المرجل الذي انفجر
كتبت في ذلك المكان قبل انفجار الثورة بأسبوعين ما نصه: (المشكلة الكبرى في مصر تكمن في استمرار النظام الإخوانى في سياسة تقسيم المجتمع في وقت هو أحوج ما يكون فيه للاتحاد، وإصراره على كبح الحالة الثورية المتأججة، ومحاولة تحويلها لمجرد عملية إصلاح مؤسسى، وفرض دستور ونظام حكم يقبع عليه الإخوان، ولا تمثل لهم مصر إلا عرشًا يتخذونه منطلقًا لتحقيق هدفهم الوهمى في الخلافة، ولكن الجماعة لا تشعر أن تحت ذلك العرش مرجلا ما زال يغلى ويفور، وسوف ينفجر حتمًا في من يجلس عليه).
لقد انفجر مرجل الثورة بالفعل في وجه خونة هذا الوطن بعد أن أعطى المصريون فرصة تاريخية لهؤلاء المتأسلمين لكى يعبروا عن مواقفهم السياسية وأجلسوهم على عرش مصر، ففوجئوا بهم يقومون بسب مصر وتقسيم المجتمع وتكفيره، وأشاعوا الإرهاب والعنف فيه، ورفعوا السيوف والعصى والبنادق في شوارعها، وهددوا بسفك دماء أبنائه المسالمين، وتحالفوا مع جماعات الرعب والتخلف في غزة والقاعدة والجماعات الجهادية الدموية، وعَرَّضوا وحدة مصر للانقسام والتجزئة كما حدث في السودان ولبنان وسوريا والعراق وليبيا، وواجهت مصر في عهدهم أخطارًا لم تواجهها في تاريخها، مست أراضيها ونيلها وقناتها، وكما أحرق التتار بغداد وألقوا كتبها في النهر حاولوا أن يحرقوا مصر كما أحرقوا القاهرة في يناير ١٩٥٢، فخرج المتظاهرون ليؤكدوا على شرعية الشعب المصرى ومفهوم الوطنية الذي جمع مصر طوال تاريخها، خرجوا على هؤلاء الذين سقطت شرعيتهم بعد أن هموا بضرب كيان مصر ذاته وخانوها، وقام جيشها وشرطتها الوطنية بالانضمام إلى الجماهير في دفع هذا الخطر الكبير عن مصر، إنها حرب أعلنت ضد أخطر ما واجهته مصر في تاريخها، اجتمع عليها القاصى والدانى بغية ضربها وتقسيمها، وقامت العصابات الإخوانية على تنفيذ هذا المخطط الشيطانى الماكر.
إن ماحدث في مصر هو نتيجة لما أسسه البنا في سنة ٢٨ بمعاونة المحتلين، وقامت عليه مؤامرة غربية كبرى لضرب مصر وتقسيمها، ولكنها تحطمت على صخرة ووطنية شباب مصر الشجعان.