وسط مطالب بتنحيته.. بيطار يعلن تعليق التحقيق في انفجار بيروت للمرة الرابعة
علق المحقق طارق بيطار الخميس مجددًا تحقيقه في انفجار مرفأ بيروت، بعد دعوى تقدم بها وزيران سابقان يطلبان نقل القضية إلى قاض آخر، وفق مصدر قضائي، في رابع خطوة من نوعها منذ بداية التحقيق في الكارثة.
ويأتي التعليق الجديد بعد أسبوعين فقط من استئنافه إثر رد القضاء دعاوى عدة ضد بيطار.
وغرق التحقيق في الانفجار في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية، فمنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين وطلبه ملاحقة مسؤولين وأمنيين، تنتقد قوى سياسية عدة، على رأسها حزب الله، وحركة أمل، عمل بيطار.
دعوى تطالب بتنحية القاضي
وقال المصدر القضائي، إن بيطار اضطر بعد إبلاغه بدعوى تطالب بتنحيته عن القضية تقدم بها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر أمام محكمة التمييز المدنية "إلى رفع يده عن الملف ووقف كل التحقيقات والإجراءات في انتظار بت المحكمة في أساس هذه الدعوى بقبولها أو رفضها".
وتعد هذه واحدة من 18 دعوى لاحقت بيطار مطالبة بكف يده عن القضية التي تسلمها منذ نحو عام.
وتقدم بغالبية الدعاوى سياسيون امتنعوا عن المثول أمامه، بينهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، وزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق.
مصير بيطار
ولم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ منتصف أكتوبر بسبب رفض وزراء حزب الله وحركة أمل عقد أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبت في مصير بيطار، في بلد ينص دستوره على الفصل بين السلطات، لكن تطغى عليه أيضًا ثقافة "الإفلات من العقاب" التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات، وانفجارات، وملفات فساد، لم يحاسب يومًا أي من المتورطين فيها.
وجاء تعيين بيطار قاضيًا للتحقيق في الانفجار في فبراير 2021 خلفًا لفادي صوان، الذي أمرت محكمة التمييز الجزائية بتنحيته، بعد قبول دعوى تطالب بذلك عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء اللبناني السابق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين.
أكبر قضية
ويعتبر بيطار، الذي يحقق في أكبر قضية تشهدها البلاد منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، شخصية غامضة إلى حد ما بالنسبة للبنانيين، فهو لا يتحدث كثيرا للصحافة ولا يظهر في مناسبات عامة.
وقد ولد، وفق وسائل إعلام لبنانية، في بلدة عيدمون في محافظة عكار عام 1974، والتحق بمعهد الدروس القضائية عام 1999.
قاضي الأحكام الصارمة
شغل بيطار منصب قاض منفرد جزائي في طرابلس بين عامي 2004 و2010، حيث تولى النظر في قضايا جرائم مالية. ثم عين مدعيًا عامًا استئنافيًا في شمال لبنان حتى عام 2017، وتولى التحقيق في جرائم طالت بعض الشخصيات السياسية والإعلامية.
وإضافة إلى مهمته كمحقق عدلي في انفجار مرفأ بيروت، يشغل بيطار منصب رئيس محكمة جنايات بيروت منذ عام 2017.
وخلال توليه رئاسة المحكمة، نظر في عدد من القضايا الجنائية الكبيرة التي شغلت الرأي العام، من بينها جرائم قتل وإتجار بالمخدرات وإتجار بالبشر، ووصفت بعض القرارات التي صدرت عن محكمته بالمتشددة.
غضب القطاع الطبي
ففي مايو من العام الجاري، تم تداول اسم بيطار بشكل واسع في لبنان بعد إصداره حكما في قضية طفلة لبنانية بترت أصابعها نتيجة خطأ طبي. إذ أصدر حكمًا بدفع الجهات المتسببة بالضرر مبلغ مليار ليرة (حوالي 650 ألف دولار) لعائلة الطفلة، إضافة إلى راتب شهري مدى الحياة لها، ما أثار غضبا داخل القطاع الطبي.
لكنه ومنذ يوليو الفائت دخل في مواجهة مع الطبقة السياسية بعد أن طلب رفع الحصانة النيابية عن الوزير السابق والنائب نهاد المشنوق إضافة إلى الوزير السابق والنائب غازي زعيتر؛ تمهيداُ للادعاء عليهما. كما طالب باستجواب عدد من المسؤولين بينهم قادة أمن حاليون وسابقون.
ثم في أغسطس أصدر مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك حسان دياب قبل موعد جلسة استجوابه التي حددها حينها في 20 سبتمبر.
معوقات
لكنه كسلفه، اصطدم بمعوقات ظاهر بعضها قانوني ودستوري، يتمحور حول الحصانة التي يتمتع بها سياسيون والمواد الدستورية التي تحصر النظر في أي اتهامات يواجهونها فيما يسمى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، بينما يرى كثيرون أنها ليست سوى التفاف على العدالة وإمكانية المحاسبة،
وبينما لم يتمكن بيطار من استجواب أي من الأشخاص الذين قام باستدعائهم، بدأ يواجه حملات تتهمه بتسييس ملف القضية واستهداف شخصيات تنتمي لتيارات سياسية معينة دون غيرها وتطالب بتنحيته.