اتهموه بالاستعمار والعنصرية.. إزالة تمثال الرئيس روزفلت من نيويورك
أزال عمال اليوم الأربعاء، تمثالًا شاهقًا للرئيس الأمريكي الراحل ثيودور روزفلت، من خارج المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك.
ويصور تمثال الفروسية لثيودور روزفلت الذي كشف النقاب عنه للجمهور في 1940 الرئيس الراحل يمتطي حصانًا، وإلى جانبيه رجل من السكان الأصليين وآخر من أصل أفريقي، وقوبل التمثال بانتقادات من البعض باعتباره، رمزًا للاستعمار والعنصرية.
وقال المتحف على موقعه إن لجنة التصميم العام بنيويورك صوتت في يونيو الماضي لصالح إزالته.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن التمثال سينتقل إلى مكتبة ثيودور روزفلت الرئاسية في ميدورا بنورث داكوتا.
طبقية عرقية
وأشار المتحف إلى أنه فخور بعلاقته الطويلة بعائلة روزفلت، مضيفًا "في الوقت ذاته، يعكس التمثال طبقية عرقية وجدها المتحف مخلة منذ فترة طويلة".
وعُرف عن روزفلت، الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة من 1901 إلى 1909، أسلوبه الجريء والمندفع في بعض الأحيان.
الحفاظ على البيئة
ونفذ إصلاحات لمكافحة الاحتكار والحفاظ على البيئة، رغم أن منتقدين يقولون إن سياسته الخارجية كانت قائمة على التدخل في شؤون الدول الأخرى، بما في ذلك استعراض القوة البحرية الأمريكية حول العالم.
تماثيل لأربعة رؤساء
أربعة رؤساء أمريكيون نُحِتت تماثيل شبيهة بهم في صخور جبل رشمور، هم جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وأبراهام لينكولن وثيودور روزفلت.
وكل واحد منهم يحترمه الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء.
ولم يرتفع أي نحت لأي رئيس آخر منذ أن تنحى تيدي روزفلت عن كرسي الرئاسة في عام 1909، بعد فترتين رئاسيتين تقريبًا.
ولو وضعنا اعتبارات توافر المساحة جانبًا، لوجدنا صعوبة في تصور حدوث إجماع على اختيار رئيس آخر غيرهم يمكن نحته إلى جانبهم.
الجمهوريون يزدرون فرانكلين روزفلت، وهو ابن عم تيدي روزفلت، وهو الذي قدم لنا ''الصفقة الجديدة'' ـ البرامج الاقتصادية المحلية التي طُبقت وأنهت فترة الكساد في أمريكا في ثلاثينيات القرن الماضي.
والديمقراطيون، من جانبهم، ليسوا معجبين برونالد ريجان.
هذا يعني أن تيدي روزفلت سيكون على الأرجح آخر وجه يظهر على جبل رشمور.
وكما تبين لنا دوريس كيرنز جودوين في الكتاب الواسع الجديد عن سيرة تيدي روزفلت، بعنوان ''المنصة الرائعة'' (وهي التسمية التي أطلقها ثيودور روزفلت على البيت الأبيض)، يبدو هذا الرئيس متميزًا ومختلفًا عن غيره.
الحماس الجارف
أما الخاصية التي يربطها أغلب الأمريكيين بتيدي روزفلت فهي حماسه الجارف. فقد جسَّد روزفلت طموحات الأمريكيين في مطلع القرن، سواء كان ذلك من خلال شخصية الجندي الأمريكي ذي الشاربين الذي كان موكلًا بتلة في كوبا ليساعد في هزيمة الإمبرياليين الإسبان، أو ذلك الشخص متعدد المعارف الذي كانت معارفه كافية لأن يكتب كتابًا في كل سنة تقريبًا من سنين حياته. ويحبه الجمهوريون لأنه جسَّد الوجود الأمريكي القوي في العالم.
فهو من استولى على مضيق بنما من كولومبيا وبنى القناة المعروفه هناك.
وفاز بجائزة نوبل للسلام عندما كان في منصبه، لوساطته في إنهاء الحرب الروسية ـ اليابانية في الفترة 1904-1905.
وفي انتخابات الرئاسة التي جرت في 2008، اعتمد جون ماكين، المرشح الجمهوري للرئاسة آنئذ، روزفلت أنموذجًا له في هذه الانتخابات. والديمقراطيون يحبون روزفلت لأنه كان أول رئيس أمريكي يتصدى لكبار رجال الصناعة الأمريكيين.
فبعد جيل من أباطرة المال الأقوياء، من قبيل كارنيجي وفاندربيلت، بدأنا نجد قائدًا ذكيًا قادرًا على مواجهتهم وتفكيك إمبراطورية روكفلر النفطية، ونظم السكك الحديدية، وتقليص حجم جيه بي مورجان الأسطوري وأعطاه مكانه الصحيح. وإضافة لمكافحته الاحتكار، وسع روزفلت بشكل ملموس الحماية الفيدرالية للأراضي الشاسعة غير المأهولة من البلاد.
ولولا روزفلت لتم تجريد جراند كانيون من المعادن الموجودة فيه. وكان أول رئيس أمريكي يدعو مثقفًا أسود ـ هو بوكر تي واشنطن ـ للعشاء في البيت الأبيض.
رد فعل وحشي
وكان رد الفعل على ذلك وحشيًا، إذ قال بين تيلمان، السيناتور الديمقراطي عن ولاية ساوث كارولينا، وهو يعقب على تلك الدعوة: ''سيصبح من الضروري بعد أن قام الرئيس روزفلت باستضافة ذلك العبد الأسود أن نقتل ألف عبد أسود من الجنوب قبل أن يتعلموا مكانهم الصحيح''.
وأكثر من كل ذلك، كان ثيودور روزفلت هو الحل لمشكلة الحركة التقدمية مع التفرقة المستحكمة في ذلك العصر الذهبي. وبالنسبة لمعاصريه من الأجانب، كان روزفلت شخصية عظيمة. ففي اللحظة التي أوشكت فيها الإمبراطورية البريطانية على التراجع، أشارت عزيمة روزفلت غير العادية إلى قدوم عصر جديد.
وعندما قام بجولة في أوروبا بعد سنة من مغادرته البيت الأبيض، اصطف عشرات الآلاف من الناس في شوارع باريس ولندن ومدن أخرى ليشاهدوا الجندي الآتي من كتيبة المشاة القساة في الجيش الأمريكي.
وحتى أعداءه، خصوصًا مارك حنا، الذي عزله روزفلت لأنه كان تجسيدًا لماكينة الفساد عند الجمهوريين، لم يستطع سوى إبداء الإعجاب بثيودور روزفلت، بعدما وصفه مرة بـ ''ذلك الكاوبوي اللعين''.