رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا أعادت إثيوبيا ملف سد النهضة إلى واجهة الأحداث مجددًا؟

 سد النهضة
سد النهضة

رغم حالة الصمت التي طغت على ملف "سد النهضة الإثيوبي" خلال الأشهر الماضية، تزامنا مع الحرب الإثيوبية في إقليم تيجراي، إلا أن أديس أبابا أعادت الملف مجددا إلى الواجهة بعد عقد اجتماع وزاري في منطقة السد، والإعلان عن قرب توليد الكهرباء منه، على النقيض تقلل القاهرة والخرطوم من تلك التصريحات، وتراها للاستهلاك الإعلامي.

وتطرح تصريحات أديس أبابا ونقيضها من القاهرة والخرطوم تساؤلات عدة، هل هناك تقدم إثيوبي في النواحي الإنشائية والفنية في سد النهضة، وما الخطوات اللازمة لتحريك الملف مجددا؟.

بداية يقول، الدكتور أحمد المفتي، الخبير السوداني في القانون الدولي- العضو السابق في مفاوضات حوض النيل، إن الإثيوبيين لم يتوقفوا عن عمليات البناء والتشييد في سد النهضة حتى وهم في الحرب ضد التيجراي، واتضح الآن أن عملية التشييد مرتبطة بعملية إزالة لبعض الغابات كما حدث في الملء الثاني، وهذا يعني أنهم جادون جدا.

خطورة كبيرة

وأضاف: صرح الإثيوبيين مؤخرا أنهم سوف يبدأون في توليد الكهرباء، معنى ذلك أنهم يعتزمون القيام بعملية الملء الثالث، وأهمية هذا الملء أنه يمثل خطورة كبيرة جدا، لأنها سوف تمتلك قوة مائية خلف السد بعد الملء الثالث قدرها 18 مليار متر مكعب، هذا الأمر يمثل قنبلة مائية تهدد دولتي المصب "مصر والسودان"، الغريب في الأمر أن الإثيوبيين متحركين وبسرعة الآن، وعقدوا مؤخرا اجتماع مجلس الوزراء في موقع "سد النهضة" من أجل لفت الانتباه.

الحل في "العصا"

ولفت الخبير القانوني إلى أن الحل في تلك الأزمة يتطلب وجود "عصا" تضغط على إثيوبيا، وتمثل مطالبة السودان بأراضي بني شنقول المقام عليها السد وأنها ملكية سودانية، إحدى وسائل الضغط القوية على أديس أبابا من أجل أن تذعن للحوار، وتساعد في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومرضٍ لجميع الأطراف.

"مع بداية المطالبة سيكون هناك شىء جديد لتحريك الملف. بكل تأكيد خطوات أخرى سوف تلي تلك الخطوة، ولا أرى في الوقت الراهن شيء أقوى من المطالبة بالأرض المقام عليها السد والتصعيد في هذا الملف. وقتها سيتحرك المجتمع الدولي لأن الأمر سوف يكون في تلك الحالة مهدد للأمن والسلم الدوليين"، حسب قوله.

حرب التيجراي

من جانبه، يرى الخبير الاستراتيجي المصري في شؤون المياه، أن وضع الحرب داخل إثيوبيا أعاق كل التحركات ودعوات التفاوض بشأن سد النهضة، لأن توجه أي دول في حالات الحروب يكون نحو جبهات القتال فقط، والحرب إلى الآن لم تنته رغم الهدوء الحاصل.

وأضاف لـ"سبوتنيك"، الحديث الآن عن الملء الثالث قد يكون غير منطقي، حيث لا توجد أمطار في تلك الشهور على إثيوبيا والتي تبدأ في شهر يونيو من كل عام، كما وأنه قبل نشوب حرب التيجراي الأخيرة، واجه سد النهضة عددا من المشكلات الفنية في التوربينات والفتحات والعامل الفني في معدل الأمان، وهناك توقف كامل في سد النهضة خلال مدة الحرب والتي لم تنته حتى الآن.

وأشار إلى أن مصر لا تجد من تخاطبه في تلك المرحلة، لأن إثيوبيا منشغلة بالحرب، وحتى الأطراف الدولية في أثناء الحرب لا تجد من تخاطبه، علينا أن ننتظر حتى موسم الأمطار القادم لكي نتحدث عن الملء ويتضح الأمر بالنسبة للحرب الأهلية في إثيوبيا.

إنتاج الطاقة

أعلنت إثيوبيا، الخميس الماضي، البدء قريبا في إنتاج الطاقة من سد النهضة، الذي لا يزال محل خلاف مع دولتي مصر والسودان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي: إن بلاده "ستبدأ قريبا في إنتاج الطاقة من سد النهضة "، داعيا السودان إلى الاحتفال بهذا الحدث لأنه المستفيد الأكثر، وذلك حسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

وأضاف: "إن إنتاج الطاقة من سد النهضة لا يعني توقف المفاوضات الثلاثية (مصر وإثيوبيا والسودان) بشأن القضايا العالقة".. مؤكدا أن المفاوضات ستتواصل للتوصل إلى حل مربح للجميع.

في نوفمبر من العام الماضي، قال وزير الطاقة والمياه الإثيوبي، هابتامو إيتيفا: إن بلاده تواصل عمليات بناء سد النهضة الإثيوبي، على نهر النيل، جنبا إلى جنب مع قتالها للإرهابيين، وذلك بعد إعلان الجيش الإثيوبي نشر وحدات في محيط منطقة السد، لتأمينه ضد أي خطر إثر محاولات لمهاجمته.

وتواصل مصر مطالبها بضرورة استئناف مسار مفاوضات سد النهضة الإثيوبي في أقرب وقت، بهدف التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة على نحو يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر المائية.

الجريدة الرسمية