رئيس التحرير
عصام كامل

أيام سوف يذكرها التاريخ!


الشعب مصدر السلطات هو تعبير دستوري معناه أن الشعب هو صاحب الحق الأصيل في اختيار حاكمه، ونوابه وممثليه، والبرنامج الذي يعبر عن طموحاته وأشواقه.. حتى القاضي الذي يجلس على منصته العالية، يحكم باسم الشعب.


لقد خرج الشعب المصري يوم ٣٠ يونيو، وما بعده، بالملايين.. البعض قدر العدد بأكثر من ٣٠ مليونا، والبعض الآخر قدره في حدود ٢٠ مليونا.. والذي أتيحت له فرصة مشاهدة شريط الفيديو الذي سجلته طائرات القوات المسلحة للمتظاهرين في ذلك اليوم، تأخذه الدهشة والانبهار بتلك الحشود الضخمة التي لم ير العالم مثيلا لها من قبل.. وإذا كنا نقول أن الشعب هو صاحب الشرعية، وإذا كانت هذه الحشود قد اجتمعت حول معنى واحد هو "ارحل"، فقد كان من الواجب على كل مؤسسات الدولة أن تنصاع لطلبها.. لقد سبق للدكتور مرسي أن تعهد أمام الجماهير بأنه سينزل على إرادة الجماهير حال ثورتها عليه، وبالتالي كان على الرجل أن يفي بتعهده وأن يستجيب لنداء الرحيل.. لكنه للأسف لم يفعل !!

لقد أعطت القيادة العامة للقوات المسلحة إنذارا لكل الأحزاب والقوى السياسية أسبوعا للتوافق والخروج من المأزق الذي وضعت نفسها والبلاد فيه، لكنها لم تفعل.. وبعد خروج الشعب يوم ٣٠ يونيو بهذا الشكل المبهر، وفى يوم الإثنين ١ يوليو جددت القوات المسلحة إنذارها الثانى وكان لمدة ٤٨ ساعة فقط، تنتهى الساعة ٥م الأربعاء ٣ يوليو.. وكانت فرصة أخيرة.. فالأمن القومي مهدد.

وفى مساء الثلاثاء ٢ يوليو ألقى الدكتور مرسي خطابه، وبدلا من أن يفتح بابا للتوافق، إذا به يعلن الحرب على الجميع.. كان الخطاب مستفزا ومحرضا.. لم يكن موجها لشعب مصر، بل لأفراد الجماعة وأنصارهم..

وعقب إلقاء الدكتور مرسي لخطابه، اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة لتنظر في حال البلاد، وما هي مقدمة عليه.. فالحشود الجماهيرية لم تنقطع، بل تزداد يوما بعد يوم.. والحشود المقابلة والمناصرة للدكتور مرسي لم تنقطع هي الأخرى.. لكن كان الفارق واضحا.. وسقط العشرات من الشهداء، وأصيب المئات.. وبدا الأمر فعلا وكأننا على شفا حرب أهلية..

وقبل نهاية المدة المحددة، كانت القيادة العامة للقوات المسلحة مجتمعة مع قيادات حزبية وسياسية ورموز وطنية وشبابية، إضافة إلى شيخ الأزهر وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية لوضع خارطة المستقبل..لم تستجب قيادات حزب الحرية والعدالة للدعوة.

وفى الساعة ٩م الأربعاء ٣ يوليو خرج المجتمعون على الشعب المصري والعالم بخارطة المستقبل، والتي تتلخص فيما يلى:
 ١) تعطيل مؤقت للدستور.  ٢) تولي رئيس المحكمة الدستورية إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة لحين انتخاب رئيس، وله حق إصدار إعلانات دستورية.  ٣) تشكيل حكومة كفاءات وطنية، لها كافة الصلاحيات.  4) تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، ولا إقصاء لأحد. 5) تشكيل لجنة لتعديل الدستور.  6) تعمل المحكمة الدستورية على الانتهاء من قانون انتخابات مجلس النواب. 7) إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

عقب إلقاء البيان، كان صدى الحشود الهائلة في القاهرة (ميدان التحرير، الاتحادية، قصر القبة، ودار الحرس الجمهوري)، والإسكندرية، والمنوفية، والغربية، ومدن القناة، والصعيد، رائعا وعظيما..لقد عاشت مصر في بهجة لم تعشها من قبل.. كانت فرحة غامرة، ونتيجة حتمية لشعب قرر وصمد وثابر من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. وبقي أن تكلل الفرحة بالتوفيق في تنفيذ خارطة المستقبل، والله المستعان وعليه التكلان، والحمد لله رب العالمين.
الجريدة الرسمية