إنجي الحسيني تكتب: هل الزواج الثاني جرم يستوجب العقاب؟
رغم تعدد أصابع الاتهام والعوامل المؤثرة على تركيبة الأسرة المصرية والتي صارت في خطر كبير، فربما تكمن الأسباب في تفحل العولمة والتأثر بالثقافات الأخرى مما هدد منظومة القيم والمبادئ، الأمر الذي أثر على شخصية المرأة والرجل معا؛ فقد أصبحت المرأة تضع العمل في مقدمة الأولويات رغبة منها في صنع ذاتها ومشاركة الرجل في رفع مستوى معيشة الأسرة، وحماية لها أيضا من غدر الرجل في ظل تزايد حالات الطلاق، وصارت الرجولة في مأزق خاصة بسبب هؤلاء الذين يلقون بكل الأعباء والمسئوليات على كاهل المرأة، وأمام مشاكل الاختيار وتوتر العلاقات الزوجية نقف أمام شخصية "الزوجة الثانية" والتي يتم وصمها عادة بأفظع الصفات؛ فهي هدامة للبيوت وخاطفة للرجال، الأمر الذي دعا نائبة بمجلس الشعب تتقدم بمشروع قانون بشأن تعديل نص المادة 11 مكرر من مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 والقانون رقم 4 لسنة 2005 بشأن بعض أحكام الأحوال الشخصية، وذلك لإجبار الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي فى عصمته ومحال إقامتهن.
وفى حالة عدم إقراره أو إذا أقر بمحل إقامة غير صحيح لهن، أو حاول بأية طريقة أخرى إخفاء الزواج بأخرى أو ذكر معلومات خاطئة أو مغلوطة فإن العقوبة تصل للحبس ٣ سنوات وغرامة ٥٠ ألف جنيه.
في رأيي فإن هذا القانون يضع الزوجة الأولى في محل اختيار بمعنى أن بعض الزوجات يعلمن بتزوج أزواجهن بأخرى، وحرصا على الأولاد فإنهن يدعين عدم المعرفة لكن هذا القانون سيجعل بعضهن يثأرن لكرامتهن ويطلبن الطلاق.. وفي هذه الحالة يصبح القانون مهددا لاستقرار الحياة الزوجية.
الأمر الآخر الهام هو كيفية تطبيق القانون خاصة فيما يتعلق بحماية الأولاد من غدر الآباء خاصة بعد الطلاق !!! فهناك فرق بين نصوص قانونية وبين آلية تنفيذ تلك المواد حتى لا تصير حبرا على ورق؛ فالكثير من الآباء يرفضون الانفاق على أبنائهم، والكثير من القضاة يحكمون بمبالغ هزلية لا تتناسب مع احتياجات ورفاهيات وأسعار هذا العصر، وهنا تضيع حقوق أطفال لا ذنب لهم بين دهاليز وأروقة المحاكم وبين طول مدد التقاضي.. لذلك فالسؤال يطرح نفسه: أيهما أولى بالحماية، طفل له احتياجاته أم زوجة لها حرية الاختيار بالاستمرار أو بإنهاء الحياة الزوجية أو بتجاهل زواج زوجها من أخرى؟
فالمعيب في هذا القانون هو تجريم الزواج وحبسه مع المجرمين، وبالتأكيد لن يرضي ذلك الأبناء والمجتمع؛ فهناك فرق بين حبس "زوج"وحبس "أب" !!! فإذا كان الاقرار ملزما له حتى لا يحدث غش لبنات الناس، فلنكتفي بالغرامة، حفاظا على صورة الأب أمام أولاده وأمام المجتمع.. مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الرجال أيضا يعانون في زيجاتهم كما تعاني المرأة.
لذا لا أعتقد أن القوانين وحدها كفيلة بحماية المرأة والطفل في المجتمع الحالي بكل ما فيه من تغيرات، ولكن التغيير الحقيقي يرتبط بتغيير الأفكار والعقول وفهم الرجل لمعنى الرجولة الحقيقية بأداءه بواجباته والتزاماته على أكمل وجه خصوصا تجاه أولاده بغض النظر عن شخص المرأة.. هنا فقط تعاد ترتيب الأولويات ويصبح وجود زوجة ثانية أمر شخصي لا يهم المجتمع في شئ عندما يدرك الزوج الفرق بين كونه رجلا وبين النوع" ذكر" والتي ُتكتب في خانة البطاقة.