كل ما تريد معرفته عن تقرير الطب الشرعي.. هل هو الفيصل الوحيد في حسم القضايا؟
الطبيب الشرعي يجب أن يكون بين أول الوافدين إلى موقع الحدث، حيث ستتوفر له الفرصة المناسبة لمعاينة المحيط وملاحظة وضعية الجثة ولباسها والخصائص الأخرى، وإذا كان عليه التأكد من الوفاة فعليه فعل ذلك بأقل تحريك ممكن للجثة أو إجراء أي تغيير في وضعيتها.
كما يمكن للطبيب أخذ درجة حرارة الشرج ودرجة حرارة المحيط، وإذا حدث أن وجد سلاحًا ما في المحيط فيجب بعد أن يقوم الخبراء بمعاينته ورفع البصمات عنه يمكنه أن يتدخل هو لإجراء معاينة للسلاح.
وقال المستشار محمد عبد السلام قاض سابق بمحكمة الجنايات: إن الطبيب يذهب إلى مسرح الحادث، ويجب ألا يستعجل في الوصول إلى نتيجة ما، بل يترك التفسير حتى تكتمل المعاينة بشكل دقيق
وأضاف عبدالسلام أن الطب الشرعي هو فرع من فروع الطب المعتمدة، يختص في تطبيق العلوم الطبية، خدمة للكثير من المسائل القضائية التي لا يستطيع القاضي البت فيها بعيدًا عنه، كما أن الطبيب الشرعي يكون ملمًا بجميع فروع العلوم الطبية، وكذلك بأمور القضاء والقانون، ولو بشكل عام، فعلى ملاحظات وتقرير الطبيب الشرعي يتوقف مصير العديد من الأشخاص لأن من أهم ما يعرض على الطبيب الشرعي، هو الاعتداء على الأفراد، ومهما كانت طبيعة هذا الاعتداء ونتائجه، فإن على الطبيب هنا، أن يعتمد على مهارته وخبرته وفوق ذلك على ضميره وحياده.
وأشار إلى أن الطبيب الشرعي يعمل في العلن وفوقه سلطة الضمير وسلطة القضاء.. وكثيرًا ما تلجأ المحاكم إلى تشكيل اللجان الطبية للنظر مجددًا في بعض القضايا، مؤكدا أن الطبيب الماثل أمام المحاكم للإدلاء بالشهادة أو إعطاء رأي خبرة في قضية ما، يجب عليه مراعاة الأمور التالية:
1-أن يكون بسيط الكلام يبتعد عن المصطلحات العلمية المعقدة ما أمكنه سبيلًا إلى ذلك.
2-عدم إطلاق النعوت والصفات مما يعطي تفسيرًا خاصًا قد يستغله محامي الخصم على أنه تحامل أو تحيز مع طرف ما وعليه بالتالي الاختصار والإيضاح قدر الإمكان.
وتختلف مهنة الطبيب الشرعي عن مهمة الطبيب الممارس لعمله في العيادة أو المستشفى بالعديد من النواحي وأهمها:
1-إن الطبيب الشرعي هو الذي يقرر شدة الإصابة ووجود العاهة وقيمة العجز الناتج عنها.
2-يكشف حالات التسمم.
3-يقدر السن عند الإفراد خاصة المطلوبين للوظائف المدنية وخدمة العلم وذلك للمتهمين فالقاصر يحاكم بقوانين تختلف عن تلك التي يحاكم بها البالغ.
4-يبحث في قضايا الاغتصاب والحمل والإجهاض وسواها من الجرائم الجنسية التي يقف عليها شرف الفرد والعائلة.
5-يقوم بالتعرف على الأفراد مجهولي الهوية والجثث وأشلائها.
6-يبدي الرأي في أمور طبية أو استشفائية.
7-يعاين الجثث، ضحايا الاعتداء، وأحيانًا يسعى إلى نبشها وتشريحها لتحديد سبب الوفاة.
8-يفحص البقع الحيوية: دم، مني، بول، بقايا أطعمة.
9-يثبت الأبوة أو ينفيها.
إثبات أو نفي نسبة الجريمة
كما قال أحمد سمير المحامي بالنقض أن المهمة تبدأ بإطلاع الطبيب على مكان العثور عن الجثة أو تواجدها ومن ثم دراسة الأشياء في المحيط ونسبتها للجثة ويستحسن الاستعانة بالتصوير الفوترغرافي.
وأضاف سمير بأن يخضع الدليل إلى مبدأ حرية الإثبات والذي بموجبه لا يتقيد القاضي بوسيلة إثبات ولو كانت علمية في إثبات أو نفي نسبة الجريمة لشخص ما.. وهذا يعني تكريسا لمبدأ قرينة البراءة، للدور الهام الذي يلعبه الدليل الشرعي في نفي الجرائم بالنسبة لأشخاص أشتبه في قيامهم بها أو تم اتهامهم بها.
كما أن تقدير القوة الثبوتية للدليل تترك لمراحل المحاكمة- بعد دراسة تساوي بين الدليل الطبي والدليل العلمي والقانوني بصفة عامة، وبين باقي الأدلة من شهادة شهود، واعتراف وغيرها إلا أن الأمر من حيث النتيجة من اختصاص المحكمة المختصة إلا أن الأدلة الثبوتية أقوى من الدليل العلمي خاصة لما يتميز به من موضوعية ودقة، دون الإهمال لوقائع الحقائق.. كما أن إهمال القاضي المختص للدليل العلمي يؤدي حتما إلى التأثير على نتائج التحقيق بحرمانها من شرعية تستمد من الصرامة العلمية.
أدلة الإثبات في التحقيق والمحاكمة
وأوضح "سمير" إن سلطة تقدير القاضي للقيمة القانونية لدليل الطب الشرعي، دون إمكانية مناقشته له، يثير عدة إشكالات على المستوى العملي.. ودائما في الميدان العملي فإنه يتعين التأكيد على المكانة المميزة التي يحتلها الدليل في تفكير القاضي في مجال الدليل الذي غالبا ما يؤخذ به في تكوين القناعة الشخصية إلا أن الدليل العلمي يلعب دورا في مرحلة المحاكمة، كما يخضع تقدير قيمة الدليل إلى مطلق القناعة الشخصية للقاضي إلا إن عدم تقييد القضاة إلا بما قد تحدثه في أدلة الإثبات وأدلة النفي وعلى ضوء وقائع التحقيق والمحاكمة فلا بد من تطبيق لمبادئ الإثبات العلمي بالأدلة المادية ودور الخبرة وخاصة عندما نتناول مسرح الجريمة،الذي هو مكان وقوع الحادث،حيث يمكن إيجاد الكثير من الآثار المادية التي تساعد على كشف الجريمة والفاعل الحقيقي، وكذلك ما يتعلق بالضحية.
خطوات إرسال التقرير الطبي لقضية
فجثمان أى شخص يسلم إلى المشرحة بمذكرة من النيابة العامة ويتم تشريح الجثمان، وبعد ذلك يرسل التقرير الأولى إلى النيابة العامة، وبعد استكمال النيابة للتحقيقات ترسل مذكرة بها تفاصيل وملابسات واعترافات المتهم بشأن الواقعة، ثم يبدأ الطبيب الشرعى فى كتابة تقرير الصفة التشريحية للقضية بخط يده، وبعد ذلك يكتبه مرة أخرى على الكمبيوتر من نسختين، ويتم ختم التقريرين بختم الإدارة والأرشيف الخاص بمصلحة الطب الشرعى ويتم إرسال نسخة إلى النيابة العامة والنسخة الأخرى يتم إرفاق إيصال مخزن الأحراز إن وُجد وكذلك إيصال معمل الطب الشرعى بتسلم عينات المجنى عليه وأصل مذكرة النيابة العامة وتحريات المباحث حول الواقعة وظروفها وملابساتها وجميع الأوراق الخاصة بالمجنى عليه، ويتم وضعها فى أرشيف المصلحة كمرجع للنيابة العامة فى حالة فقد القضية التى لديها.
الطعن على تقرير الطب الشرعي
وكذلك فى حالة الطعن على تقرير الطب الشرعى وإحالة القضية إلى لجنة ثلاثية أو خماسية فلا بد من وجود تلك الأوراق حتى يتم عمل تلك اللجان من خلالها؛ لأنه لا يمكن استخراج الجثة مرة أخرى؛ لأن الجثة تستخرج فى حالة إذا كانت الوفاة صنفت على أنها طبيعية وشك أهل المجنى عليه فى شبهة وفاته جنائيا، وفى هذه الحالة فقط تستخرج جثة المجنى عليه، أما فى حالة الطعن على تقرير الطب الشرعى وإحالة القضية إلى لجنة ثلاثية أو خماسية فلا تستخرج جثة المجنى عليه؛ لذلك فإن نسخة الأرشيف هى فى غاية الخطورة؛ لأنه فى حالة أن النيابة العامة أمرت بطلبها ولم تجدها فهنا سوف تحدث الكارثة وهى إهمال جسيم يصل للحبس.