ودعه بالدموع في آخر لقاء.. كيف تنبأ مصطفى أمين بحادث اغتيال النقراشى بـ 15 يوما
في نوفمبر 1948 نقل عدد من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين أوراق خاصة وبعض الأسلحة والمتفجرات في سيارة جيب من إحدى الشقق بحي المحمدي إلى شقة أحد الأعضاء بالعباسية، إلا أن قوات الأمن اشتبهت في السيارة، وتم القبض على أعضاء التنظيم ولينكشف بذلك التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين، وتنبه رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى إلى خطورة تنظيم الإخوان بعدما اكتشف كمية الأسلحة والخطط التي كان سيقدم عليها التنظيم بما تضمه من مجموعة اغتيالات،
وبناء عليه أعلن محمود فهمي النقراشي، رئيس الوزراء ـ آنذاك ـ حل جماعة الإخوان واعتقال أعضائها وتأميم ممتلكاتها وفصل موظفي الدولة والطلبة المنتمين لها، وكان هذا القرار سببا في اغتياله.
خمس رصاصات
وفى مثل هذا اليوم في العاشرة من صباح 28 ديسمبر 1948 دخل شخص يرتدى زى ضابط برتبة ملازم أول إلى الطابق الأول من مبنى وزارة الداخلية، متمهلًا في السير داخل صالة الوزارة كأنه ينتظر شيئًا، ثم اتجه إلى الأسانسير ووقف بجانبه الأيمن وفي تمام العاشرة وخمس دقائق حضر رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى باشا، ونزل من سيارته محاطا بحرسه الخاص، واتجه للأسانسير فأدى له هذا الضابط التحية العسكرية فرد عليه مبتسما، وعندما أوشك النقراشي على دخول الأسانسير أطلق عليه هذا الضابط ثلاث رصاصات في ظهره فسقط قتيلا ونقل جثمانه إلى داره بمصر الجديدة.
وفى اليوم التالى للاغتيال كتب الصحفى الكبير مصطفى أمين فى جريدة الأخبار، مقالًا تحت عنوان "النقراشى كان يعرف أنه سيموت"، وجاء فيه إنه ذهب لزيارة النقراشى باشا فى منزله قبل اغتياله بأسبوعين ودار الحوار بين مصطفى أمين والنقراشى حول القرار الذى ينوى إصداره بحل الإخوان المسلمين فتمسك النقراشى برأيه فى ثبات عجيب وقال "سوف أصدر القرار وأنفذه وبعد الاطمئنان على الحالة سوف استقيل وأعود معلما كما بدأت" ولما رآه مصطفى أمين مصرا تنبأ باغتياله وقال له "قد تكسب رأيك لكننا سنخسرك" وعاد مصطفى أمين إلى بيته باكيا وكان يشعر وهو يصافحه أنه الوداع الأخير..وتحققت النبوءة واغتيل النقراشى.
صفية النقراشى تتكلم
وتحكى صفية النقراشى ابنة رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى ذكرياتها يوم اغتيال والدها فتقول: دفع والدى حياته ثمنا لقرار حل جماعة الإخوان المسلمين، كان يوم اجازتى المدرسية وكنت بالبيت في مصر الجديدة، وفجأة سمعت صراخا وضجة وشاهدت من شباك غرفتى نقالة عليها جثمان ملفوف بملاءة بيضاء حضروا الى بيتنا ووضعوا الجثمان بالصالون ولم أفهم شيئا حتى جاء الملك فاروق إلى منزلنا ودخل الصالون وبكى وقرأ الفاتحة وعلمنا أن والدنا قتل برصاص الإخوان، وأمرتنا وزارة الداخلية بعدم ذهابى أنا وأخى هانى إلى المدرسة بعد وصولنا تهديدات بالخطف، وظهرت جريدة الزمان المسائية التي كان يرأس تحريرها جلال الدين الحمامصى تحمل مانشيتا بالبنط الأسود “مصرع دولة النقراشى باشا”.
اغتيال حسن البنا
وأضافت صفية النقراشى: وبعد أقل من شهرين قتل حسن البنا واتهم الإخوان والدتى بانها وراء الاغتيال بالرغم من انها ليس لها اى دخل بالسياسة، وقال قاتل والدى عندما علم أن البنا قال على قتلة أبى ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين واعترف بكل تفاصيل الاغتيال وتأكيده أن الشيخ سيد سابق هو من أفتى باغتيال النقراشى.