تصنيف مصر.. مؤشر الفساد العالمي..مصر تحتل مركزًا متراجعًا..وبرلمانيون يثمنون جهود المكافحة
في الوقت الذي تتراجع فيه مصر في عديد من التصنيفات العالمية، مثل: جودة التعليم ومكافحة الفساد وحرية الصحافة وسيادة العدالة، فإن هناك من يشكك في مصداقية هذه التصنيفات ويؤكد عدم الوثوق بها؛ لا سيما في ظل الجهود الجادة التي تبذلها الحكومة المصرية جميع الاتجاهات والتي لا تخطئها عين.
وفي هذا السياق..يجب التأكيد وبكل حيادية أن حكومات ما بعد 30 يونيو ورثت إرثًا ثقيلًا متداعيًا تنوء بحمله الجبال الراسخات، ومن ثم فإن عملية الإصلاح الشاملة تتطلب وقتًا طويلًا وفي اتجاهات مختلفة قد تكون أولويات أولى من غيرها، وقد تختلف الأولويات نفسها عند أولى النهى والأبصار.
الحكومة تبذل جهودًا حثيثة مثلًا في جودة الطرق، وقطعت فيها شوطًا هائلًا، سوف تنعكس ثماره قريبًا على عملية التنمية. قد تكون هذه الجهود أبطأ في التعليم مثلًا أو الصحة، وقد يتسبب الانشغال بقطاع دون آخر في إثارة الجدل واللغط. فما جدوى الاهتمام بالطرق وإهمال التعليم والصحة وتجاهل الزيادة السكانية؟
بالأرقام الدقيقة.. مصر تحتل مراكز متقدمة جدًا في الزيادة السكانية. مصر تزيد سنويًا أكثر من مليون نسمة. الزيادة السكانية تعرقل جميع جهود التنمية وتعيدها إلى المربع صفر. وفي الملف التالي..نعرض جانبًا من هذه التصنيفات؛ ليس بهدف تشويه الحكومة وإحراجها والتقليل من جهودها، ولكن لسببين لا ثالث لهما، أما الأول فهو: استعراضها ومناقشتها وتدقيقها وإبراز قصورها إن وُجدتْ، والثاني هو لفت الانتباه إلى بعض المؤشرات التي لا ينبغي إغفالها وتجاهلها، مثل: الزيادة السكانية على سبيل المثال التي لا تبقي ولا تذر..
مكافحة الفساد
وفي هذا السياق أكد عدد من أعضاء مجلس النواب أهمية مكافحة الفساد، نظرا لأنه يبعد خطرا يهدد الدولة، ووصفوه بالسوس الذى ينخر فى جسد الدولة، ومتغلغل فى المجتمع وأصبح جزء من الثقافة المجتمعية لدى المواطنين، مطالبين الحكومة بسرعة التقدم بمشروع قانون إنشاء مفوضية مكافحة الفساد، ولاسيما أنها تعد استحقاقا دستوريا تأخرنا فى تنفيذه، وتنظيم حملات توعية لمواجهة الفساد.
رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب عاطف مغاورى قال إن قضايا الفساد التى يتم ضبطها والإعلان عنها، مؤشر على أن هناك عملا جادًّا لمكافحة الفساد، لأن فى رأيى أن الفساد يعتدى على مؤسسات الدولة ويهدر كافة القيم والقواعد الدستورية التى تنظم وتكفل حقوق وواجبات كل فرد فى المجتمع، مضيفًا لـ"ـفيتو": الفساد يعد خطرا على الدولة مثله مثل الإرهاب بل يفوق باعتبار أن الإرهاب له أشكال مختلفة واضحة، بينما الفساد سوس ينخر فى جسد الدولة.
وحول المؤشرات الدولية بشأن تصنيف مصر فى مكافحة الفساد، قال مغاورى: أرى ألا نجلد ذاتنا بمثل تلك المؤشرات، لأن الفساد متراكم لدينا منذ عقود، ويكفى أن أقول: إن قيادات بحجم الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، عندما وصف الانفتاح بأنه انفتاح القطط السمان، وأيضا الانفتاح بالسداح مداح، وبالتالى فالفساد فى مصر منذ عقود وأهدر طاقات الدولة.
وأشار رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، إلى أن فى القلب من ذلك الفساد، ما جرى وما زال يجرى فى القلاع الصناعية التى حمت الدولة المصرية فى مواجهة سنوات العدوان، وهو القطاع العام والأعمال، حيث تم تصفيته منذ إشهار ما وصفت بوزارة قطاع الأعمال، فذلك فساد رسمى ومعلن، مستشهدا بشركة عمر أفندى كمثال، ومن قبلها شركة المراجل البخارية التى حكم القضاء المصرى الشامخ بإعادتها مرة أخرى، متابعا: هذا كان فسادا مؤسسيا، استمر وتطور ونظم شبكة علاقات عبر عقود من الزمن، وبالتالى لا يمكن مواجهته عبر سنوات قليلة.
وأضاف، أرى أن مؤشر نشاط الأجهزة الرقابية فى رصد وترصد وتتبع الفساد خلال الفترة الأخيرة أمر إيجابي، مشيرا إلى قيام الأجهزة بضبط الجديد من القضايا التى يتورط فيها وزراء ومحافظون ونواب محافظين ورؤساء جامعات، ورجال أعمال، مثل قضية وزير الزراعة الأسبق ووزيرة الصحة ونائب محافظ الإسكندرية وغيرها، من قضايا الرشوة والفساد، متابعا: أرى ذلك مؤشرا يدعو للتفاؤل، ويوضح أننا نسير فى الطريق الصحيح.
وتابع عضو مجلس النواب: بالطبع الفساد، يهدر كثيرا من الطاقات ويصيب المجتمع بالإحباط، ولذلك لا بد من مواجهته، وأن يكون لدى الشعب ثقافة لمواجهته، والعمل على إغلاق الثغرات التى يمكن أن يدخل منها الفساد، وذلك بتسهيل الإجراءات أمام المواطنين أو المستثمرين، نظرا لأن تعقيد الإجراءات يمكن أن يكون مبررا للقيام بفساد.
أصحاب المصلحة
وأرى أن الموظف العام الذى يتعمد تعقيد الإجراءات أمام صاحب المصلحة فهو مشارك فى الفساد، لأن صاحب المصلحة يضطر فى هذا الوقت للبحث عمن يقضى له مصلحته، لو بشكل من أشكال الفساد، ولكن عندما تكون الإجراءات واضحة يغلق باب الفساد.
وطالب النائب عاطف مغاورى، الحكومة بسرعة التقدم بمشروع قانون، إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ولا سيما أنها استحقاق دستورى، من القوانين المكملة للدستور، متابعا، عدم إنشاء تلك المفوضية حتى الآن يعد خللا دستوريا وتقصيرا من الحكومة فى ذلك.
وقالت النائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، إن ملف مكافحة الفساد، هو أمر أكبر من مستوى الجهود التى تبذلها الدولة حاليا، لمواجهة الفساد، موضحة أن الدولة جادة بالفعل فى مواجهة الفساد وتبذل جهودا كبيرة، ولكن الأمر أكبر من تلك الجهود.
وأضافت عبد الناصر فى تصريح خاص، أن الفساد فى مصر مؤسسى خلال العهود السابقة ولاسيما فى فترة مبارك، حيث كان فى فترة مبارك متأصلا فى كل مكان، حيث تعتبر تلك الفترة أكبر فترة أطلق فيها الفساد بشكل كبير، حتى أصبح الفساد جزءا من الوعى الجمعى للمواطنين، أو الأمر الطبيعى لدى الناس.
الثقافة المجتمعية
وتابعت: أصبح الفساد متغلغلا داخل الثقافة المجتمعية، وهذه أمور خطيرة، نظرا لأنها تحتاج جهودا أكبر من الجهود التى تبذلها الدولة، ولكن فى قطاع التوعية، مشيرا إلى أن رغم الجهود التى تبذلها الأجهزة الرقابية فى ضبط قضايا الفساد ومنها قضايا متورط فيها وزراء ورجال أعمال وقيادات وزارية، إلا أن تلك الجهود لا يتم نشرها وتوصيلها للمواطن بشكل جيد، حيث يتم منع النشر فى تلك القضايا، وبالتالى لا يعرف المواطن قيمة تلك الجهود التى قامت بها أجهزة الدولة.
وشددت عبد الناصر، على ضرورة إعلان كافة وتفاصيل القضايا التى يتم ضبطها، وكذلك ضرورة زيادة الوعى المجتمعى ضد الفساد، بالتوعية المستمرة وبحث ودراسة تجارب الدول التى نجحت فى محاربة الفساد.
وأشارت إلى أهمية الإسراع فى خطوات التحول الرقمى الذى تدعمه الدولة حاليا، نظرا لأنه من الوسائل التى تساعد فى محاربة الفساد بقدر ما حيث يعمل التحول الرقمى على تقليل حلقات الأشخاص فى تقديم الخدمات للمواطنين، وبالتالى تقليل التعامل البشرى الذى يتسبب فى وجود فساد.
وأوضحت عضو مجلس النواب، أن الفساد يؤثر فى الناتج المحلى، نظرا لأن حجم الاستثمار مرتبط بحجم الفساد، لأن المستثمرين ينظرون إلى مؤشر الفساد قبل بدء أي استثمارات.
وحول مدى حاجتنا لتشريعات جديدة لمواجهة الفساد، قالت عبد الناصر إن التشريعات التى لدينا كافية، فالفساد مجرَّم بالفعل، ولكن علينا تطبيقها وتنفيذها، وعلى كل الجهات الرقابية أن تبذل مزيدا من الجهد، وعلينا دعم هذه الجهات لتتمكن من ممارسة عملها بشكل جيد.
وقال النائب مجدى ملك، عضو مجلس النواب، إن الفساد فى مصر مترسخ عبر السنوات الماضية، ويتطلب إرادة قوية من كافة المسئولين لمواجهته، متابعا، لدينا فرصة قوية حاليا لمواجهة ذلك الفساد نظرا لأن القيادة السياسية حريصة كل الحرص على محاربة الفساد، وليس لديها خطوط حمراء أو فواتير لسدادها.
واستشهد ملك، بجهود الدولة خلال السنوات الأخيرة فى مكافحة الفساد، مشيرا إلى قضية فساد القمح، وسقوط وزراء ورجال أعمال، حيث لا يمر أسبوع إلا بضبط قضية فساد، وهو أمر علينا استغلاله جيدا لتطهير البلاد من الفساد.
نقلًا عن العدد الورقي…،