تايمز: صراع على السلطة داخل حماس
أفادت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية أن بوادر خلاف تلوح في الأفق بين قادة حركة "حماس" قد تشعل فتيل العنف في الشرق الأوسط، وذلك بعد عشرة أيام من الانفجار الهائل الذي هزّ مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من لوم إسرائيل في هذا الانفجار، الذي أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل، إلا أنه عكس صراعًا على السلطة داخل "حماس" له تداعيات على الشرق الأوسط بأكمله. ووفقًا للمخابرات الإسرائيلية، وقع الانفجار في مخزن كبير للأسلحة والصواريخ خبأته "حماس" تحت مسجد في المدينة، على بعد نحو عشرة أميال شمال الحدود مع إسرائيل. ورغم زعم قادة الحركة أنه لم يكن هناك مخبأ للأسلحة، بل إن الانفجار نجم عن عطل كهربائي أدى إلى تفجير عبوات أوكسجين، إلا أن غالبية اللبنانيين لم يشكّوا في أن الحادث كان نتيجة لعملية تخريبية إسرائيلية استهدفت تزويد "حماس" بالصواريخ المصنعة محليًا بتوجيه إيراني.
العلاقة مع إيران
وقالت الصيحفة: "ألقى الانفجار وعواقبه الضوء على خلاف سري داخل قيادة حماس: فالراديكاليون داخل الحركة على قناعة بأن مستقبل حماس هو وكيل عسكري للنظام الشيعي في إيران، بينما يرفض آخرون هذه الرؤية ويسعون بدلًا من ذلك لاستعادة رعاية القوى العربية مثل السعودية ومصر التي أجبرت حماس على التخلي عن علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين".
ونقلت عن مسؤول استخباراتي غربي قوله إن "الأنظمة العربية المعتدلة قلقة منذ سنوات من العلاقة الحميمة المتزايدة بين حماس والمحور الإيراني. فمثل هذه الشراكة يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على المنطقةو". في اليوم التالي للانفجار في صور، سجل إطلاق نار بين أعضاء "حماس" وحركة "فتح" الفلسطينية المنافسة، التي تحاول منع "حماس" من السيطرة على مخيمات اللاجئين في لبنان، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص آخرين".
"حماس" على شفا الإفلاس
وتتأرجح حركة "حماس" على شفا الإفلاس، بعد أن رفضها معظم رعاتها السابقين في العالم العربي. وتعرّضت عملياتها لجمع التبرّعات بين المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم لضغوط بسبب العمليات السرية التي قامت بها وكالات المخابرات الغربية والضغط على البنوك لحرمان أي منظمة ينظر إليها على أنها واجهة للمتشددين.
نظام مالي مزدوج
ولدى حماس نظام مالي مزدوج: الأول، يحافظ على حكومتها المحلية في قطاع غزة، ويساعد في بناء أجهزتها العسكرية هناك، والتي تموّل من الضرائب والأموال من السلطة الفلسطينية والمساعدات الدولية؛ والثاني، خارج غزة ويمول عملياتها الإقليمية، بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة، ويهدف إلى الحصول على أسلحة لمقاتليها في غزة وتمويل البحث والتطوير في مجال الصواريخ. ويتمّ تمويل النظام المالي خارج غزة، جزئيًا من قبل إيران، وجزئيًا من شبكة دولية من المنظمات الأمامية التي تجمّع التبرّعات الخيرية في المساجد والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ومن الاستثمارات في العقارات والشركات في البلدان الإسلامية. وهذه التبرعات هي في الظاهر للفلسطينيين المعوزين ولكن، وفقًا للحكومة الأمريكية، يتمّ توجيهها لتمويل "حماس". واعتبرت الصحيفة أن قرار الحكومة البريطانية الشهر الماضي تصنيف الجناح السياسي للحركة منظمة إرهابية (تمّ تصنيف الجناح العسكري منذ فترة طويلة على هذا النحو)، سيُسبّب بالمزيد من المشاكل المالية، ويزيد من حدة الصراع على السلطة داخل الحركة.
طرفان متناقضان: مشعل وهنية
وأشارت إلى أن وجود طرفين متناقضين داخل الحركة يشعل الخلاف ايضًا: الأول، خالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، الذي يرأس الآن عمليات الحركة خارج الأراضي الفلسطينية، ويقود سياسة الانفصال عن النفوذ الإيراني.
والثاني، منافس مشعل وخليفته في منصب رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، الذي ينتهج سياسة التقارب مع الإيرانيين.
وبحسب مصادر استخباراتية غربية، يحاول مشعل إعادة بناء علاقات "حماس" مع الأنظمة العربية السنية، ويريد أن يوضح أن "حماس" ليست جزءًا من المحور الإقليمي الموالي لإيران الذي يضم "حزب الله" اللبناني والرئيس السوري بشار الأسد، وبعض الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن. من جهته، شكّل هنية "مكتب العلاقات الإسلامية والعربية" بهدف تجاوز مشعل الذي لم تتم دعوته إلى اجتماعات رفيعة المستوى من أمثال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تركيا.
الدبلوماسية v/s العنف
ورأت الصحيفة أن قرار "حماس" بإطلاق الصواريخ على إسرائيل والتي أشعلت الحرب التي استمرت 12 يومًا في مايو الماضي، جاء بسبب رغبة قادتها في غزة، المتحالفين مع هنية، في أن يُثبتوا للإيرانيين أنهم "استثمار جيد" عندما يتعلق الأمر بمحاربة إسرائيل. على النقيض من ذلك، جادل مشعل بأن "حماس" بحاجة إلى التركيز على الدبلوماسية بدلًا من العنف إذا كانت تريد في النهاية السيطرة على الحركة الوطنية الفلسطينية. ولا تزال قيادة حماس برأيين مختلفين.