علي جمعة: الأمة لن تخرج من أزمتها إلا بعودة المجتهدين وقبول الرأي المخالف
طالب الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، بالعودة إلى حلاوة النقاش العلمي والخلاف الثري الذي كان يحرك العقول ويربي النفوس على قبول الرأي الآخر، ويدرب الطلاب والعلماء على البحث.
النقاش وعودة المجتهدين
وأكد أن النقاش الثري يهيئ الأجواء لعودة المجتهدين العظام مرة أخرى، لكي يكونوا قادرين على عرض ما عندهم بالمنطق والبرهان الذي يوافق عليه الجميع حتى ولو لم يتخذوه سبيلا لهم.
كما أشار علي جمعة إلى أن العلم لا يولد كاملًا، حتى علم العروض الذي ضبط به الخليل بن أحمد الفراهيدي الشعر العربي لم يولد كاملا بالرغم من أنه كان شبه كامل، وقال إن توليد العلوم منهج مناسب للخروج العملي من الأزمة الطاحنة التي تمر بها الأمة.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "أما واضع العلم فإنه سينسب إلى أول من ألف فيه، ولو ألفت جماعة مرة واحدة فسيحدث نزاع أيهم ألف أولًا، ونرجع إلى حلاوة النقاش العلمي والخلاف الثري الذي كان يحرك العقول ويربي النفوس على قبول الرأي الآخر، ويدرب الطلاب والعلماء على البحث وترتيب الأدلة واستجلاب البراهين وبيان جهة دلالتها، ويخرج العقل المسلم من إسار التقليد والجمود والأزمة الفكرية التي يمر بها إلى نوع آخر من العمق في الفهم والوعي بما يجري حوله".
المنطق والبرهان
وقال: "القدرة على أن تهيئة الأجواء لعودة المجتهدين العظام مرة أخرى قادرين على عرض ما عندهم بالمنطق والبرهان الذي يوافق عليه الجميع حتى ولو لم يتخذوه سبيلا لهم، ولكن يحترمون المنهج ويؤكدون على صحته بغض النظر عن النتائج ومشارب البشر".
وأضاف جمعة:"الحقيقة إن العلم لا يولد كاملا حتى علم العروض الذي ضبط به الخليل بن أحمد الفراهيدي الشعر العربي لم يولد كاملا بالرغم من أنه كان شبه كامل إلا أننا رأينا الأخفش وهو يضيف إليه بحر المتدارك، ورأينا علماء هذا الفهم ينشئوا أوزانا أخرى، صحيح إنه لم يتكلم بها العرب، ولم ينقل من شعرهم شيء على أوزانها إلا أنها زادت في العلم، ووسعت من مفهوم الشعر كما أورده الدمنهوري في كتابه الكافي في العروض والقوافي، حتى ابتدع أمير الشعراء أحمد شوقي بعض الأوزان التي لم تكن من قبل فقال: مال واحتجب * وادعى الغضب.. ليت هاجري * يشرح السبب.. وهو يسير على ما فعله الأندلسيون من قبل في كان كان والمواليا وغيرها".
توليد العلوم
وتابع علي جمعة: "توليد العلوم منهج مناسب للخروج العملي من الأزمة الطاحنة التي تمر بها الأمة، ومن منهج الصالحين أنهم ذهبوا إلى العلم بكل فنونه وأنواعه عندما هجم التتار على بلاد المسلمين، وكانت لا تزال مدن تحت سيطرة الصليبيين"
واختتم حديثه قائلًا: "لندرس نموذج الإمام النووي الذي كان يعمل عشرين ساعة في اليوم لحفظ العلم ونقله لمن بعده، حتى إنه لم ينم على جنبه لمدة عامين، ولم يتزوج لكثرة انشغاله بالعلم حتى مات صغيرا لم يتجاوز الخامسة والأربعين من عمره بحساب السنة الهجرية، ولنذكر نموذج النويري في (نهاية الأرب) والقلقشندي في (في صبح الأعشى) وابن منظور في (لسان العرب)، وغيرهم من أصحاب الموسوعات وكيف واجهوا الطغيان والعدوان وتقلب الزمان".