رئيس التحرير
عصام كامل

بطاقة التموين.. 80 عاما من الخدمة.. وتقليص عدد الأفراد تحديات جديدة أمام مستحقي الدعم

بطاقة تموين
بطاقة تموين

هل اقترب شهر العسل بين المصريين وبين بطاقة التموين على الانتهاء؟ حقيقة الأمر أنه لم يكن شهرًا، بل عدة عقود متصلة، وتحديدًا منذ العام 1940، وهو العام الذي شهد إصدار أول بطاقة تموين.

 ورغم التحولات التاريخية التي مرت بها البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا.. ظلت بطاقة التموين سندًا حقيقيًا لقطاعات هائلة من المصريين، ومكونًا أساسيًا من مكونات الحياة ومقوماتها، لم يعتقد المصريون يومًا أن قيمة بطاقة التموين مجرد تبرع أو إعانة من الدولة؛ ربما لأن العلاقة بين الطرفين كانت أكثر طبيعية وهدوءًا وسكينة. 

بطاقة التموين لم تكن وسيلة للحصول على سلع ترفيهية يمكن الاستغناء عنها، بل كانت وسيلة للحصول على الحد الأدنى من مقومات استمرار الحياة، بطاقة التموين شكلت عصب معظم البيوت المصرية؛ خاصة لأرباب الدخول المحدودة والمتقطعة والمعدومة، ولكن مع الزيادة السكانية الرهيبة وما تجسده من عبء ثقيل على كأهل الدولة من ناحية، ومع تلاعب قطاع كبير من المستفيدين من بطاقة التموين.. لم تجد الحكومة بدًا من ضرورة إعادة النظر إليها وتقنين الاستفادة منها؛ بحيث يبقى الدعم لمن يكون جديرًا به ومستحقًا له..

الملاذ الآمن

تعتبر بطاقة التموين الملاذ الآمن لنحو 72 مليون مواطن يستفيد من الدعم التموينى الذى تقدمه الحكومة، حيث يحصل كل مواطن مصرى مقيد بالبطاقة على الدعم المخصص له بقيمة 50 جنيها حتى 4 أفراد، و25 جنيها بداية من الفرد الخامس لصرف عدد من السلع التموينية يبدأ صرفها أول كل شهر حتى نهاية الشهر نفسه.
بموجب بطاقة التموين، يحق لصاحب البطاقة التموينية صرف كيلو أرز لكل بطاقة تموينية عدد أفرادها أقل من 4 أفراد، وصرف ٢ كيلو أرز على البطاقة التى يكون عدد أفرادها ٤ أفراد فأكثر، صرف 2 كيلو سكر للفرد، وزجاجة زيت للفرد، بحد أقصى 4 زجاجات زيت للبطاقة المكونة من أربعة أفراد على أن يتم صرف باقى مبلغ الدعم سلع أخرى مثل (مكرونة أو دقيق أو صابون، أو شاى تموين) وغيرها من السلع الموجودة ضمن قائمة السلع التموينية المتاحة والتى تصل إلى 32 سلعة.
ويبلغ إجمالى عدد المستفيدين من صرف السلع التموينية 64 مليون مواطن، بينما يبلغ إجمالى المستفيدين من صرف الخبز المدعم 72 مليون مستفيد.

وقف البطاقات

وأكدت وزارة التموين والتجارة الداخلية أن هناك توجيهات من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بإيقاف إصدار أية بطاقات تموينية جديدة لحين وضع آلية محددة للدعم وذلك بعد ورود كتاب هيئة الرقابة الإدارية مرفقا معه مذكرة بشأن تحليل بيانات البطاقات التموينية التى تم إضافتها لمنظومة دعم التموين للفئات الأولى بالرعاية، وفيها مقترح للهيئة تمثل فى النظر فى إيقاف إضافة أي مستفيدين جدد لقاعدة التموين لحين مراجعة الضوابط المنظمة لذلك.
وخلال عام 2021، قامت وزارة التموين باستخراج 81 ألفا و200 بطاقة تموينية مستخرجة للمرة الأولى للفئات الأولى بالرعاية ومحدودى الدخل، كما تم استخراج 20 ألف بطاقة تموينية جديدة للأسر المستحقة لمعاش تكافل وكرامة وغير المدرجة تموينيا، وكان ذلك أحد نتائج أعمال تنقية وتدقيق بيانات البطاقات التموينية بدون تحميل ميزانية الدولة -بحسب وزارة التموين.
وقد بلغ إجمالى الدعم التموينى لكل من الخبز والسلع التموينية 84.5 مليار جنيه، مقسمة ما بين 36.5 مليار لدعم السلع التموينية و48 مليارا لدعم الخبز، وذلك طبقا لما هو مدرج بموازنة 2020/2021، فى حين بلغ إجمالى الدعم التموينى فى موازنة 2019/2020 نحو 89 مليار جنيه مقسمة إلى 35.9 مليار جنيه دعم سلع – 54 مليار جنيه دعم خبز.
وتأتي مخرجات الدعم التموينى لرغيف الخبز البلدى التموينى فى صورة إنتاج 7.8 مليار رغيف خبز شهريا ليصل متوسط إجمالى عدد الأرغفة المنتجة سنويا ما يقرب من 93 مليار رغيف، تكلفة الرغيف الواحد تتراوح من 55 إلى 62 قرشا، وفقا لنوع الرغيف المنتج.

حذف 10 ملايين مواطن

وبحسب تصريحات سابقة لوزير التموين الدكتور على المصيلحى، تم حذف 10 ملايين مواطن من قاعدة بيانات منظومة السلع التموينية، مما وفر على الدولة نحو 5 مليارات جنيه سنويا، فى إطار إجراءات تنقية البطاقات التموينية ومحددات الاستبعاد التى على أساسها خرج نحو 10 ملايين مواطن من الدعم، وتتمثل فى امتلاك سيارات حديثة أو مرتب حكومى أكثر من 12 ألف جنيه، أو حيازة زراعية أكثر من 10 أفدنة، استهلاك كهرباء كثر من 700 كيلووات، فاتورة موبايل أكثر من 650 جنيها، وأيضا مدارس خاصة أكثر من 30 ألف جنيه، موضحا أن تلك الفئات هى التى تم وقف صرف السلع التموينية فقط، بينما مستمرين فى صرف الخبز المدعم.
وتحاول وزارة التموين تدبير السلع التموينية الأساسية المطلوبة للوفاء باحتياجات المواطنين المستفيدين من الدعم السلعى المقرر على البطاقات التموينية وذلك طبقا للاحتياجات الشهرية الفعلية لهذه السلع وبقيمة إجمالية شهرية قدرها نحو 3 مليارات جنيه، والمحافظة على احتياطى من السلع الإستراتيجية لا يقل عن ستة أشهر، وتدبير التمويل المالى لشراء السلع خاصة أثناء أزمة كورونا، حيث صدرت التعليمات من القيادة السياسية بتوفير اعتمادات مالية خاصة لشراء السلع الأساسية لتكوين مخزون إستراتيجى فى مواجهة الجائحة وتداعياتها – وفقا لتصريحات وزير التموين.
وأوضحت وزارة التموين أنها تسعى للتصدى لمشكلات البطاقات التموينية وإجراء مراجعة وتدقيق لبيانات البطاقات التموينية وتعريف كافة المواطنين المدرجين تموينيا بموجب الرقم القومى، بالإضافة إلى إجراء مراجعة لهيكلة دعم البطاقات التموينية واستبعاد غير المستحقين لصرف السلع التموينية، وتطوير المكاتب التموينية وتحويلها إلى مراكز لخدمة المواطنين، حيث تم الانتهاء من تطوير أكثر من 300 مركز خدمة متطور حتى الآن لأداء كافة الخدمات التموينية للمواطنين أصحاب البطاقات التموينية الذكية دون التقيد بمحل الإقامة.
هذا بجانب تطوير أداء الخدمات التموينية للمواطنين بموجب البطاقات التموينية الذكية من خلال منظومة التحول الرقمى على شبكة الإنترنت من خلال موقع مصر الرقمية ودعم مصر للتحول الرقمى لأداء الخدمات التموينية بموجب البطاقات التموينية الذكية للتيسير على المواطنين والحد من التزاحم بالمكاتب التموينية فى ظل مكافحة جانحة فيروس كورونا المستجد.

الحماية الاجتماعية

وأشارت الوزارة إلى توفير مظلة الحماية الاجتماعية للأسر الأولى بالرعاية ومحدودة الدخل باستخراج بطاقات تموينية للأسر الأولى بالرعاية ومحدودة الدخل وغير المدرجة تموينيا لصرف الخبز والسلع التموينية لهذه الأسر، حيث أصدرت عددا من القرارات الوزارية والمنتهية بالقرار الوزارى رقم (62) لسنة 2021م بشأن استخراج بطاقات تموينية للأسر الأولى بالرعاية الغير مدرجة تموينيا.
وبعد تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن وقف إصدار بطاقات تموين للمتزوجين حديثا، وأعقبها تصريحات وزير التموين أنه لن يتم إصدار بطاقات تموين جديدة، ولا إضافة مواليد، مع الإبقاء على قاعدة بيانات مستحقى الدعم الحالية كما هى دون تغيير.
فسر بعض خبراء التموين تصريحات "السيسي" ووزير التموين بأن هناك اتجاها نحو تقليص عدد الأفراد داخل البطاقات التموينية إلى فردين فقط لتقتصر على الزوج والزوجة، فى حين وقف أي إصدار جديد للمتزوجين جدد.
وأكدت مصادر بوزارة التموين تعطيل جزئى للقرار رقم 62 لسنة 2021 الخاص بإصدار بطاقات للفئات الأولى بالرعاية ووقف إصدار بطاقات تموين جديدة العاملين بالحكومة أو قطاع الأعمال العام أو الخاص المؤمن عليه بحد أقصى 2400 جنيه شهريا، وأرباب معاشات العاملين بالحكومة أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص بحد أقصى 1500 جنيه شهريا.
بينما تستمر وزارة التموين فى إصدار بطاقات تموينية للمستفيدين من الضمان الاجتماعى وتكافل وكرامة وهى الحالات التى سوف تحددها وزارة التضامن الاجتماعى وتستحق الدعم وفقا للقرار رقم 62 لسنة 2021 الخاص بإصدار بطاقات للفئات الأولى بالرعاية، وهم المستحقون لمعاشات الضمان الاجتماعى والسادات ومبارك، والمستحقون لتكافل وكرامة، والأرامل والمطلقات والمرأة المعيلة، وأصحاب الأمراض المزمنة وذوى الاحتياجات الخاصة، والقُصَّر الذين ليس لهم عائل أو دخل ثابت لوفاة الوالدين، والعمالة الموسمية المؤقتة، والعاملون بالزراعة والباعة الجائلين وعمال التراحيل.
جدير بالذكر أن الدعم السلعى بدأ فى مصر مع بداية الحرب العالمية الثانية بعد ارتفاع الأسعار الناتج عن هذه الحرب.
واتجهت الحكومة المصرية خلال تلك الفترة بتقديم الدعم للمواطنين عبر استيراد كميات كبيرة من القمح والدقيق، وبيعه فى منافذ حكومية بأسعار مخفضة.
ثم توفير بعض السلع والاحتياجات الأساسية مثل السكر، وزيت الطعام، والشاى بنظام الحصص، وذلك باستخدام نظام البطاقة التموينية لتوزيع المواد على المستهلكين شهريا وبمقدار محدد للشخص الواحد فى الأسرة.
وبعد ثورة 23 يوليو، تم دعم أسعار للسلع الغذائية الأساسية، وكان الهدف هو توسيع نطاق الاستفادة ليشمل جميع الفئات الاجتماعية ولمواجهة الزيادة السكانية ونمو المدن.
ثم أصدرت الحكومة –بعد حرب 1967 وارتفاع الأسعار- قرارا بإصدار البطاقات التموينية لعدد محدود من السلع، كإجراء لمواجهة النقص فى هذه السلع، وكان برنامج الدعم يشمل عددًا من السلع الأساسية مثل القمح، والسكر، الأرز، زيت الطعام، الصابون، والكيروسين، وبعض المنتجات القطنية.
 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية