خالد سالم يكتب: عبد القادر حاتم أبو الإعلام.. وباني الثقافة.. ومؤسس قواعد السياحة في مصر
ولد عبد القادر حاتم في 3 سبتمبر 1918 بمحافظة البحيرة مركز إيتاي البارود قرية "ششت الأنعام"، وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية الملكية عام 1939 ودبلوم الاقتصاد السياسي عام 1947 وماجستير العلوم عام 1953. والدكتوراه من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957.
بدأ العمل العام بعد قيام ثورة يوليو 1952 فكان مستشارا للرئيس جمال عبد الناصر ومديرا لمكتبه، وارتبط اسمه بوضع استراتيجية إعلامية لهذه الثورة.
انتقل حاتم بعد ذلك إلى مصلحة الاستعلامات، ومنها إلى العمل مستشارا لرئيس الجمهورية حتى وقع عليه اختيار الرئيس ليسند إليه مسئولية وزارات الإعلام والثقافة والسياحة، ثم نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للإعلام.
تقلد العديد من المناصب منها: عضو اللجنة التنفيذية العليا للتنظيم السياسي ورئيس مجلس إدارة الأهرام ووزير الثقافة والإعلام والسياحة لأكثر من 10 سنوات.
وزير للثقافة
وفي عام 1962 أصبح وزيرا للثقافة، وأنشأ وكالة أنباء الشرق الأوسط، وقام بتشييد مبنى ماسبيرو العملاق، واختير وزيرا للإعلام عام 1971.
أنشأ عبد القادر حاتم أكبر المحطات الإذاعية في العالم العربي مثل إذاعة صوت العرب والقرآن الكريم، كما ساهم في إنشاء مدينة الإعلام وتطوير الهيئة العامة للاستعلامات.
وحينما عمل وزيرًا للسياحة أنشأ 45 فندقًا وأنشأ مدينة الغردقة السياحية وحينما عمل وزيرًا للثقافة أنشأ مدينة السينما والدار القومية للطباعة، وقام بحملة لإنقاذ آثار النوبة وأمر بنشر سلسلة من الكتب الدورية في مختلف العلوم والمعارف.
وكان آخر المناصب التي شغلها عمله مشرفًا على المجالس القومية المتخصصة ومساعدًا لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. ورحل أبو الاعلام في 7 يوليو 2015.
وحصل على عدة أوسمة من مصر ودول العالم المختلفة من أهمها قلادة النيل إلى جانب أوسمة رفيعة من اليابان وإيطاليا وإسبانيا وغيرها.
تأسيس التليفزيون
لعب الدكتور محمد عبد القادر حاتم دورًا محوريًا فى تاريخ مصر خاصة فى مجال الاعلام، فخطته الاعلامية عام 1956 كان لها اثر فى وقف العدوان الثلاثى على مصر، كما انه هو من اسس التليفزيون عندما كان وزيرا للاعلام.
يقول، رحمه الله، عن نفسه: عندما كنت ضابطا برتبة ملازم فى المخابرات الحربية اخبرنى رئيس المخابرات بوجود تنظيم من الضباط يسعى لاسقاط الملك وطلب منى معرفة افراد هذا التنظيم، هاتفت عبد الناصر وابلغته بما حدث.
مدير مكتب عبد الناصر
وعندما قامت الثورة اختارنى عبد الناصر مديرا لمكتبه فاقترحت عليه انشاء وكالة للأنباء فى مصر، وحاول بعض الزملاء اقناع ناصر بالرفض بسبب محاولات سابقة فاشلة، الا اننى استأجرت شقة فى ميدان التحرير من مرتبى وكان 65 جنيهًا فى ذلك الوقت واحضرت عددًا من الموظفين للعمل فى ترجمة الصحف الاجنبية، واعددنا اول نشرة موجهة للسفارات والجهات الاجنبية، وكانت الوكالة باسمى وبعد ثلاثة اشهر من النجاح طلب ناصر تحويلها الى وكالة رسمية يكون اسمها وكالة انباء الشرق الاوسط.
هيئة الاستعلامات
واضاف الدكتور حاتم: فى عام 1956 أنشأت هيئة الاستعلامات وعينت جلال الحمامصى مديرا لها، يعاونه الصحفيون سعيد سنبل، مصطفى نجيب، محسن محمد، شريف منصور، وكنا نصدر كل يوم كتابا سياسيا مترجما.
وقبل مفاوضات الجلاء اقترحت على ناصر، وكان قد اصبح رئيسا للجمهورية وانا مدير لمكتبه انشاء إذاعة سرية باللغة الانجليزية موجهة إلى الرأى العام فى بريطانيا للضغط على رئيس وزرائهم للانسحاب من مصر، ونجحت الاذاعة وقامت المظاهرات هناك، وحضر ايدن لتوقيع الجلاء وكانت مكافأتى الترقية من بكباشى الى قائد مقام.
أول وزير للاعلام
وبعدها تولى الدكتور حاتم اول وزير للاعلام فى مصر، كما تولى وزارة الثقافة والارشاد عام 1960، وكان وزيرا للثقافة والاعلام ابان حرب اكتوبر.
وحصل على درجة الدكتوراه فى الاعلام السياسى، واصدر العديد من المؤلفات التى اصبحت مرجعا اساسيا فى الاعلام.
تجهيز الجبهة الداخلية
كان تجهيز الجبهة الداخلية استعدادًا لحرب أكتوبر 1973، من أولويات الرئيس الراحل أنور السادات، لذلك كلف الدكتور عبد القادر حاتم برئاسة الحكومة بجانب عمله وزيرا للإعلام.
يقول د. حاتم: "كانت أمامي فجوة عدم الثقة بين الشعب وأجهزة الإعلام سببها فقدان مصداقية الحكومة وجهازها الإعلامي منذ 1967، وعندما كانت الإذاعة المصرية أثناء الهزيمة تذيع أكاذيب.. لذلك كان دستور الإذاعة والإعلام في عام 1973 هو الصدق والسرعة في نقل الخبر بحيث يستمع المواطن المصري أول خبر عن أحداث الحرب بسرعة من مصادر الإعلام المصري".
ويضيف حاتم عبر كتابه "دور الإعلام في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية": "عندما كلفني الرئيس الراحل أنور السادات قبل حرب أكتوبر 1973 بأن أكون مسؤولا عن الحكومة.. وأن أنوب عنه في رئاسة مجلس الوزراء. وانعكس ذلك علي قراري الأول في مجلس الوزراء.. وهو عدم الإدلاء بأي تصريح مباشر أو تلميح عن الأداء أو الاستعداد للحرب وانطبق ذلك علي العسكريين والسياسيين أيضا.
وكانت إحدى أولوياتي هي استعادة ثقة الشعب في الحكومة وفي وسائل الإعلام الوطنية. وعلي هذا الأساس جرى الإعداد والتخطيط الذي حقق النصر".
حرب أكتوبر
ويواصل حاتم شهادته عن حرب أكتوبر، قائلا: "استطعنا خلاله أن نوصل إلي إسرائيل معلومات عن نوايانا بأننا سنحارب في وقت معين. وهو ما حدث في شهر مايو ثم في شهر أغسطس 1973.
وفي الحالتين أسرعت إسرائيل بإعلان التعبئة العامة والاستدعاء الكامل لقوات الاحتياط. في حين كانت القوات المصرية يبدو عليها حالة الاسترخاء شبه التام.
وفي إطار إخفاء النوايا المصرية ذلك قمنا بنقل المظاهرات الصاخبة والسخط الشعبي من أداء الحكومة بسبب التأخر في إعلان الحرب وكان الهدف من نقل أخبار هذه المظاهرات الشعبية إلى الإعلام الأجنبي، إقناع الجميع، وأولهم إسرائيل: أن مصر وإن كانت ترفض الوضع القائم وشعبها يغلي من هذا الوضع ولا يطيق تحمله أكثر من ذلك، إلا أنها عاجزة عن المبادأة بعمل عسكري كبير يعيد إليها أرضها المسلوبة وكرامتها المهدرة، بل كان الهدف الأسمى المقصود من كل هذا أن نوهم إسرائيل بأن مصر جثة هامدة وهي لا تقوى على الحرب.