د. هدى أبو رميلة: هذا سبب عزوف البنك المركزي عن خفض أسعار الفائدة (حوار)
كشفت الدكتورة هدى أبو رميلة، أستاذ الاقتصاد العام بجامعة الأهرام الكندية عن الملامح العامة للسيناريو الاقتصادى العالمى والمحلى خلال عام 2022 بعد ركود حاد للاقتصاد العالمى والمحلى عام 2021.
"أبو رميلة" ترى فى حوار لـ"فيتو" أن السيناريو الاقتصادى العالمى والمحلى لعام 2022 يتهدده خمسة مخاوف رئيسية هى: التضخم، والديون، ومتغير Omicron الجديد، واختناق سلسلة التوريد التى تسببت فى ارتفاع تكلفة المواد الخام، بالإضافة إلى استمرار التوترات والتحديات المعروفة.
**بداية.. ماذا عن السيناريو الاقتصادى لمصر فى 2022؟
بعد أشهر اتسمت باتجاه سلبى، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى للبلاد بنسبة 5.0٪ فى السنة المالية المنتهية فى يونيو 2022، وهو رقم أقل بقليل من الهدف الحكومى المحدد عند 5.4٪، فى السنة المالية 2020-2021، حقق القطاع الاقتصادى زيادة بنسبة 2.8٪ على الرغم من فترة الركود العالمى، مما سمح لمصر بوضع نفسها كواحدة من الأسواق الناشئة القليلة التى تتمتع بنمو كبير فى الناتج المحلى الإجمالى، على الرغم من العواقب الاقتصادية بسبب وباء Covid-19 ويعود الفضل فى ذلك أيضا إلى القرض المتجدد الذى منحه صندوق النقد الدولى (IMF) بقيمة 5.2 مليار دولار، والذى تم الحصول عليه فى نهاية يونيو 2020، مما ساعد فى دعم النمو الاقتصادى.
**وما رؤيتك لمستقبل القطاع السياحي؟
*لا يزال يعانى، وهو القطاع الذى يمثل 12٪ من الناتج المحلى الإجمالى، و10٪ من العمالة، و4٪ من إجمالى الناتج المحلى من إيرادات العملات الأجنبية، آفاق النمو والعودة إلى الوضع الطبيعى، متوقعة بحلول عام 2024، نتيجة ظهور المتحور أوميكرون وتوجه كبير من الدول المصدرة للسياحة المصدرة إلى مصر إلى الغلق. والتوقعات لا تزال غائمة بسبب حالة عدم اليقين المرتبطة بالوباء، والتى يعتمد عليها التعافى الكامل للسياحة أيضا.
**وبالنسبة للجنيه المصرى والتضخم وعجز الموازنة؟
*أتوقع أن يرتفع التضخم السنوى فى أسعار المستهلكين بالمدن إلى ستة فى المائة خلال العام المالى 2021-2022، ويواصل ارتفاعه إلى 6.4 فى المائة خلال العام المالى 2022-2023، ثم يصعد إلى سبعة فى المائة خلال العام المالى 2023-2024.
وقد ارتفع معدل التضخم بالفعل فى مصر هذا الشهر على أساس سنوى إلى 6.6 فى المائة فى سبتمبر الماضى، وهو أعلى مستوياته فى 20 شهرًا، من 5.7 فى المائة فى أغسطس بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
من المتوقع طبقًا لاستطلاع شمل 22 دولة، أن تتراجع العملة من 15.81 جنيه للدولار بحلول نهاية 2021، وإلى 16.25 جنيه للدولار بنهاية 2022، وإلى 17.24 جنيه للدولار بنهاية 2023.
وأظهر الاستطلاع أن البنك المركزى من المتوقع أن يترك سعر إقراض ليلة واحدة من دون تغيير عند 9.25% خلال عامى 2021-2022، و2022-2023، ثم يرفعه إلى 10.25 فى المائة بحلول نهاية يونيو 2024، ويفسر عزوف البنك المركزى عن خفض أسعار الفائدة الى العجز الكبير فى ميزان المعاملات الجارية والزيادة كبيرة فى الواردات والتدفقات الخارجية للدخل.
**هل يشهد العام الجديد طفرة في الأسعار؟
*السكر والزيت يقودان ارتفاع الأسعار فى مصر فى أول أيام 2022 طبقًا لما أعلنته وزارة التموين مؤخرا فى بيان رسمى بالإضافة لزيادة أسعار خمس سلع أساسية من 32 سلعة مدعومة من الدولة عبر البطاقات التموينية، أبرزها: السكر والزيت والجبنة والمكرونة والعدس والسمنة ومسحوق الغسيل فى المقابل كان الفول السلعة الوحيدة التى قررت الحكومة المصرية خفض أسعاره مع مطلع العام الجديد، وفى مطلع نوفمبر الماضى رفعت الحكومة المصرية أسعار زيت الطعام والسكر على البطاقات التموينية.
** مع بداية عام جديد كيف ترين الوضع الاقتصادى فى 2022؟
*يجب أن نعلم أن مشكلة الديون لعب فيها فيروس أوميكرون دورا كبيرا، وتسبب فى اتساع نطاق الديون: ديون الشركات والمواطنين، ولكن قبل كل شيء ديون الحكومات، التى تدخلت لتجنب انهيار الاقتصاد. بلغ الدين العالمى 226 تريليون دولار فى عام 2020، وهو أعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية. قفزة قياسية من 28٪ إلى 256٪ من الناتج المحلى الإجمالى.
وكان الدين العام يمثل أكثر من نصف الزيادة بقليل، حيث ارتفعت نسبته إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 99٪، لكن الدين الخاص وصل أيضا إلى مستويات ذروة جديدة، كانت الزيادات فى الديون قوية بشكل خاص فى الاقتصادات المتقدمة، حيث ارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى 124٪ من 70٪ الأزمة المالية العالمية 2007.
من ناحية أخرى، ارتفعت نسبة الدين الخاص إلى الناتج المحلى الإجمالى من 164 إلى 178٪ خلال نفس الفترة، يمثل الدين العام ما يقرب من 40٪ من إجمالى الدين، وهى أعلى نسبة منذ منتصف الستينيات.
**وماذا تتوقعين بشأن البنوك المركزية وسعر الفائدة؟
*توقعات عام 2022 تتسم بالتراجع، خاصة فى ظل توجهات تصاعدية فى أسعار الفائدة يتوقع مع تناقص الاحتياطى الفيدرالى والتباطؤ فى النمو العالمى أن يكون ذلك فى صالح الدولار فى عام 2022، وبشكل أكثر عمومية، يؤكد تقرير صادر عن بنك UBS، فى سياق السياسات النقدية المتباينة، أن عملات "الصقور" (الجنيه البريطاني، والدولار الأمريكي، والكرونة النرويجية سوف ترتفع مقابل "الحمائم" (الفرنك السويسرى واليورو والين الياباني).
ودفع الارتفاع فى التضخم البنوك المركزية إلى تسريع وتيرة سحب برامج الشراء، وبحلول شهر مايو 2022 يتوقع رفع سعر الفائدة، لإجمالى ثلاثة تعديلات صعودية بحلول نهاية العام المقبل.
أما اندفاع التضخم أدى اختناق سلاسل التوريد الناجم عن الوباء إلى إشعال التضخم، ارتفعت أسعار السلع، فى غضون عام، ارتفعت تكلفة النفط بنسبة 40٪، وتضاعفت تكلفة الفحم، كما زادت تكلفة الغاز ستة أضعاف.
ارتفاع درجة الحرارة الذى تم اعتباره فى البداية – مؤقتًا - يبدو أنه من المقرر الآن أن يستمر أيضا فى العام المقبل.
ووفقًا لصندوق النقد الدولى، بعد تسجيل معدلات نمو +5.9٪ هذا العام، سيرتفع الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة 4.9٪ بعد ذلك، ولكن وراء هذه الأرقام هناك اختلافات قوية بين مختلف المناطق الجغرافية والاقتصادية.
على الصعيد الآخر تتزايد حدة التوترات الجيوسياسية لتثير قلق المحللين، خطوط الاحتكاك الأكثر وضوحًا بين الناتو وروسيا على طول الحدود الأوكرانية وتلك بين الولايات المتحدة والصين من أجل تايوان، الأول أدى بالفعل إلى تداعيات واضحة على سعر الغاز، بينما أدى الثانى إلى تفاقم مشكلات سلسلة التوريد وأعاد إشعال حرب الرسوم الجمركية.
وأثر النقص فى المواد الخام والمعدات والعمالة على إنتاج التصنيع طوال عام 2021، مما أضعف التوقعات على المدى القريب، على الرغم من أن مدة قيود العرض غير مؤكدة، فمن المرجح أن تستمر لعدة أشهر وتتراجع تدريجيًا فقط خلال عام 2022، وعلى وجه الخصوص، الأسواق التى تعتبر الأكثر عرضة للخطر هى أسواق النحاس والألومنيوم والنيكل، بينما يتوقع عودة تكلفة النفط إلى مستويات معقولة فى نهاية عام 2022.