبة ورسائل علمية كثيرة ووثائق لا توجد في أي مكان آخر وأطالس أيضا لا توجد في أي مكان آخر منها أطالس وصف مصر والحملة الفرنسية وأطلس مصر الوحيد الذي تم تصميمه عام 1921، لذلك هي تعتبر صرحا علميا لا يوازيه المجمع العلمى المصرى، المجمع لا يوجد به هذه الأمور لأنها من 1875 وكان يرأسها الملك أحمد فؤاد وعباس حلمى الثانى وصدقى باشا فضلا عن قامات علمية كبيرة.

*بعد جولة لنا في المتحف وجدنا أنه ربما يعد المتحف الإثنوجرافى هو أهم أركان الجمعية؛ حدثنا عن دوره الثقافى والمجتمعى وإقبال الزائرين عليه.. وهل يدر ربحا على الجمعية؟
نعم المتحف الإثنوجرافى مهم جدا لأنه يتحدث ويعكس حياة المصريين، بمعنى أن لدينا كل ما يتعلق بحياة المصريين في الفترة من القرن الـ18 والـ19، حتى محمل كسوة الكعبة متواجد به، ولدينا مجسمات للحلاق والغفير والعمدة وشيخ البلد وكل ما كانت الحياة متواجدة في مصر وقتها نحن في المتحف نسجله.
وهو مجموعة هدايا من كل أمراء وعظماء مصر والمواطنين أيضا بعد أن طلب الملك أحمد فؤاد منهم من لديه شيء يحضره وأحضر عالم إيطالى ورتبها وهو الوحيد في العالم ومسجل في اليونسكو. ولا يدر ربحا على الجمعية لأن رسومه بسيطة ورمزية.

*وهل تضع الجمعية شروطا للانضمام إليها؟
بالتأكيد فلا بد لمن يلتحق بالجمعية أن يكون جغرافيا في المقام الأول، وحاصلا على الليسانس ولدينا 750 حملة دكتوراه وأساتذة جامعة وعاملون بها، ولدينا أيضا المنتسبون نحو 1200 قادمون من عدد من الدول العربية، لذلك لدينا عدد كبير من المنتسبين لها، ولكن من كان حاصلا على مؤهل عالِ يمكنه الالتحاق بالجمعية، ولكن العامل بها لا بد أن يكون جغرافيا، والمنتسب من أي مؤهل آخر.

*هل نفهم من ذلك أن الجمعية الجغرافية تقوم بدور نقيب الجغرافيين داخل مصر؟
الحقيقة الجمعية تضم مجلس إدارة مكونا من 15 عضوا يتم انتخابهم بالجمعية العمومية، فضلا عن رئيس الجمعية ونائب رئيس وأمين عام، وكل الجغرافيين في مصر بل والعالم العربى والغربى يحجون إلى هذه المنطقة لاتخاذ بعض المستندات والاطلاع على الكتب والوثائق المتواجدة هنا، لذلك نحن نقدم خدمة لكل علماء الجغرافيا والباحثين في مختلف الوطن العربى وتعد أم الجمعيات الحقيقة.

*وهل هناك تعاون بين الجمعية ووزارتي الثقافة والآثار؟
نحن مثل أي جمعية في مصر نتبع وزارة التضامن وتشرف علينا، وزارة الثقافة كانت ترسل لنا معونات وتوقفت منذ فترة، أما البحث العلمى يرسلون لنا إعانة في البحث العلمى لحد اليوم ويدعمونا كل عام إلى جانب ريع الجمعية.

*وكيف استطاعت الجمعية إذن أن تحافظ على هذا الكم الهائل من المقتنيات على مدار أكثر من 100 عام؟
كان يرأس الجمعية شخصيات مرموقة سواء ملك أو أمير أو ولى عهد أو غيره، وعندما أتت فترة الجمهورية أصبح رئيس الجمعية أحد أكبر أساتذة الجغرافيا وهو مصطفى عامر، ثم الدكتور صفى ثم أنا، فبالتالى رؤساء الجامعات عبر التاريخ من 1945 حريصون كل الحرص على الحفاظ على كل محتويات الجمعية، ونفعل ما في وسعنا لكى نحافظ على هذا التراث لأبنائنا من بعدنا.

*خلال الشهر الماضى تقدمت باستغاثة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل النظر إلى الجمعية وترميمها، وقد سبق وقدمت مثلها في عام 2018 فمن أي شيء تعانى الجمعية الجغرافية المصرية؟
هذا المبنى الذي نتواجد به قديم، وفى عام 1875 انتقلت له الجمعية الجغرافية وفى عام 1925 تم ترميمه، ومنذ تلك الفترة لم يتم ترميمه، ولذلك الآن، وخاصة في موسم الأمطار تسقط المياه عليها والسقف تحفة معمارية ونحن نخاف عليه من الانهيار وقد لجأنا للآثار قالوا لنا معندناش ميزانية على حسابكم! ولم يكن لدينا أموال لأن ترميم السقف يحتاج إلى نحو 2 مليون جنيه من أين سنأتى بها؟
لذلك أستغيث برئيس الجمهورية وهو معروف أنه يعمر مصر في كل النواحى، هذه الجمعية تحتاج ترميما لأن بها تراثا وتعتبر مركزا ثقافيا رائعا جدا، ولها فائدة كبرى في دراسة وتناول العديد من المشكلات والقضايا.
فمثلا أزمة سد النهضة من يفهمها غير الجغرافيا والمياه والخرائط لذلك نحن بيت خبرة، وأنا أناشد الرئيس أن يهتم بترميمها لكى نتركها لأبنائنا من بعدنا لأننا ليس لدينا إمكانات لترميمها بعدما قالت الآثار ليس لدينا فلوس.
فنحتاج لدعم من رئاسة الجمهورية مثلما حدث مع المجمع العلمى حينما قامت القوات المسلحة بإعادة بنائه مرة أخرى، لأنه خسارة مبنى مثل الجمعية الجغرافية ينهار، وأنا أعلم أن سيادته محب لمصر وآثار مصر وكل شيء مصري، لذلك نطمع أن نأخذ جانبا من اهتمامه لترميم هذه الجمعية العريقة.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".

الجريدة الرسمية