أشهر عازب في مصر.. 22 عاما على رحيل الكاتب الروائي محمد جلال
روائي وكاتب صحفي، عاش حياته في منزل عتيق بحارة عمر بن عبد العزيز بحى المنيرة بالقاهرة.. عاش حياته عازبا، وسمي بأشهر عازب في مصر، الكاتب محمد جلال الذى رحل في مثل هذا اليوم 24 ينايرعام 2010، قدم في حياته 21 رواية قدمت جميعها على الشاشتين الصغيرة والكبيرة، منها: أيام المنيرة وحارة الطيب، قهوة المواردي.
عن حياته يقول الروائي محمد جلال في كتاباته: ولدت وعشت حياتي الأولى في كفر النحال الزقازيق محافظة الشرقية، والدي كان عاملا بسيطا في السكة الحديد، كنت الطفل الطيب والمدلل وسط 4 بنات وولدين، وانتقلنا إلى طنطا حيث مدرسة الست مباركة، ومنها إلى المنيرة حيث اشترى والدي منزلا بحي الباشاوات، وأوصاني بألا أفرط فيه مهما كبرت، ولذلك عشت فيه.
مستقبل واعد
التحقت بمدرسة المبتديان، وكانت أسوأ فترة في حياتي، حيث كان الضرب قانون المدرسة، وكنت فى المستوى الأخير في الفصل، ولما شاهد والدي تورم يدي نقل أوراقي إلى مدرسة البحث العلمي بالسيدة زينب، وكانت مدرسة تحترم آدمية الإنسان فتفوقت فيها، ثم انتقلت منها إلى مدرسة الابراهيمية الثانوية، وفيها كتب لى مدرس اللغة العربية في كراسة الانشاء عبارة تقول: “كتابتك ذات أسلوب ادبى يبشر بمستقبل زاهر”، ومنها التحقت بكلية الحقوق، وكنت أحب القراءة وأشترى الكتب من سور الأزبكية، وصادقت الدكتور يوسف إدريس وهو طالب، حيث كان صديقا لأخى ويجلس على مقهى بقصر العينى، وأسستُ مجلة باسم "أخبار الجامعات"، وكانت بداية عملى بالصحافة، وخاصة في الحوارات الصحفية مع قيادات الثورة.
مرحلة العمل بالمحاماة
وكانت مجلة الإذاعة هى المحطة الثانية فى حياتى الصحفية، حيث عملت فى مجلة التحرير، ثم توقفتُ لأنى كتبت موضوعا كنت قد قرأت عنه فى مجلة العلم 1928 أن فقيرا هنديا أتى إلى مصر، وتنبأ بقيام الثورة.
ووضعتُ تحقيقا صحفيا جمعت فيه كل المستندات والمعلومات شديدة الخطورة وقدمته لرئيس التحرير، وفوجئت بنشره بتوقيع رئيس التحرير بدلا منى تركت بعدها الصحافة، وعملتُ بالمحاماة لمدة عام الى أن وقفت أمام قاضٍ يلقي بالأحكام العنيفة على الناس، وكأنه في حفلة تسالي.. يومها خرجت من المحكمة، ولم أعد لها ثانية.
رئيس التحرير
ولما تولى رجاء العزبى رئاسة تحرير الإذاعة دعانى للعمل معه بمكافأة 7 جنيهات، وعملت فى باب الفن، ونشرت حوارات مع الفنانين عبد الحليم وعبد الوهاب وسعاد حسنى، وتعرفت على العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ.. لكنى لم اكن راضيًا عن نفسى التى أرى فيها كاتبا سياسيا لكن واصلت العمل بالمجلة حتى وجدتُ نفسى رئيسا للتحرير.
جميلة بو حريد
وأضاف محمد جلال: بعد النكسة كتب أحمد بهاء الدين ان هزيمتنا هزيمة حضارة، وفى نفس الوقت أحسستُ أن الصحافة لا يمكنها استيعاب كل ما بداخلى.. في ذلك الوقت كنت اتابع أخبار حرب التحرير الجزائرية، وصدر الحكم بإعدام جميلة بوحيرد، وفى لقاء صدفة مع ماجدة الصباحى، وعرضت عليها قصة جميلة بوحيرد التي كتبتها بخط يدي فأخذتها الى يوسف السباعى تأخذ رأيه، وفوجئت بخبر كتابة يوسف السباعى لفيلم جميلة بوحيرد، ويكتب الشرقاوى السيناريو، ويكتب نجيب محفوظ الحوار، ولكى اثبت لهم أننى روائى فكتبت حارة الطيب، ومنها كانت انطلاقتى الأدبية.
أما كتابة الرواية فهى قصة أخرى، يتحدث عنها محمد جلال فيقول: فى لقاء صدفة مع الفنانة ماجدة الصباحى قالت ماجدة إنها تتمنى تقديم شخصية جان دارك فى فيلم سينمائى، ففكرت وقلت لها عندى لك شخصية جان دارك العرب جميلة بوحيرد.. وفوجئت بها لم تعلم شيئا عن قضية الجزائر، ولا عن جميلة بوحيرد فشرحت لها الشخصية، وكتبت لها المعالجة بخط ايدى، المهم قالت لى إنها ستذهب الى يوسف السباعى، وكان يرأس منظمة التضامن لكى يعطينا نقودًا.
الحرية المسئولة
وفى النهاية، لا أنكر أن الصحافة كانت تشدنى، فقسمت يومى إلى نصفين؛ الأول يبدأ من الفجر إلى الواحدة ظهرا للرواية، والثانى من الواحدة للصحافة، فكتبت 21 رواية، كنت فيها مع الفن الجيد لإيمانى بأن الحرية مسئولية كبيرة وثقيلة يجب احترامها.