بين مجلس الأمن وظهور داعش والمطالبات بالانتخابات.. ليبيا على صفيح ساخن
تعيش ليبيا في أتون صراع محتدم بين تطلعات القوى السياسية، وحلم إجراء الانتخابات في أسرع وقت، وعثرات القوى القاهرة لعرقلة الانتخابات الرئاسية في البلاد.
أزمات ليبيا
وبين هذا وذاك يعيش الشعب الليبي أزمات يومية حقيقية تطورت حتى ظهر داعش من جديد على الأراضي الليبية.
البداية من مجلس الأمن؛ حيث من المقرر أن يناقش مجلس الأمن غدا الإثنين ثلاثة ملفات حول الوضع في ليبيا على خلفية تعثر الانتخابات بعد ظهور قوى تعارض إقامة الانتخابات في طرابلس.
مجلس الأمن
وبحسب وكالة الأنباء الليبية "وال"، فإن مجلس الأمن الدولي، سيعقد جلسة غدا الإثنين، تقدم خلالها روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية تقريرها حول ليبيا.
كما سيفوض رئيس لجنة الجزاءات المفروضة على ليبيا وفق القرار رقم 1970، السفير الهندي تي إس تيرومورتي باطلاع أعضاء المجلس على أنشطة لجنة العقوبات.
ثالث الملفات تمديد ولاية البعثة الأممية في ليبيا والتي من المقرر أن يصوت المجلس خلال الجلسة المرتقبة لتمديد ولايتها (من المقرر أن تنتهي أواخر يناير الجاري).
البعثة الأممية في ليبيا
وشهد مجلس الأمن الدولي في سبتمبر الماضي، خلافًا حول قرار تمديد مهمة البعثة الأممية في ليبيا؛ فقرر تمديدها 15 يومًا حتى أواخر سبتمبر، حتى تبنى قرارًا بالإجماع في نهاية الشهر بتمديد مهمة البعثة حتى 30 يناير الجاري.
وتقود البعثة الأممية في ليبيا جهودًا لحلحلة أزمة إرجاء تعثر قطار الانتخابات في محطة القوة القاهرة، تعمل من خلالها المبعوثة ستيفاني ويليامز على عقد لقاءات مع قوى محلية ودولية، بهدف دفع ملف الاستحقاق الدستوري قدمًا.
ميليشات طرابلس
بينما في الشارع الليبي فتقود المليشيات الموقف؛ حيث استمرت مليشيات طرابلس في ارتكاب جرائمها التي تهدد الوضع الأمني في العاصمة الليبية.
وكانت استهدفت المليشيات المسلحة مقر مصرف الجمهورية فرع القواسم بمدينة غريان جنوبي طرابلس، بقاذف آر بي جي، ما أدى لتدمير واجهته والمقهى المجاور.
عناصر المليشيات
والاستهداف جاء نتيجة اشتباكات مسلحة بين مواطنين من المنطقة وعناصر مسلحة من مليشيات ما يعرف بـ"لواء حماية غريان" أمام المصرف، بسبب خلاف على الطوابير، ما أسفر عن مقتل 5 مواطنين وجرح 3 آخرين.
وتضم العاصمة طرابلس أكثر من 35 من المليشيات الكبرى، إضافة إلى عدد من المليشيات الصغيرة وتنظيمات إرهابية مسلحة تابعة لمدن مصراتة والزاوية، علاوة على تشكيلات مسلحة من المرتزقة، والتي تسهم اشتبكاتها من وقت لآخر في تدهور الوضع الأمني بالعاصمة.
وبين هذا كله يطل عدو قديم حديث لليبيا والانسانية متمثل في تنظيم داعش المتطرف؛ حيث حذرت وزارة الداخلية الليبية من هجمات إرهابية محتملة لتنظيم "داعش" يمكن أن تستهدف التجمعات ومنشآت عامة ومقار أمنية وأهدافا حيوية.
رفع الحس الأمني
ووجهت وزارة الداخلية، الجهات التابعة لها لتشديد الحراسة واليقظة ومراقبة ورصد المشبوهين والوافدين ورفع الحس الأمني.
وقال نور الدين أبوجريدة، مدير مكتب وزير الداخلية الليبي، في تعميم على الأجهزة الأمنية: إن الوزارة وردتها معلومات تحذر من وقوع هجمات إرهابية قد تستهدف التجمعات البشرية والمنشآت العامة والمقار الأمنية والأهداف الحيوية.
وتابع، في بيان، تعليمات وزير الداخلية للأجهزة التابعة له تقتضي تشديد الحراسة على المقرات واليقظة ومراقبة المشبوهين والوافدين ورصد تحركاتهم ورفع الحس الأمني.
داعش صبراتة
يأتي ذلك في وقت تتواتر فيه الأخبار من مدينة صبراتة غربي طرابلس عن بداية عودة عناصر تنظيم داعش الإرهابي إلى مناطق في المدينة التي كانت معقل التنظيم قبل إخراجه منها في 2017.
حيث كشفت مصادر محلية أن عناصر من تنظيم داعش بينهم قيادي دخلوا إلى ليبيا، وبالتحديد إلى منطقة "طويلة الغزالة" ثم إلى منزل في محيط صبراتة، بصحبة عناصر إرهابية سورية الجنسية.
وأشارت المصادر إلى أن التنظيم بدأ يعد نفسه للتمركز في المنطقة حيث أسس إذاعة مسموعة، ورفع راياته على سيارات دفع رباعي ثبت عليها أسلحة متوسطة.
وانتشر تنظيم داعش في مدينة صبراتة في الفترة بين 2014 و2016، وأقام بها عددا من الدوواين ومراكز التدريب لعناصره الجديدة القادمة من عدة دول أفريقية وآسيوية، إلا أن المدينة انتفضت عليه وطردته.
وفي أبريل 2020، سيطرت مليشيات المنطقة الغربية على المدينة واقتحموا سجونا محتجزا فيها عناصر وقيادات تنظيم داعش، وأطلقوا سراحهم.
بداية داعش ليبيا
وبدا داعش في ليبيا بعد الحرب الأهلية الليبية 2011، والتي أسفرت عن الإطاحة بالعقيد معمر القذافي وحكومته، وذهب العديد من المتمردين المقاتلين إلى سوريا للقتال إلى جوار المسلحين بالحرب الأهلية السورية.
وعام 2012، إحدى مجموعات المقاتلين الليبيين في سوريا أعلنت عن إنشاء ميليشيا باسم لواء البتار؛ لاحقًا، قدم لواء البتار البيعة لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، وقاتل لأجله في كل من سوريا والعراق.
في ربيع 2014، عاد أكثر من 300 من محاربي لواء البتار القدامى إلى ليبيا في درنة، شُكِلَ فصيل جديد أطلق عليه اسم مجلس شورى شباب الإسلام، الذي بدأ بتجنيد مقاتلين من جماعات محلية أخرى.
أنصار الشريعة
كان العديد من بين المنضمين أعضاء بأنصار الشريعة فرع درنة؛ وبعد أشهر قليلة، أعلنوا الحرب على أي شخص في درنة يعارضهم، قضاة المحاكم، قادة المجتمع المدني، ومعارضين أخرين، بما فيهم المقاتلين المحليين الذين رفضوا سلطتهم مثل كتيبة شهداء أبو سليم حليفة تنظيم القاعدة.
في سبتمبر 2014، وصل وفد من تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) قد أوفد من قبل قيادة الجماعة إلى ليبيا؛ ضم الممثلون أبو نبيل الأنباري، المساعد البارز للبغدادي والمقاتل القديم المشارك بحرب العراق، السعودي أبو حبيب الجزراوي، واليمني أو السعودي أبو البراء الأزدي.
مبايعة البغدادي
وفي 5 أكتوبر 2014، اجتمعت فصائل المقاتلين الموالين لمجلس شورى شباب الإسلام وقدموا معًا المبايعة لتنظيم داعش بعد مراسم المبايعة، طافت أكثر من 60 شاحنة محملة بالمقاتلين خلال المدينة في موكب إستعراضي للقوة؛ ثم عقد اجتماع ثانٍ أكثر رسمية شمل مجموعة أكبر من الفصائل للمبايعة في 30 أكتوبر 2014، حيث تجمع المسلحون لمبايعة أبو بكر البغدادي في ميدان المدينة.
في 13 نوفمبر 2014، أصدر البغدادي تسجيلا صوتيا أعلن فيها قبوله لمبايعات الولاء من مؤيديه في خمسة دول، ضمت ليبيا، وأعلن توسيع تنظيمه إلى تلك الدول؛ وأعلن عن إقامة ثلاثة ولايات في ليبيا، برقة في الشرق، فزان بالجنوب، وطرابلس في الغرب.
ويعيش الشعب الليبي حاليا بين عالمين حيث يخشى على نفسه من بطش داعش وقواته التي اطلت برأسها في البلاد بينما يحلم بعقد الانتخابات الليبية وبدء الاستقرار السياسي والقضاء على فوضى الميليشيات التي تنخر في بنيان الدولة الليبية.
فيما تقف المليشيات حجر عثرة لتحقيق الأمن في ليبيا الدولة الجريحة التي أنهكتها الحرب والانقسام السياسي عقب سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.