رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم الخاص مفتاح التنمية.. العالم يعتبره قضية اقتصادية.. وأمريكا تستغله لسيادة العالم بالعقول البشرية

التعليم الخاص
التعليم الخاص

يعد التعليم الخاص أحد مفاتيح التنمية الرئيسية إذ إنه من أساسيات التغير الاجتماعى والتطور الاقتصادى، والسياسى والفكرى للبناء الحضارى فى المجتمع، كما أنه يعتبر مدخلًا للتنمية الشاملة القائمة على مهارات الفرد وخبراته العلمية والتطبيقية؛ لأنه يُمكن الفرد من اكتساب أدوات التعلم ومضامينه وتوظيفها للإسهام فى التنمية والاستخدام المرشد لإمكاناتها.

 

استثمارات التعليم

وفى بحثه عن "اقتصاديات التعليم" يؤكد عبد الواحد الحميد أن التعليم ليس مجرد خدمة اجتماعية تقدم لأفراد، بل هو استثمار؛ والاستثمار فى التعليم يعود بمردود مالى على الدول النامية بالخصوص، وهذه الحقيقة توصلت إليها نتائج البحوث العلمية التى أنجزت فى هذا الحقل فيض لأنظمة سياسية مختلفة؛ رأسمالية وليبرالية واشتراكية؛ أجمعت كلها على أن مردود الاستثمار فى ميدان التعليم يعادل أو يفوق مردود الاستثمار فى الميادين الأخرى؛ كالمصانع، والمزارع، والنقل.

يشير الحميد إلى أن النمو الاقتصادى الذى حققته الولايات المتحدة الأمريكية كان لغزا للباحثين، حتى نهاية خمسينيات القرن الماضى؛ فقد أجرى الباحث الاقتصادى روبرت سولو بحثًا مهمًّا، كشف من خلاله أن الزيادة فى رأس المال الطبيعى لاتفسر إلا أقل من نصف الزيادة فى النمو الاقتصادى الأمريكى؛ فأيقن الباحثون أن حل اللغز يكمن فى الاستثمار فى رأس المال البشرى، أو ما عُّبِّر عنه بـ"نوع العمالة"، مشيرا إلى أن الإنجازات فى التعليم وراء تحقيق عدد من الدول لنموها الاقتصادى الكبير.

كما أن للتعليم المدرسى أهميته بلا ريب؛ فهو القوة الحية فى شتى مناحى الحياة، والعامل الأساس والأقوى للتقدم؛ بل هو زيادة على ذلك، ذو صلة أساسية بالتقدم والعدالة الاجتماعية والمساواة فى الفرص، والإسهام الفعال فى بناء المجتمع وتشكيل سمات الأفراد وتحقيق التكامل بين عناصر ومكونات شخصيتهم وإنمائها.

ويؤكد الباحث أن التعليم كخدمة ذات ثمن، أثُرُه يتعدى البائع والمشترى ليشمل المجتمع أيضا، وكلما ازداد الطلب على بضاعة التعليم ازدادت مكتسبات المتعلم والمجتمع؛ ولأن الفائدة لا تتحقق فى المدى القريب، فإن الواجب يحتم على الدولة دعم التعليم، لقطف النتائج على المدى البعيد والمتوسط؛ لأن الاستثمار فى رأس المال البشرى هو المؤثر فى التقدم والتنمية، وليس الزيادة فيراس المال الطبيعى والتى تفسر التقدم الاقتصادى.

قضية اقتصادية

ومنذ خمسينيات القرن الماضى والعالم يرى التعليم القضية الاقتصادية الأكثر تأثيرا، حيث تعد العلاقة بين الاثنين تكاملية فالاقتصاد يدعم التعليم ماديا، فى حين يقدم التعليم للاقتصاد القوى البشرية المؤهلة تأهيلا علميا للقيام بمسئولياته؛ ولذلك تحول التعليم من تحقيق حاجات الفرد ومطالبه الشخصية فى حاضره ومستقبله إلى تحقيق حاجات المجتمع ومطالبه المختلفة فى حاضره ومستقبله.

ويعتبر التعليم أهم الأنظمة المكونة لأى مجتمع معاصر وذلك لاعتبارات عدة أهمها أنه الوسيلة الوحيدة لتمكين الأفراد من اكتساب القدرات والمهارات والمعارف بشكل منظم بغرض استخدامها بفعالية فى أنشطة مهنية واجتماعية، وينظر إلى النظام التعليمى باعتباره مكونًا اقتصاديًا واجتماعيًا وتقنيًا لأية دولة؛ وذلك لأن مخرجات التعليم تعد مدخلات لأى نشاط إنتاجى واقتصادى. (د. محمد عثمان الثبيتى: التخطيط الاقتصادى للتعليم فى ضوء متطلبات العولمة، المجلة التربوية العدد 120 الجزء الثانى سبتمبر 2016)

ومؤسسات التعليم الخاص المصرية ليست أماكن لجباية الأموال، ولو كانت هناك أخطاء من البعض فإنها نسبة لا تقارن بحجم ما يقدمه إجمالى المدارس الخاصة من خدمات تعليمية وتربوية تستهدف بناء أجيال قادرة على المنافسة، ومخرج تعليمى يمتلك المهارات اللازمة التى تؤهله لأن يكون فاعلًا فى المجتمع وأحد أسباب النمو والارتقاء.

ومؤسسات التعليم الخاصة ليست مؤسسات تجارية تقدم بضاعتها لمن يدفع؛ ولكنها مؤسسات تربوية تقدم خدمات تعليمية مميزة، وتساهم فى بناء المجتمع وتخريج أجيال قادرة على التأثير فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بما يمتلكونه من مهارات وكفاءات تؤهلهم للقيام بذلك، كما أنها تخفف عن الدولة عبئا كبيرا فى مجال توفير فرص عمل لعشرات الآلاف من المعلمين والإداريين والعمال، بجانب استيعابها لأعداد ضخمة من الطلاب الذين يعنى تواجدهم فى المدارس الخاصة أنهم تخلوا طواعية عن الأماكن التى كان على الدولة أن توفرها لهم فى المدارس الحكومية.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية