خالد سالم يكتب: بابا شارو.. رشحه طه حسين للإذاعة.. وأسهم في تكوين شخصية أجيال مصرية
وُلد "بابا شارو" فى 21 سبتمبر 1912 بميدان الرمل بالإسكندرية، وتخرج فى قسم الدراسات اليونانية واللاتينية عام 1939 من كلية الآداب جامعة القاهرة، ويعتبر من أوائل من تخرج فى هذا القسم الذى أنشأه الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب فى تلك الفترة، التحق بابا شارو بالإذاعة فور تخرجه عام 1939 بتزكية من الدكتور طه حسين بعد أن كان معيدًا بالجامعة، حيث عمل بها حتى وفاته مقدمًا لأحاديث الأطفال والبرامج الدرامية والغنائية والصور الموسيقية.
ويعتبر بابا شارو، رائد برامج الأطفال، وكان أشهرها برنامج «حديث الأطفال» الذي ساهم في تشكيل شخصية الطفل المصري، وتولى قيادة أجيال أصبحوا يحتلون أهم المواقع، كما اكتشف الكثير من المواهب الذين أصبحوا نجومًا مثل «عبد المنعم مدبولي، فؤاد المهندس، سعاد حسني» وغيرهم.
جائزة 500 دولار
وبحسب ما تم نشره في جريدة "أخبار اليوم" في 2 يناير 1971، فقد فازت إذاعة الجمهورية العربية المتحدة بالجائزة الأولى في مؤتمر الإذاعات الإفريقية الذي عقد في الرباط آنذاك، ووقف بابا شارو مدير عام برامج الإذاعات المصرية يتسلم الجائزة وقدرها 500 دولار، والدموع تملأ عينيه بسبب سعادته.
وعاد بعد ذلك بابا شارو إلى القاهرة ليسجل قيمة الجائزة في جمرك المطار، ثم سلم الجائزة نفسها إلى المختصين في الإذاعة، بعد أن هنأ الشباب أو جيل الإذاعة الذي أعد وأخرج البرنامج الذي فاز في المؤتمر.
البرنامج الثاني
وقال بابا شارو: إن البرنامج الفائز بالجائزة الأولى قدمه البرنامج الثاني في الإذاعة المصرية، ألفه محمود عنان ومحمد البهنسي، وهما من أسرة البرنامج الثاني، وقامت ببطولته زوزو نبيل وعبد المنعم أبو الفتوح وصبري عبد العزيز.
وُلد محمد محمود شعبان في 21 سبتمبر 1912 في حي الرمل بالإسكندرية، وسبب عمله في ببرامج الأطفال هو غياب مقدم البرنامج فتم تكليفه بالحقلة، وحدثت غلطة مطبعية فبدلًا من كتابة بابا شعبان تم كتابة بابا شارو في الورق الذي يقرأه المذيع.
عيد ميلاد أبو الفصاد
وبعد إذاعة الحلقة، أحبه الأطفال والناس، واشتهر ببرامج الأطفال، بالإضافة إلى البرامج الدرامية والغنائية والصور الموسيقية، أشهرها «عيد ميلاد أبو الفصاد»، وقدم أحاديثه للأطفال على مدار 20 عامًا، توفي عام 1999 عن عمر 86 عامًا.
"الراعى الأسمر"، و"عذراء الربيع جلنار"، و"أصل الحكاية الدندرمة"، و"عيد ميلاد أبو الفصاد" أعمالا لا تنسى وما زالت محفورة فى ذاكرة أجيال عاشت وتربت على صوت الإذاعى الكبير محمد محمود شعبان، الذى جعلته الصدفة "بابا شارو" رائد برامج الأطفال فى التاريخ، وفى ذكرى رحيله الـ17 التى مرت علينا في 10 يناير الحالي، نوضح لعشاق هذا الصوت الحنون كيف أصبح "بابا شارو" رائدًا فى تقديم برامج الأطفال رغم أنه كان معدا فى الإذاعة.
دور الصدفة
والإجابة بسيطة، وهى "الصدفة" التى لعبت دورًا كبيرًا فى حياة الإذاعى الكبير "بابا شارو"، حيث بدأ محمد محمود شعبان حياته المهنية كمعد لأحد البرامج الإذاعية، وفى أحد الأيام تأخر مقدم البرنامج الذى يعمل فيه "شعبان"، ولأن مواعيد البرامج الإذاعية مقدسة، اضطر المعد الشاب أن يظهر بصوته لأول مرة مكان مذيع البرنامج، ومن هنا بدأ مشواره، حيث قرر المسئولون وقتها استمراره فى البرنامج بعد رد فعل الجمهور الذى أشاد بالحلقة، ولم تتوقف الصدفة عند ذلك فقط، ولكنه حصل على لقب "شارو" أيضًا بالصدفة، عندما أخطأ مذيع الربط فى الإذاعة وقدمه باسم محمد محمود شارو.
قدَّم "بابا شارو" للإذاعة المصرية ألف حلقة من حلقات ألف ليلة وليلة، و300 حلقة درامية من كتاب الأغانى للأصفهانى، وله عدد كبير من البحوث والدراسات فى فروع الفن الإذاعى المختلفة، أنشأ شعبان معهد التدريس الإذاعى والتليفزيونى، وقام بالتدريب فيه كما قام بالتدريس فى قسم الدراسات العليا بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وكان أستاذًا زائرًا لكلية الإعلام بجامعة الرياض بالسعودية، وأستاذا متفرغا بجامعة الملك عبد العزيز، حيث أنشأ بها كلية الإعلام، وحاضر لعدة سنوات بمعهد السينما والفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بمصر، وكان أول مصري يدرس فنون التليفزيون.