رئيس التحرير
عصام كامل

صراع النفوذ بين الشرق والغرب.. الولايات المتحدة تنفي علاقتها بأحداث كازاخستان

الشرطة في كازاخستان
الشرطة في كازاخستان

بين صراع القوى العظمى للسيطرة على الموارد الطبيعية، شهدت كازاخستان صراعًا داميًّا عقب انطلاق تظاهرات في البلاد مع بداية يناير الجاري بالتزامن مع تضاعف أسعار الوقود. 

وبين تبادل التهامات بين الشرق والغرب، نفت الإدارة الأمريكية علاقة واشنطن بأحداث كازاخستان على خلفية التظاهرات التي اجتاحت البلاد، وتدخل القوات الروسية لدعم النظام في كازاخستان. 

 

أحداث كازاخستان

حيث قال مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف أمس السبت: "لا علاقة لنا بتطورات الأحداث هناك.. هذا السؤال ليس للولايات المتحدة".

تظاهرات كازاخستان 

وكان رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكايف، قد أعلن إقالة الحكومة وترؤسه مجلس الأمن وفرض حالة الطوارئ على المستوى الوطني، كما وجَّه دعوة رسمية إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي لإرسال مهمة حفظ سلام إلى البلاد.

ولقي العشرات حتفهم واعتُقل الآلاف في كازاخستان، الأسبوع الماضي، خلال أسوأ أعمال عنف شهدتها الدولة الواقعة في آسيا الوسطى منذ استقلالها في أوائل التسعينيات.

 

أين تقع كازاخستان وما أهميتها؟

تعد كازاخستان، الواقعة بين روسيا والصين وتشترك أيضًا في الحدود مع ثلاث جمهوريات سوفيتية سابقة أخرى، أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى؛ حيث يوجد بها مخزون غني من الهيدروكربونات والمعادن. 

ومنذ أن صارت مستقلة في عام 1991، جذبت استثمارات أجنبية بلغت قيمتها مئات المليارات من الدولارات.

ومن الناحية الإستراتيجية، تربط كازاخستان الأسواق الكبيرة سريعة النمو في الصين وجنوب آسيا بأسواق روسيا وأوروبا، عن طريق البر والسكك الحديدية وميناء على بحر قزوين.

ويصف هذا البلد نفسه بأنه ملتقى مشروع التجارة الصيني الضخم المعروف ”بالحزام والطريق“.

 

أكبر منتج عالمي لليورانيوم

وتعد كازاخستان أكبر منتج عالمي لليورانيوم، وأدت الاضطرابات التي حدثت الأسبوع الماضي إلى قفزة 8% في أسعار المعدن الذي يغذي محطات الطاقة النووية، وهي تاسع أكبر مصدِّر للنفط في العالم؛ إذ أنتجت حوالي 85.7 مليون طن في عام 2021، وعاشر أكبر منتج للفحم.

وهي أيضًا ثاني أكبر منجم في العالم لعملة بتكوين المشفرة بعد الولايات المتحدة.

آثار الدمار في كازاخستان 

لماذا الناس غاضبون؟

بدأت الانتفاضة في المناطق الغربية الغنية بالنفط على شكل احتجاجات على قيام الدولة في يوم رأس السنة الجديدة برفع أسعار البوتان والبروبان الذي يعرف "بوقود الفقراء" نظرًا لرخص سعره.

وسرعان ما أدى هذا الإصلاح، الذي كان يهدف إلى علاج نقص الإمدادات النفطية، إلى نتائج عكسية، إذ ارتفعت الأسعار إلى ما يزيد على مثليها، وانتشرت الاحتجاجات.

وعلى الرغم من أن كازاخستان تتصدر جمهوريات آسيا الوسطى فيما يتعلق بأعلى دخل للفرد، فإن نصف سكانها، وهي تاسع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، يعيشون في مجتمعات ريفية وغالبًا ما تكون معزولة وتعاني من ضعف فرص الحصول على الخدمات العامة.

وفي حين أن الموارد الطبيعية الهائلة للبلاد جعلت نخبة صغيرة فاحشة الثراء، يشعر الكثيرون من عامة الناس في كازاخستان بأنهم مُهمَلون.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي مليون شخص من إجمالي عدد السكان البالغ 19 مليونًا، يعيشون تحت خط الفقر.

ويقترب معدل التضخم السنوي من 9%، وهو أعلى معدل منذ أكثر من خمس سنوات؛ مما دفع البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة إلى 9.75 %.

 

مؤشرات الاقتصاد

تظهر بيانات البنك الدولي، أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كازاخستان في عام 2020 كان 9122 دولارًا، وهو ما يزيد بقليل عن ما في تركيا والمكسيك، لكنه يقل عن أقصى ذروة سنوية بلغها بما يقرب من 14 ألف دولار عام 2013.

وقدمت حكومة توكاييف حزمة تحفيز بلغت نسبتها 6% من الناتج الوطني لمساعدة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة على التعافي من آثار جائحة "كوفيد-19".

تظاهرات شعبية في كازاخستان 

وتوقع البنك الدولي نموًّا اقتصاديًّا بنسبة 3.5% عام 2021 ترتفع إلى 3.7% هذا العام ثم 4.8 % عام 2023.

وحث البنك كازاخستان على دعم المنافسة وتحجيم دور الشركات الضخمة المملوكة للدولة في الاقتصاد، وعلاج حالة التفاوت الاجتماعي، والعمل من أجل مناخ اقتصادي أكثر تكافؤا.

 

وضع الحريات وحقوق الإنسان

تنتقد الدول الغربية والجماعات المعنية بحقوق الإنسان منذ فترة طويلة كازاخستان؛ بسبب قمع المعارضين وتقييد حريات وسائل الإعلام.

 

وقالت منظمة العفو الدولية: إن الاحتجاجات التي شهدتها كازاخستان، خلال الأيام الماضية، كانت نتيجة ”قمع السلطات واسع النطاق لحقوق الإنسان الأساسية“، ودعت للإفراج عن جميع ضحايا عمليات الاحتجاز العشوائي، وفتح تحقيقات في الانتهاكات السابقة من جانب مؤسسات الدولة.

 

وقالت ماري ستروثرز، مديرة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية: ”على مدى سنوات اضطهدت الحكومة المعارضة السلمية؛ مما دفع شعب كازاخستان إلى حالة من التذمر واليأس“.

الجريدة الرسمية