الأحكام الخاطئة!
يحكى أن رجلًا كبيرًا فى السن كان جالسًا فى القطار مع ابنه الشاب الذى يبلغ من العمر 25 سنة، وبدا الكثير من البهجة والمرح والفضول على وجه الشاب الذى كان يجلس بجانب النافذة، حيث أخرج يديه من النافذة وشعر بمرور الهواء وصرخ: "أبى.. انظر.. جميع الأشجار تسير وراءنا!".
فتبسم الرجل الكبير متماشيًا مع فرحة ابنه، وكان يجلس بجانبهما زوجان، يستمعان إلى ما يدور من حديث بين الأب وابنه، وشعرا بقليل من الإحراج فكيف يتصرف شاب فى عمر 25 سنة كالطفل! فجأة صرخ الشاب مرة أخرى: "أبى.. انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات، وانظر إلى الغيوم وهى تسير مع القطار.. إنه منظر رائع". واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى. ثم بدأ هطول الأمطار، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب، الذى امتلأ وجهه بالسعادة وصرخ مرة أخرى: "أبى إنها تمطر، والماء لمس يدى، انظر يا أبي".
وفى هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت، وسألا الرجل الكبير: "لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب، والحصول على علاج لابنك؟!". وهنا قال الرجل: "إننا قادمان من المستشفى.. حيث إن ابنى قد أصبح بصيرًا لأول مرة فى حياته".. وهنا أحس الزوجان بالحرج الشديد واعتذرا للرجل الكبير.
تذكر دائمًا يا صديقى.. لا تستخلص النتائج وتصدر الأحكام قبل أن تعرف كل الحقائق، لكى تتجنب الحكم بصورة غير صحيحة على الناس.. ولنا فى قصة سيدنا الخضر ونبى الله موسى عليه السلام خير مثال، ومن الناحية النفسية يبين لنا علم النفس أن الشخصية المتسرعة فى الحكم من دون النظر إلى الموضوع بشيء من التروى تتصف بـ الاندفاع، وعادة ما يندم المتصفون بالتسرع فى الأحكام ويقعون فى حرج دائم، وهو ما يجعلهم كثيرى الاعتذار للآخرين.