وزير الأوقاف يضع روشتة نجاح الداعية: الدعوة علم وفن وخبرة
أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن الدعوة علم وفن وخبرة وتدريب، لا يكتفى فيها بمجرد التحصيل العلمي، إنما تحتاج إلى مقومات عديدة، لا شك أن في مقدمتها إخلاص النية فيها لله (عز وجل)، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (فصلت: 33)، فلا يتاجر الداعي بدعوته، ولا يجعلها مطية إلى الدنيا.
وأوضح وزير الأوقاف أن الأنبياء جميعًا قد أكدوا على عدم طلب الأجر على دعوتهم إلى الله (عز وجل)، حيث يقول الحق سبحانه على لسان سيدنا نوح (عليه السلام) : " وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ " (هود:29)، وهو عين ما جاء على لسان سيدنا هود (عليه السلام): " وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الشعراء: 127)، وعلى لسان سيدنا صالح (عليه السلام): "وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الشعراء: 145)، وعلى لسان سيدنا لوط (عليه السلام): "وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الشعراء: 164)، وعلى لسان سيدنا شعيب (عليه السلام): " وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الشعراء: 180)، ويقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم): " قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " (سبأ: 47).
عوامل النجاح
وأكد الوزير أن من أهم عوامل نجاح الدعوة مراعاة حال المدعو وثقافته ومدى قدرته على الفهم واستيعاب ما يلقى إليه، وكان الإمام على (رضي الله عنه) يقول: خاطبوا الناس بما يفهمون، أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله؟ لأنك إذا خاطبت إنسانًا بما لا يستوعب ربما قال لك لا أصدق ذلك ومنها مراعاة ظروف البيئة المحيطة وعادات الناس وتقاليدهم وظروف زمانهم ومكانهم، وهو ما أكد عليه أهل العلم من أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأحوال، وأن ما كان راجحًا في عصر قد يصبح مرجوحًا في عصر آخر، وما كان مرجوحًا قد يصبح راجحًا إذا تغيرت الظروف والأحوال أو البيئات، وعلى العالم والواعظ والمجتهد والمفتي مراعاة كل ذلك.
وأردف قائلا: من أهم ما ينبغي أن يراعيه الداعي إلى الله (عز وجل) سد الذرائع، وذلك بانتقاء الألفاظ واختيار الكلمات، والنأي بالخطاب الدعوي عن كل ما هو مُلبس من العبارات أو الألفاظ التي تحتمل كثيرًا من الوجوه والتأويلات، حتى لا يترك فرصة يؤتى من قِبَلها كما أنه لا بد من التفرقة بوضوح شديد بين ما هو جائز وما هو واقع، وما يمكن أن يطرح مما هو جائز وما لا ينبغي طرحه للعامة على أقل تقدير، فليس كل مباح مستساغ لدى جميع الخلق وفي جميع البيئات، فينبغي مراعاة تغير الزمان والمكان في ذلك بفطنة وحنكة وذكاء، يراعي الداعي فيه حالة الرقي والتقدم والمدنية المتسارعة في عالم اليوم، وكل ما يتصل بذلك من عوامل الحضارة والتطور الإنساني وما تقتضيه النظم البروتوكولية الحديثة والعصرية.