أمين وزراء الداخلية العرب: الإرهاب بات ظاهرة عالميّة معقّدة لا ترتبط بنطاق جغرافي
تحتفل دولنا العربية خلال الفترة (4-10 /1 /2022م) بالأسبوع العربي للتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، الذي يمثل مناسبة هامة لتكثيف النشاطات والبرامج التوعوية، وفرصة كبيرة لتشجيع المبادرات العربية بما تحتويه من خطط وبرامج واستراتيجيات ترمي إلى بناء مجتمع عربي واع بمخاطر ظاهرتي التطرف والإرهاب، وقادر على التصدي لهما والحد من تأثيراتهما على الأفراد والمجتمعات والدول.
وتُعد ظاهرتا التطرف والإرهاب من أبشع صور الجرائم وأخطرها، إذ تمثّلان تعديًا صارخًا على الأمن الفردي والجماعي، وتتعدد مخاطرهما من: إراقة الدماء، وما يخلفانه من عنف ودمار وسلب للحقوق والحريات، ونشر لخطاب الكراهية والتمييز، وما ينتج عنهما من تهديد للسلم المجتمعي وخسائر فادحة في الممتلكات وآثار سلبية نفسية واجتماعية، بفعل دوافعٍ عدائية متنوعة (دينية أو سياسية أو معتقدات فكرية مغلوطة).
وقال أمين مجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان في كلمته:
لا يقتصر خطر التطرف والإرهاب على دولـة ما أو منطقة بعينها، وإنما بات ظاهرة عالميّة معقّدة، لا ترتبط بنطاق جغرافي معين ولا بدين أو مذهب أو عرق أو لغة أو جنسية معينة، وهو ما ينبغي أن ينعكس على طبيعة الاستراتيجيات التي تتبناها الدول والأقاليم والعالم أجمع لمـواجهتها، خاصةً في ظل الأزمات والجوائح مثل: التداعيات السلبية لجائحة كورونا (Covid19)، واستغلال المتطرفين والإرهابيين لمثل هذه الظروف الصعبة باعتبارها فرصًا لتقويض الأمن واستقطاب المزيد من المتعاطفين في الوقت الذي توجه فيه الدول جهودها بشكل شبه كلي إلى التعامل مع ظروف الجائحة.
ومن هذا المنطلق ما فتئت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تعمل على تعزيز التعاون العربي والدولي في مواجهة التطرف والإرهاب ومنعهما ومكافحتهما، حيث يقوم مكتبها المتخصص بمكافحة التطرف والإرهاب بالتنسيق بين الدول الأعضاء، بما يضمن تنمية العمل العربي المشترك في شتى المجالات التي تتعلق بالتصدي للتطرف والإرهاب من خلال تبني إستراتيجيات وخطط تنفيذية وتشكيل فرق عمل متخصصة، كان آخرها" إنشاء فريق خبراء عرب معني برصد وتبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية وتحليلها " الذي أقرّه المجلس الموقر في دورته الثامنة والثلاثين التي انعقدت يوم 25/3/2021م، معلنًا انطلاق مرحلة تعاونية نوعية متقدمة من مراحل تطور العمل الأمني العربي المشترك، كما أن الأمانة العامة للمجلس لا تأل جهدًا في حث الدول الأعضاء على إيلاء مزيد من الاهتمام بالأجهزة المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب ودعمها وتطويرها، من خلال تزويدها بالكفاءات البشرية المؤهلة على أعلى المستويات، وتوفير متطلبات عملها وتأمين الوسائل والآليات والتقنيات الحديثة التـي تساعدها على أداء مهامها على أكمل وجه، مما يُسهم في الحدّ من آثار التطرف والإرهاب وتداعياتهما.
كما تقوم الأمانة العامة بإدراج موضوعي التطرف والإرهاب في طليعة قائمة الأولويات من خلال المؤتمرات والفعاليات والأنشطة التي تعقد في نطاقها، وبصفة خاصة على جدولي أعمال المؤتمر السنوي للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب في الدول العربية، والمؤتمر العربي الدوري لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني، ما يسهم في التعرف على أفضل ممـارسـات الدول العربية في مكافحة التطرف والإرهـاب، واستعـراض تجاربها في مجال استثمار الإعلام الأمني وتفعيل دوره في هذا السياق، وتقديم الكثير من أوراق العمل والدراسات المعمقة ذات الصلة، إلى جانب تنظيمها مسابقة سنوية تشارك فيها وزارات الداخلية في الدول الأعضاء في مجال مكافحة التطرف والإرهاب حرصا منها على تعميق الوعي الأمني لدى المواطن العربي وتشجيعه على المساهمة في الوقاية من الجريمة ومكافحتها.
إن مخاطر التطرف والإرهاب وانعكاساتهما الأمنية على الأفراد والمجتمعات والدول مخاطر جسيمة لا يمكن مواجهتها بجهد فردي، الأمر الذي يتطلب تقاسم المسؤوليات بين المؤسسات كافة، وتضافر جميع الجهود العربية والإقليمية والدولية لمكافحة هاتين الظاهرتين والتصدي بفاعلية لمخاطرهما.
مخاطر التطرف
ولا شك أن نجاح التوعية بمخاطر التطرف والإرهاب بحاجة إلى الإستدامة وعدم الاقتصار على أيام معدودة لتنفيذ النشاطات التوعوية، إضافة إلى تسخير كافة الجهود الممكنة، وتضافر جهود كافة الجهات المعنية ( الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام، دور الثقافة، المؤسسات الدينية، المجتمع المدني وغيرها)، التي نؤكد هنا على أهمية دورها في نشر القيم التربوية والأخلاقية السليمة ونهج التعايش والتسامح النابع من جوهر تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، كما أن تبني معالجات شاملة ونهج عملي طويل الأمد ومد أواصر التعاون بين كافة المؤسسات والتنسيق الدائم بينها كفيل بمجابهة كل صنوف التطرف والإرهاب.
وإننا بهذه المناسبة نثمِّن الجهود الكبيرة التي يبذلها وزراء الداخلية العرب في دعم الإستراتيجيات والاتفاقيات المعنية بهذا المجال، وتبني المبادرات الرائدة التي تسهم في دحر ومكافحة التطرف والإرهاب بما ينعكس إيجابًا على واقع العمل الأمني العربي المشترك، وتوفير الأمن والحياة الكريمة للمواطن العربي.