حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم
يربط بين المسلم وغير المسلم الجوار في البيوت وفى مجال العمل، فالعيش في منطقة واحدة وفى بلد واحد تحتم على المسلم وغير المسلم حُسن المعاشرة فهل يجوز للمسلم تهنئة غير المسلمين بعيد الميلاد وأعيادهم ومناسباتهم السعيدة؟
دار الإفتاء تجيب
وأجابت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعا من مجاملة وتهنئة المسيحيين بأعيادهم أو مواساتهم في أي مناسبة تحل بهم، وأن هذا هو التطبيق الأمثل للإسلام، وليس في ذلك خروج عن الدين، أو فيه نوع من الحرمة كما يرى بعض المتشددين، فالدين يسر لا عسر، ولما ورد في "صحيح البخاري": (ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).
ضرورة واجبة
وقال الدكتور محمود كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: لا ضرر من ذلك بل إنها ضرورة وواجبة وهناك أدلة متعددة على ضرورة ذلك منها قوله تعالى في سورة الممتحنة (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وهنا أمر الله تعالى بالبر إليهم وهو أعلى درجات الإحسان فمن البر لمن لم يقاتل المسلم فى دينه او يخرجه من دياره وأهله أن يهنئه بأعياده وأن يعوده في مرضه وغير ذلك.
الأسوة الحسنة
وروى الشيخان بسندهما عن أسماء بنت أبي بكر أنها جاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أمى ـ مطلقة ابى بكر ـ قدمت الى وهى مشركة، وهى راغبة أى فى صلتها والإهداء إليها، أفأصلها؟ قال عليه السلام "صلى أمك" متفق عليه، قال تعالى في سورة المائدة (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم)، وهنا أباح الله للمسلم الزواج من الكتابية ومن المعلوم أن الزوج والزوجة يكون بينهما مودة ورحمة وليظهر لها سماحة الإسلام ورحمته بتهنئتها بعيدها.
كما قال تعالى في سورة الروم (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)، فلا يحسن للمسلم أن يكون أقل كرما من الكتابى بأن يحسن رد تحيته وتهنئته فعن نافع بن عبدالله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال يارسول الله لو اشتريت هذه ولبسته يوم الجمعة فقال رسول الله “إنما يلبس هذه من لا خلاق لهم فى الآخرة، ثم جاءت الرسول حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة، فقال عمر: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت قبل ذلك ماقلت، قال رسول الله انى لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له مشركا بمكة”.
صلة إنسانية
وهذا الحديث يؤكد أن هناك نوعا من الصلة الإنسانية بين البشر رغم اختلاف الديانة وهكذا وبإجماع أهل العلم تجوز تهنئة غير المسلمين بعيدهم.